لو جاز لي أن أفتى، لأفتيت بحرمة أكل المستورد، وحرمة أكل السلع والمواد التي يرتفع سعرها ارتفاعا جنونيا. أشرت في مقال الأمس أن الإخوة الأردنيين قرروا عدم شراء اللحوم البيضاء بسبب ارتفاع سعرها ارتفاعا فاحشا، وجاء ذلك تلبية لطلب جمعية حماية المستهلك، وأنا صراحة أتساءل لماذا لا تتدخل جمعيات حماية المستهلك في الجزائر وتدعو إلى المقاطعة أو » التمنع « ، فالمقاطعة بينت أنها أسلوب فعال لردع الغشاشين والطماعين ومصاصي الدماء، وبينت أنها سلوك سياسي عادة ما ينتهج لحماية الاقتصاد الوطني أو الانتصار لقضية سياسية، مثلما حدث خلال الدعوة لمقاطعة منتوجات الدنمارك ردا على نشر رسومات تسئ للرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وجاء في الأثر أن المقاطعة للبضائع أقرت حتى في صدر الإسلام، ولم يحدث أن عارضها أي عالم دين أو شيخ فقيه مشهود له. فعندما ترتفع الأسعار ارتفاعا غير معقول، وغير مبرر، يلجأ الناس إلى » التمنع « عن شرائها، حينها يكون العرض أكثر من الطلب، فتتراجع الأسعار بالضرورة. وعندما نقرر جماعيا » التمنع « عن شراء المستورد ، ونقرر جماعيا شراء المنتوج المحلي، ينتعش اقتصادنا وتفتح مناصب شغل في البلد. وهكذا دواليك. إن الأغنياء الذين يشكلون تقريبا 1/3 السكان بإمكانهم أن يشتروا أي سلعة يرغبون حتى بدون السؤال عن السعر، لكن يصبح من واجبهم الإنساني » التمنع « عن شراء السلع والبضائع التي يرتفع سعرها ارتفاعا جنونيا ، خاصة في المناسبات والأعياد كشهر رمضان الكريم تعاطفا مع الفقراء والمساكين. إننا بحاجة إلى فتوى فعلية بهذا الخصوص، تحرّم على الجميع شراء السلع والخدمات حين تفوق قيمتها المستوى المقبول، حفاظا على استقرار المجتمع وحفاظا على التضامن الوطني والاجتماعي، وتعاطفا مع ذوي الدخل المحدود والمعوزين، ونحن أيضا بحاجة إلى فتوى جريئة تحرم أكل المستورد إذا كانت السلعة والمادة تصنع محليا. فخيرنا من أكل من عرق جبينه كما الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وليس من أكل المستورد ، من الهند والسند والصين ومن بلاد العجم وحتى بلاد الوقواق.