تجمّع المئات من الأفارقة الهاربين من جحيم الحرب في مالي في الأشهر الأخيرة أمام مقر قصر المعارض بحي المدينةالجديدة، أين تنام عائلات بأكملها ليلا وتترك أمتعتها نهارا بالرصيف المحجوز لها، متوجهة نحو التسول، وقد فجّرت الأمطار التي عرفتها الولاية ليلة أمس، الوضع، حيث قضت هذه العائلات ليلة كاملة مفتوحة الأعين بعدما بللت الأمطار أفرشتها، وفي الصباح تمّ نشرها على جدار الحديقة العمومية وقصر المعارض وقصر الرياضة مظاهر مثيرة للاستغراب، انتشرت في وهران في الأشهر الأخيرة، بعد توافد عدد كبير من الأفارقة أغلبهم نساء وأطفال نحو حيّ المدينةالجديدة جرّاء الحملة الواسعة التي شنّها سكّان مختلف أحياء المدينة لطردهم، بعدما انتشرت الأوساخ والفضلات في الأماكن التي يشغلونها، ولم يجد هؤلاء غير حيّ المدينةالجديدة للاستقرار به، مع العلم أنّه تمّ نقلهم العام الماضي نحو مركز للاجئين ببلدية بوفاطيس خارج المدينة، إلاّ أنّهم رفضوا الإقامة به وغادروه نظرا لعدم توفر شروط الحياة هناك. وفيما اختفى السوريون تدريجيا من شوارع المدينة، زاد عدد الماليين بشكل لافت للانتباه والذين يمتهنون التسول أمام المساجد والأسواق ويحجزون أرصفة الطرقات وأرصفة مسارات الترامواي، مستغلين أطفالهم من بينهم رضّع في التسوّل واستدرار عطف المارة الذين يشترون لهم الملابس والألعاب والوجبات. وقد ازداد الأمر سوءا تحديدا أمام قصر المعارض الذي ينظم تظاهرات اقتصادية وثقافية بشكل متواصل، آخرها صالون الكتاب الوطني في طبعته العاشرة، وقد استغرب كل من زار وهران في العطلة الربيعية بغرض السياحة، تدهور الأوضاع إلى هذا الحدّ في ظلّ صمت السلطات المحليّة، حيث يتواجد نحو 200 لاجئ أفريقي أغلبهم نساء وأطفال بجوار قصر المعارض على طول أزيد من 100 متر، أين يضعون متاعهم من أفرشة وأغطية وملابس وأواني حصلوا عليها من قبل المحسنين. ونظرا لغياب دورات للمياه وشروط النظافة، فإنّ الفضلات تعّم المكان والروائح الكريهة والأوساخ التي تنذر بوضع صحّي خطير، كما لا يستبعد أن يكون هؤلاء مصابين بأمراض معدية خطيرة نقلوها من بلدانهم، ويعجز المارّة عن استعمال الأرصفة المشغولة من قبل الماليين اللاجئين الذين يثيرون الشفقة أحيانا والسخط أحيانا أخرى، وقد تسببت الأمطار الغزيرة التي عرفتها الولاية ليلة أمس، في عدم نوم هؤلاء وبقائهم مستيقظين طول الليل، بعدما بللت الأمطار أفرشتهم وأغطيتهم التي كانوا يحتمون بها من البرد الشديد في الشتاء رغم استعمالهم للبلاستيك من أجل تجنب تبللها، وهرعوا بسرعة نحو واجهة قصر الرياضة المجاور لتجنّب الأمطار. وفي الساعات الأولى للصباح، تفاجأ مواطنون لنشر الأغطية والأفرشة والملابس المبللة على طول جدران قصر المعارض وقصر الرياضة والحديقة العمومية وحظيرة السيارات بينهما، بشكل أوحى للجميع وكأن المكان تحول إلى مملكة فوضوية للأفارقة أو حوش جماعي مكشوفة عورته، هذه السلوكات تحدث كلما تساقطت الأمطار، وتزداد التخوفات من تعفن الأوضاع بارتفاع درجات الحرارة وحلول فصل الصيف، حيث بالإمكان أن تنتقل الأمراض الخطيرة بسرعة، ولم تحرّك السلطات المحليّة ساكنا. وصرّح الوالي أنّ جميع الأفارقة سيتّم ترحيلهم مستقبلا نحو ولايات الجنوب من أجل إرجاعهم إلى مالي عبر الحدود ولا يمكن أن يستفيدوا من مركز للاجئين، بينما تتدهور مكانة وهران السياحية بالمقابل التي تسعى لأن تكون عاصمة متوسطية بمشاريع عصرية على مستوى عدة قطاعات وبدخول الترامواي مجال الخدمة في الفاتح من شهر ماي المقبل، وكذا ترويجها للسياحة المحلية من خلال تنظيم الصالون الدولي للسياحة في طبعته الرابعة، مع العلم أن الفضاءات التي يشغلونها محل ارتياد من قبل أغلب زائري وهران نظرا لتواجدهم بحيّ المدينةالجديدة المعروف بالسوق الشعبي وكذا قصر المعارض الذي تنظم به معارض للتسوق وغيرها والحديقة العمومية التي تتضمن حديقة للحيوانات يزورها الأطفال وأولياؤهم وقصر الرياضة الذي يتّم به تنظيم تظاهرات رياضية.