قاطعت، أمس، نقابة محامي العاصمة كافة جلسات المحاكمة المنعقدة بمجلس قضاء العاصمة سواء الغرف الجزائية أو المحكمة الجنائية، وقد جاء هذا القرار بعد اجتماع طارئ تم انعقاده بمقر النقابة بالعاصمة، ومن المنتظر عقد اجتماع للمحامين في جمعية عامة طارئة الأربعاء المقبل للنظر في تدهور أوضاع حقوق الدفاع. جاء في البيان الذي أصدرته نقابة المحامين أنه وقوفا عند تدهور ظروف ممارسات الدفاع على حقوق المتقاضين بصفة خطيرة معايشين التجاوزات والاهانات اليومية والحرمان من الترافع والدفاع عن القضايا المكفولة. وأمام عدم اكتراث المسؤولين لمعالجة الأوضاع وإضفاء وتكريس سير العدالة وسلطان القانون، قرر المجلس تكليف النقيب بعقد جمعية عامة غير العادية يوم 24 أفريل لدراسة تدهور أوضاع حقوق الدفاع والانحرافات الخطيرة للممارسات القضائية اليومية. وجاء هذا القرار المفاجئ ردا على نشوب مناوشات كلامية حادة بين نقيب منظمة محامي العاصمة عبد المجيد سيليني، والقاضي الطيب هلالي يوم الخميس الفارط، حيث وصف النقيب، القاضي بالمرتشي في جلسة علنيةÅقائلا »يأخذ الشكارة ويحكم على الناس«، كما قلل من شأنه بقوله »إنه قاضي ولا يساوي شيئا«. وكان نقيب القضاة جمال العيدوني قد استمع أمس بمجلس قضاء العاصمة للقاضي الطيب الهلالي، لأخذ أقواله بغرض اتخاذ الإجراءات اللازمة، وكان القاضي قد أعرب عن إصراره على المتابعة الجزائية للمحامي سيليني، ونظم أمس المحامون وقفة احتجاجية بالغرفة الجزائية الثامنة التي ترأسها القاضي الطيب الهلالي، وقد امتنع القاضي عن الدخول للقاعة، لتندلع مناوشات كلامية بين رجال الأمن والمحامين. وعلى خلفية المقاطعة الشاملة للمحامين، عرفت جلسات المحاكمة شللا في معالجة القضايا حيث تم تأجيل ثلاث قضايا جنائية، كما تم تأجيل كل القضايا المبرمجة في الغرف الجزائية، فيما تم معالجة فقط القضايا التي فضل المتقاضون فيها عدم توكيل محامين. والجدير بالذكر، أن هذه المناوشات جاءت إثر فتح ملف يتعلق بتأسيس بنك الجزائر الدولي بعقد مزور، والذي تورط فيه حوالي 17 متهما من أصحاب المال، حيث قال القاضي للمتهم الرئيسي، وهو أشهر وأقدم موثق في الجزائر أن المساهمين في البنك وقعوا عقدا مزورا، وهنا ثارت ثائرة النقيب ليوجه كلامه مباشرة للقاضي ويقول أنه قد أصدر حكما مسبقا في القضية، غير أن القاضي أبدى احتراما لهيئة الدفاع، ورد على النقيب أن هذا ما ورد في الملف وأنه لا يختلق ذلك من عنده، ولولا قضية التزوير في العقد لما امتثل المتهمون أمامه، مما جعل هيئة الدفاع المكونة من حوالي 30 محاميا تنسحب جماعيا من القاعة، وتم تأجيل القضية إلى وقت لاحق، وكان قد تسرب إلينا خلال الجلسة أن نقابة المحامين سترفع تقريرا إلى وزارة العدل تطالب فيها بتنحية القاضي من محكمة الجنايات، وبالخصوص من القضية محل المناوشات الكلامية. وللإشارة، فإن القانون الجزائري يلزم تعيين محامين في القضايا الجنائية، وبغيابه لا يمكن معالجة أي قضية، في حين يبقى ذلك غير إلزامي في القضايا الجزائية، كما أن القانون يمنح للقاضي حق تسيير المحاكمات وبإمكانه اتخاذ أي إجراء ضد أي محام يعرقل السير الحسن للجلسات. وعلى هذا الأساس فإن نقابة المحامين تسعى من جانبها لانتزاع هذا الحق من القاضي ومنحها حق تسيير الجلسات، وهذا من خلال اقتراح قوانين جديدة سيتم طرحها قريبا من خلال قانون المحاماة أمام المجلس الشعبي الوطني للمصادقة.