فتح مناضلو حزب جبهة التحرير الوطني النقاش حول موضوع التنمية بالجزائر تحت عنوان »التنمية: بالطلب أو بالعرض«، حيث تطرق الأساتذة المحاضرون إلى الحديث عن واقع التنمية بالجزائر، وعن مختلف الخيارات الإستراتجية المطروحة والتي يمكن الانطلاق منها من أجل تحقيق تنمية حقيقية وفعالة، الندوة نظمها قطاع الشؤون الاقتصادية والاجتماعية الذي يشرف عليه عضو أمانة الهيئة التنفيذية عمار تو. استهل العضو القيادي في الأفلان عمار تو الندوة التي خصصها قطاع الشؤون الاقتصادية والاجتماعية لموضوع التنمية بالجزائر وذلك في جلسة نقاش جمعت مناضلي الحزب، وبعض الأساتذة الجامعيين المختصين في العلوم الاقتصادية بمقر الحزب سهرة أول أمس، بالإشارة إلى الهدف الرئيسي من تنظيم مثل هذه اللقاءات التي تدخل في إطار التحضيرات الجارية للمؤتمر التاسع لحزب جبهة التحرير الوطني المزمع عقده في الثلاثي الأول من العام المقبل، انطلاقا من إثراء النقاش وإشراك أكبر عدد ممكن من المناضلين في صياغة برنامج الحزب. عمار تو الذي ترأس الندوة أوضح أن الهدف الرئيس من طرح القضية المتعلقة بالتنمية ينبع من كون رهان التطور يطرح نفسه بقوة لا سيما أمام ندرة الموارد الطبيعية التي تستوجب العمل من أجل دفع عجلة التنمية على مدى السنوات المقبلة، وأكد أن ربط التنمية بمفهومي العرض والطلب لا يعني أبدا المفاضلة بين أحد المفهومين لأن التنمية الحقيقية تكون في النهاية بالتوفيق بين طرفي المعادلة اعتمادا على ترشيد الاستهلاك وتشجيع الاستثمار. وكانت أول مداخلة أكاديمية للأستاذ والخبير الاقتصادي بوكابوس سعدون الذي عرض تجارب بعض الدول المتطورة في ميدان التنمية والمتعلقة أساسا بالعرض والطلب، وكيف أن هناك دولا لجأت إلى خيار الطلب لتحفيز التنمية وتطوير اقتصادياتها على عكس دول أخرى فضلت تشجيع العرض وتطوير الاستمارات، مستدلا في ذلك بنظرية كينز التي جاء بها لمعالجة الأزمة الاقتصادية لسنة 1929. كما اغتنم الدكتور بوكابوس الفرصة للحديث عن مختلف المدارس والنظريات الاقتصادية في العالم التي تباينت رؤاها في معالجة قضايا التنمية، فمنها التي ركزت على العرض وجعلته محورا أساسيا وحلقة جوهرية لا بديل عنها لتطوير الاقتصاد وإعادة إنعاش العملية الاقتصادية، ومنها من ركزت على الطلب لتحقيق تنمية شاملة. أما الدكتور هشماوي حميدات المختص في الاقتصاد، فقد ركز في مداخلته حول التنمية على ضرورة الاستثمار في القطاع الفلاحي، باعتبار أن إمكانيات الدولة الجزائرية لا تسمح بتوفير رؤوس الأموال الكبيرة لضخ عملية التنمية في شقها الصناعي، ومن هذا المنطلق ينصح بالاستثمار في الفلاحة ورفع أجور العمال القائمين على هذا القطاع لترقى إلى أجور عمال القطاع الصناعي، وبالتالي توفير الاكتفاء ورفع العرض بما يغطي الطلب وينعش الدورة الاقتصادية. وخلال النقاش تساءل عدد من المتدخلين عن أنجع السبل والنظريات والاستراتيجيات التي تصلح لمعالجة قضية التنمية بالجزائر، والتي لا تتعارض مع المعطيات الداخلية والخارجية للبلد، كما انتقدوا غياب تشريح مفصل لواقع التنمية بالجزائر وفضلوا الخوض في تداعيات الأزمة المالية العالمية ومدى تأثيراتها على الاقتصاد الوطني، لتختم الندوة بردود الأساتذة المحاضرين الذين اعتبروا موضوع التنمية قضية شائكة تتطلب وقتا كبيرا لشرح مختلف العناصر التي تتصل بهذا المفهوم، مؤكدين أهمية الانطلاق من تجارب الغير في هذا المجال ومحاولة فهم الواقع الجزائري ورسم استراتيجيات بعيدة المدى لتحقيق تنمية شاملة ومتكاملة.