تولي الرباط في المدة الأخيرة أهمية لمسألة ضبط حدودها الشرقية مع الجزائر، وكشفت مصادر مغربية عن تعزيز وجود عناصر الجيش الملكي والقوى الأمنية الأخرى على الحدود الشرقية، ويجري الحديث عن تكثيف عمليات محاربة التهريب فضلا عن مواجهة محاولات تسلل الإرهاب من وإلى المملكة المغربية. يأتي تعزيز تواجد قوات الجيش المغربي ومختلف الأسلاك الأمنية الأخرى على طول الحدود الشرقية مع الجزائر على خلفية التعليمات التي صدرت مؤخرا والتي ركزت على مسألة الرفع من درجة اليقظة والحذر للتصدي لنشاط التهريب، الذي ترتفع وتيرته بشكل كبير في شهر رمضان، وكانت مصادر إعلامية مغربية تناقلها الموقع الاليكتروني هيسبريس، قد كشفت أن دوريات المراقبة رفعت من درجة تأهبها وضاعفت وجودها على الشريط الحدودي لمنع تسلل المهربين وإدخال السلع المهربة، التي تغرق أسواق المدن في المنطقة، مبرزة أن المهربين يسعون، في الفترة الأخيرة، لخلق منافذ على الشريط الحدودي لإدخال سلعهم إلى الأسواق، وتشيرا دراسة إلى أن رقم المعاملات السنوي للمواد المهربة يبلغ 6 مليارات درهم، أي ما يقدر 677.6 مليون دولار، ولاحظت أن الرقم يعادل حجم معاملات ما يناهز 1200 مقاولة صغيرة ومتوسطة، كما قدرت ضياع ما يقارب 32.400 فرصة عمل سنويا، بسبب انتشار هذه التجارة غير الشرعية. ويشكك العديد من المتتبعين في وجود إرادة حقيقية لدى السلطات المغربية للتصدي حقيقة إلى مظاهر التهريب التي تعشش بالمنطقة الشرقية للمملكة منذ القدم والتي ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وبحسب البعض فإن تفشي ظاهرة التهريب التي تمس السلع والبنزين والمخدرات وكل ما يمكن نقله والعبور به من الحدود يعود في الأصل إلى التساهل التي تبديه الأجهزة الأمنية المغربية المكلفة بمهمة مراقبة الحدود وقمع مظاهر التهريب المختلفة. ولعل أكثر ما يمكن ملاحظته هذه المرة هو تعزيز الجيش المغربي تواجده بالعديد من النقاط الحدودية مع الجزائر ، خاصة على مستوى إقليم جرادة، وبالضبط في المناطق المقابلة لجبل عصفور في الجزائر، باعتماد عناصر إضافية ضمن دوريات المراقبة والاستعانة برادارات متطورة، كما استعان بوسائل حديثة تعتمد على المراقبة بالأشعة تحت الحمراء، وجاءت هذه الإجراءات بعد تصاعد محاولات إرهابيين التسلل من الجزائر إلى المغرب، أو العكس عبر منطقة بني حمدون المغربية. ويبدو أن المغرب يريد هذه المرة إثبات حسن نواياه فيما يتصل بالمطالب المتكررة للجزائر لضبط الحدود، ويتهم الطرف الجزائري ولو بشكل غير رسمي السلطات المغربية بالتهاون فيما يتصل بتامين الحدود مع الجزائر وعدم وجود صرامة كبيرة لردع شبكات التهريب وحتى مسألة تسلل عناصر إرهابية من وإلى الجزائر، وكانت الجزائر قد ردت في أكثر من مرة على المطالب المغربية المتعلقة بإعادة فتح الحدود البرية المغلقة منذ 94 بطرح جملة من الشروط أهمها معالجة الملفات العالقة والتي كانت سببا في غلق الحدود، وقيام المغرب بدوره في ضبط حدوده مع الجزائر ومواجهة التهريب الذي يستنزف الاقتصاد الجزائري ويخدم الاقتصاد المغربي خلافا لما يدعيه المغاربة.