عرض وزير التعليم العالي والبحث العلمي رشيد حراوبية بتونس التجربة الجزائرية في مجال إصلاح المنظومة التعليمية الجامعية تماشيا والمرجعيات القياسية الدولية، حيث أكد أن هدف بناء نظام تعليم عالي فعال وعصري شكل مقصدا رئيسيا من مقاصد إصلاح منظومة التربية والتعليم الوطني. أوضح حراوبية في تدخل له خلال أشغال مجلس رؤساء الجامعات التونسية أن الدولة الجزائرية عمدت إلى إحداث شبكة جامعية واسعة ومتنوعة حيث أصبح عدد المؤسسات الجامعية يفوق 90 مؤسسة تغطي كافة مناطق البلاد يزاول فيها حاليا أكثر من 1 مليون و300 ألف طالب دراستهم مع توقعات بارتفاع هذا العدد إلى 1 مليون و700 ألف طالب في آفاق .2017 وقال وزير التعليم العالي الذي يقوم منذ أول أمس بزيارة عمل إلى تونس »إن الجزائر حرصت على بناء نظام تعليم عالي فعال وعصري«. وعن التطور الذي شهده قطاع التعليم العالي ذكر حروابية بأن هذه المؤسسات الجامعية تم ربطها بشبكة رقمية وطنية في الوقت الذي دعم فيه بإنشاء أكثر من 1300 مخبر جامعي للبحث، موضحا أن هذه القاعدة الارتكازية التعليمية سمحت بالقيام بإصلاح عميق لنظام التعليم العالي وذلك باعتماد هيكلية جديدة للمسارات الجامعية في ثلاث مراحل تكوينية تتوج بشهادات الليسانس الماستر والدكتوراه. وأبرز الوزير أن هذا الإصلاح »رافقه تبني مقاربات تعليمية مبتكرة وممارسات بيداغوجية جديدة سمحت بتوسيع عروض التكوين وتنويعها، حيث بلغت في السنة الجامعية الحالية 3279 عرضا في الليسانس و2252 عرض في الماستر و492 عرض في الدكتوراه« .وتماشيا مع هذا المسعى تعمل المؤسسات الجامعية على توطيد علاقاتها مع المحيط الاجتماعي والاقتصادي قصد توفير فرص حقيقية أمام الطلبة بغرض إدماجهم مهنيا في النسيج الاقتصادي والاجتماعي القائم وكذا تشجيعهم على إقامة مؤسسات ناشئة. ولفت حروبية إلى أن دائرته الوزارية تولت إبرام عدة اتفاقيات إطارية مع الدوائر الوزارية الأخرى بالتوازي مع إبرام الجامعات لعقود شراكة مع المؤسسات الاقتصادية في إطار توطيد العلاقات بين الجامعة والمؤسسة.وبالمقابل يرى وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن الجهود حاليا منصبة أكثر على نوعية التعليم والبحث العلمي من خلال العمل على إقامة نظام متكامل لضمان الجودة طبقا للمرجعيات القياسية الدولية وإرساء الحكامة الراشدة للمؤسسات الجامعية»بما يمكن من تحسين تصنيف الجامعات الجزائرية على المستوى الإقليمي والدولي في عالم يتسم بمنافسة حادة في هذا المجال«. وبخصوص التعاون الثنائي بين الجزائروتونس في مجال التعليم العالي أعرب رشيد حروابية عن ارتياحه للمستوى الذي ارتقت إليه العلاقات في هذا القطاع، مبرزا أن عدد الاتفاقيات المبرمة بين الجامعات في البلدين بلغ 44 اتفاقية. وأعرب عن أمله في تعزيز هذه الاتفاقيات بما يسمح لمنظومتي التعليم في البلدين من مسايرة الرهانات الكبرى التي بدأت تفرض نفسها ومنها على وجه الخصوص إيجاد »الموائمة المثلى« بين دواعي الاستجابة للطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم العالي من جهة ودواعي ضمان تكوين نوعي راق يرفع القدرات المعرفية والمهارية للطلبة والخريجين من جهة أخرى. وفي هذا المضمار دعا حراوبية إلى دعم حركية التبادل بين البلدين من خلال تبادل الأساتذة الزائرين وتشجيع الإشراف المشترك على الرسائل والأطروحات الجامعية. كما دعا إلى إعادة تفعيل الندوة الجزائريةالتونسية للجامعات التي تم إحداثها عام 2009 بغرض جعل هذه الندوة فضاء حقيقيا للتبادل والشراكة حول الموضوعات ذات الأولوية في البلدين. وبحث أمس وزير التعليم العالي والبحث العلمي مع نظيره التونسي المنصف بن سالم السبل الكفيلة بوضع استراتيجية جديدة للتعاون الثنائي بين الجزائروتونس تتماشى والتحولات التي طرأت على المنظومة الجامعية في كل من الجزائروتونس. وحسب مصدر مقرب من الوفد الجزائري فإن الاجتماع -الذي توسع لأعضاء الوفدين- ركز على أهمية إعادة النظر في آليات التعاون على غرار ندوة رؤساء الجامعات واللجنة الفنية للبحث العلمي والتكنولوجي ومركز الندوة الجامعية لمدراء البحث كي يتسنى مواكبة التطورات التي عرفتها المنظومتين الجامعيتين في البلدين. وعلى هذا الأساس أكد الوفدان على ضرورة توسيع هذه الآليات مستقبلا للمتعاملين الاقتصاديين، كما شددوا على ضرورة تحويل الجامعة لتصبح بمثابة فضاء حقيقي للتشارك حول المسائل الكبرى التي تهم قطاع التعليم العالي والبحث العلمي مثل نظام الجودة وإشكالية التشغيل والعلاقة بين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية.