عكس العادة اختارت الحكومة شهر جوان للإعلان عن مجموعة من الإجراءات الاستعجالية لتهدئة الجبهة الاجتماعية وهو ما كانت تلجأ إليه موازاة مع مواعيد الدخول الاجتماعي، من هذه الإجراءات تعليمة سلال لأعضاء الحكومة والولاة ورؤساء شركات تسيير المساهمات لبعث الحوار الاجتماعي، وتحديد موعد لقاء الثلاثية الذي تأجل مرات عديدة مع ارتقاب إشراك النقابات المُستقلة ناهيك اللقاء الذي جمعه بالولاة...إجراءات تأتي بعد غليان حاد عرفته الجبهة الاجتماعية منذ مطلع السنة وقبل تسعة أشهر عن الانتخابات الرئاسية. يبدو أن التحضير لدخول اجتماعي هادئ جاء قبل موعده هذه المرة، فالإجراءات الجاري اتخاذها من قبل الوزير الأول عبد المالك سلال تُؤكد بأن الحكومة تُريد تفادي أي تصعيد للجبهة الاجتماعية خاصة بعدما أعلنت عديد النقابات المُستقلة عن تأجيل احتجاجاتها لشهر سبتمبر المقبل وتهديدها بمواصلة مسار الحركات الاحتجاجية التي عرفت منحى تصاعديا منذ مطلع السنة الجارية، بحيث تجسد ذلك في الغليان الذي عاشته قطاعات الصحة العمومية، التربية الوطنية، الجماعات المحلية وغيرها..Åولا يقتصر هدف التهدئة الاجتماعية على الدخول الاجتماعي فقط، حسب ما يذهب إليه بعض المتتبعين للشأن الجزائري، فالاستحقاق الانتخابي المقبل يتطلب بدوره وضعا اجتماعيا أهدأ مما هو عليه الآن بالنظر إلى الظروف الإقليمية والعربية والعالمية وسيما أن الإمكانيات المادية التي تتوفر عليها الجزائر قادرة على تحقيق هذا الهدوء إذا ما أُرفقت بحسن التدبير. ومن الإجراءات التي اتخذها الوزير الأول التعليمة التي وجهها لأعضاء الحكومة والولاة ورؤساء شركات تسيير المساهمات حول بعث الحوار الاجتماعي والتي جاءت بعد لقاء جمعه بالأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد إضافة إلى إعلانه عن لقاء ثلاثي يجمع الحكومة بالمركزية النقابية ومنظمات أرباب العمل خلال شهر سبتمبر المقبل بعدما كان هذا الأخير تأجل لعدة مرات بحيث كان من المُقرر عقده نهاية سنة 2012 ليتأجل إلى شهر مارس الماضي لكنه لم يُعقد بالرغم من الاحتجاجات التي شهدتها هذه الفترة، والجديد في هذا اللقاء الذي سيُخصص لمعالجة ملفات اقتصادية واجتماعية هو ارتقاب إشراك النقابات المُستقلة حسب ما تداولته بعض الأوساط، وهي خطوة بإمكانها أن تعطي دعما قويا لسياسة الحكومة في التهدئة. ولا تقتصر إجراءات التهدئة على المطالب النقابية، بل تجاوزتها إلى عموم الفئات الأخرى وذلك عبر مُعالجة المشاكل المطروحة اجتماعيا بمختلف أنواعها وهو ما تناوله أمس اللقاء الذي جمع سلال بولاة الجمهورية والذي تناول ملفات القدرة الشرائية خلال شهر رمضان، السكن، محاربة البيروقراطية وغيرها من الملفات الاقتصادية..وعليه يُرتقب أن يُباشر الولاة بداية من الأسبوع المقبل في تنفيذ الإجراءات التي تم الاتفاق عليها في هذا اللقاء في محاولة لتجاوز أسباب غليان الجبهة الاجتماعية الذي بدا أكثر وضوحا خلال الستة أشهر الأولى من سنة ,2013 ويُضاف إلى ما تم ذكره لجوء بعض المسؤولين بعد تلقيهم تعليمة الوزير الأول إلى تلطيف تصريحاتهم الرسمية بخصوص الملفات الخاصة بقطاعاتهم وهو ما يُبين إصرار الحكومة هذه المرة في الذهاب بعيدا تجاه ضمان التهدئة الاجتماعية عبر تحقيق ما بإمكانها تحقيقه. ويرى بعض المتتبعين للوضع الاجتماعي أن مدى الالتزام بتطبيق هذه الإجراءات يبقى هو الهدف الأساسي من كل هذه العملية التي كما قالوا، قد تنجح في حال اعتماد الحكومة المصداقية من جهة وتفهم النقابات وكافة فئات المجتمع من جهة أخرى، وذلك بالنظر لحجم التحديات التي تُواجهها الجزائر على كافة المستويات وفي الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة.