يعتقد الكثير من الملاحظين والمتتبعين للشأن الأفلاني أن الحزب العتيد قد خطا خطوة هامة على طريق حلحلة الأزمة التي عاشها قرابة الثمانية أشهر، وذلك بعد أن زكت اللجنة المركزية عمار سعيداني أمينا عاما. بالرغم من المعركة القانونية والإدارية التي دارت رحاها حول التصريح بعقد دورة اللجنة المركزية، إلا أن واقع الحال يؤشر إلى أن الأزمة آخذة طريقها نحو الانفراج، وأن الأفلان في اتجاه لعب دوره كاملا، خاصة أن هناك إرادة حقيقية من قبل الأمين العام الجديد لجمع الشمل بين الإخوة الفرقاء ولملمة الصفوف بعد التشرذم والانقسام الحاصلين داخل الأفلان. إن أولى أولويات القيادة الجديدة تتجلى في إعادة ترتيب البيت الأفلاني، ورأب الصدع، وترميم جدار الثقة بين مختلف القيادات من جهة وبين القيادة والمناضلين من جهة أخرى، لأن إقامة حوار جدي على كافة المستويات وتجسيد مصالحة حقيقية بين أبناء الأفلان، هي مقدمات حتمية لضمان استقرار الحزب وتمكينه من القيام بدوره كقوة سياسية أولى في الساحة الوطنية. ويبدو للعيان أن مسؤولية الأفلان مضاعفة في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد، والمتسمة على وجه الخصوص بوجود تحديات كبيرة على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، يتعين على الحزب العتيد انطلاقا من موقعه ومسؤولياته وتجربته في الكفاح والنضال، أن يساهم في تجاوز مخاطرها المهددة لوحدة واستقرار البلاد والأفلان نفسه. ولعل الرهانات التي تفرض على الأفلان أن يكون في مستوى متطلباتها، تتراءى بجلاء في الأجندة السياسية والملفات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة في هذه المرحلة، وفي مقدمتها التعديل الدستوري المرتقب وإجراء الرئاسيات، في إطار الإصلاحات السياسية التي باشرها رئيس الجمهورية، فضلا عن الإصلاحات المرتقب إدخالها على المنظومة التربوية، بداية من الدخول الاجتماعي الجديد. وإذا ما أضفنا إلى التحديات الداخلية تلك التي تواجهها الجزائر على الصعيد الإقليمي والتهديدات الأمنية التي تحيط ببلادنا على حدودها الجنوبية والشرقية والغربية، فإن الأفلان في ظل هذه المعطيات، يجد نفسه مطالبا قبل غيره، بأن يكون قوة موحدة، متماسكة الصفوف، واعية بكل ما ينتظر منه لإنجاز هذه المهمات الوطنية الحساسة. أمام كل هذه التحديات يتحدد الدور المنوط بالأفلان، الذي هو مدعو إلى الشروع الفوري وبدون تردد في انتهاج سياسة حوار ومصالحة تكرس سمعته ومكانته وهيبته ودوره الريادي في الحياة السياسية، في ضوء الاستحقاقات الوطنية القادمة، وبداهة فإن الحزب العتيد مفروض عليه أن يعمل على استقرار هياكله الداخلية وهيئاته التمثيلية في المجالس المنتخبة وأولها البرلمان الذي باشر دورته الخريفية، كما هو مطالب بتعبئة قواعده وإطاراته تحسبا للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل. إن تحديات الوحدة وتخطي الفرقة والانقسام الداخلي واستعادة اللحمة بين أبناء البيت الواحد، هي المحك الذي تواجهه القيادة الحزبية الجديدة، لأنه على ضوء النجاح في هذه المهمة التي تبدو صعبة لكنها غير مستحيلة، يتحدد مستقبل الأفلان الواحد الموحد، الأفلان القوي المتماسك، الأفلان المؤهل فعلا للعب دوره الريادي والقيادي في الساحة السياسية، والضامن لوحدة الوطن واستقراره، المساهم بوعي في إنجاز نهضته، والنأي به عن كل المخاطر، التي تهدده وعلى رأسها فوضى ودموية ما يسمى الربيع العربي التي تنخر جسم الأمة العربية.