تعيش الساحة النقابية هذه الأيام تحركات واسعة، استعدادا لشن انتفاضات عمالية تشمل ثلاثة قطاعات هي: التربية الوطنية، الصحة والتعليم العالي، ويبدو أنها قد اتفقت مبدئيا في اجتماع أول أمس على التوجّه الجماعي نحو ممارسة الضغط النقابي العمالي على السلطات العليا ، من أجل الحصول على مقعد تمثيلي في أشغال الثلاثية التي تشتغل على مطالب أزيد من ثمانية مليون عامل وموظف من جهة، وفي نفس الوقت من أجل تحقيق المطالب القطاعية الخاصة كل على حده من جهة ثانية. قال مصدر نقابي: »إن المُهلات الزمنية الممنوحة للحكومة ووزرائها الجدد قد أوشكت على نهاياتها، ولم يعد عمال قطاعات التربية الوطنية، والصحة، والتعليم العالي مُلزمين بالانتظار أكثر ممّا انتظروا لتحقيق مطالبهم المهنية والاجتماعية المرفوعة منذ زمن طويل«. وبالفعل هذا ما هو جار هذه الأيام، حيث سعت نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم العالي )كناس( إلى عقد مكتبها الوطني، الذي وجّه هو بدوره الدعوة إلى المجلس الوطني للنقابة من أجل عقد دورة طارئة، والخروج بموقف رسمي بالنسبة للمطالب المهنية الاجتماعية التي مازالت معلقة منذ سنوات، وهي أساسا تتعلق بالراتب الشهري، وظروف المهنة المختلفة، وبالحريات النقابية، والتمثيل النقابي في هيئة الثلاثية المشكلة حاليا من الحكومة الباطرونة ونقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين. وهذا المطلب الأخير هو الذي جرّ نقابة أساتذة التعليم العالي إلى التنسيق الكامل مع خمس نقابات أخرى، من أجل التأسيس الفعلي ل»كنفدرالة وطنية« لموظفي وعمال القطاعات المذكورة، وهي كلها قطاعات تابعة للوظيفة العمومية، أي تابعة للدولة الجزائرية، وقد عُقد اجتماع تمهيدي بالفعل لهذا الغرض، وتقرر التأسيس، وفي نفس الوقت عودة كل نقابة إلى قواعدها من أجل التحسيس والتجنيد، وإقرار الموقف المطلوب قبيل انعقاد الثلاثية أواخر الشهر الجاري. ومن جهتها نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين هي الأخرى تطالب إلى جانب باقي النقابات الأخرى بهذا التمثيل الذي تراه مشروعا، قانونيا ودستوريا، وتطالب أيضا وزارة التربية الوطنية والمستويات الحكومية الأخرى المعنية بتلبية ما التزمت وتعهدت بتجسيده قبل انتهاء المهلة الزمنية المتفق عليها، التي ستنتهي في 31 ديسمبر الجاري. ونفس الشيء يُقال عن نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني )كناباست(، التي ترى في أن وزارة التربية لم تحترم ما التزمت وتعهدت به معها في جلسات الحوار، وقد أظهرت النقابة عدم ارتياحها من موقف الوزارة، ودعتها إلى تلبية المطالب التي هي على مستوى صلاحياتها، والسعي نحو الجهات الحكومية الأخرى من أجل تحقيق باقي المطالب والانشغالات. وهو ما يُمكن أن يُقال أيضا عن النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، التي هي الأخرى ترى أن مطالبها مازالت معلقة، بعضها على مستوى الوصاية ، والبعض الآخر على مستوى الوظيفة العمومية والحكومة، وقد أعطت هذه النقابة اهتمامات خاصة للأساتذة والمعلمين وعمال التربية المتواجدين بولايات الجنوب، وكانت شاركت في كافة الحركات الاحتجاجية المُشنة هناك في الفترة الأخيرة، وهي اليوم واحدة من النقابات التي قررت تأسيس الكنفدرالية المشار إليها آنفا.