يعتبر استدعاء الناخبة من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في توقيت مميز تزامن مع عودته إلى أرض الوطن بعد رحلة علاجية قصيرة قادته إلى مستشفى فال دو غراس بباريس، لم تتجاوز الثلاثة أيام، بمثابة مؤشر عن بداية اتضاح ملامح الخريطة السياسية بالجزائر، وفي انتظار أن يفصح رئيس الدولة عن الخطوة المقبلة، فإن العديد من رؤساء الأحزاب السياسية كانوا سباقين في الإعلان عن ترشحهم لرئاسيات 2014 ولم تمنعهم أي جهات وصية في البلاد من ذلك على عكس بعض الشخصيات التي بقيت في قاعة الانتظار ورهنت مصير مستقبلها السياسي بما سيعلن عنه بوتفليقة. يأتي المرسوم الرئاسي الذي وقع عليه أمس رئيس الجمهورية والقاضي باستدعاء الهيئة الناخبة ليوم الخميس 17 أفريل 2014 بغرض إجراء الانتخابات لرئاسة الجمهورية، في وقت تزايدت فيه الشكوك حول ترشح بوتفليقة من عدمه وما صاحب هذا الجدل من ترقب وانتظار اكتنفا الساحة السياسية طيلة الشهور الماضية، وعليه فابتداء من تاريخ استدعاء هيئة الناخبين سيكون لطالبي الترشح للانتخابات، بما فيهم عبد العزيز بوتفليقة في حال رغبته في الترشح، أجال 45 يوما لإيداع ملفاتهم على مستوى المجلس الدستوري الذي سيبت في صحتها أو عدمها في ظرف عشرة أيام. ويبقى أن استدعاء الهيئة الناخبة يكون قد أزاح جزءا من الغموض الذي اكتنف الساحة السياسية، وسط تساؤلات من بعض أحزاب المعارضة عن إمكانية ترشح بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة من عدمه، وإن كان حزب الأغلبية الممثل في جبهة التحرير الوطني والتي يرأسها بوتفليقة قد فصلت في مرشحها وزكته عبر قناة اللجنة المركزية وغيرها من التجمعات التي أشرف عليها الأمين العام للأفلان عمار سعداني، حيث أن الحزب العتيد أكد في مناسبات كثيرة أن مرشحه للرئاسيات هو عبد العزيز بوتفليقة. الوقت ما يزال كافيا أمام بوتفليقة، مثله مثل أي مرشح، في حال أبدى رغبة في الترشح، أما فيما يتعلق بوضعه الصحي، فيرى الكثير من المتتبعين للشأن السياسي، أن المجلس الدستوري وحده من يحق له الفصل في ملف صحة الرئيس، وعليه فإن وضعه الحالي لا يمنعه من الترشح لعهدة رئاسية رابعة، أما فيما يخص تعديل الدستور فهو من صلاحيات رئيس الجمهورية سواء قبل أو بعد الرئاسيات وهو الرأي الذي ذهبت إليه أحزاب الأغلبية على غرار الأفلان والأرندي. وبالرغم من أن هناك بعض رؤساء الأحزاب الذين أعلنوا رغبتهم في الترشح، إلا أنه عادة ما يتم إقصاء الكثيرين منهم من طرف المجلس الدستوري، لعدم توفر الشروط المتمثلة إما في قائمة تتضمن على الأقل 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس بلدية أو ولائية أو برلمانية موزعة عبر 25 ولاية على الأقل، أو قائمة تتضمن 60 ألف توقيع فردي على الأقل لناخبين مسجلين على قائمة انتخابية ويجب جمع هذه التوقيعات عبر 25 ولاية على الأقل. وفي وسط هذا الغليان الذي تعرفه الساحة السياسية، يتأكد الآن بعد استدعاء الهيئة الناخبة، أن الأمور تسير وفق إطارها الطبيعي، وأن العد التنازلي لرئاسيات 2014 قد بدأ، وسط معركة تنافسية قوية، في مسار إصلاحي أعلن عنه رئيس الجمهورية عبد العزيز، منذ أفريل ,2011 لتأتي الانتخابات الرئاسية التي ستساهم في استكمال عملية بناء الصرح الديمقراطي من خلال انتخابات رئاسية نزيهة تحترم خيار الشعب.