حمّل السعيد عبادو الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، أمس، الدولة الجزائرية مسؤولية التمسّك بمطالب الشعب المشروعة في دفع فرنسا للاعتراف والاعتذار عن جرائمها والتعويض وإرجاع كل ما نهبته خلال الفترة الاستعمارية، واعتبر أن تجسيد هذه المطالب هو المدخل الوحيد والسليم لطي صفحة الماضي وبناء علاقات صداقة وتعاون تخدم أهداف الشعبين. اتهم السعيد عبادو السلطات الفرنسية بمحاولة استغلال ما أسماه »ظروف العولمة« من أجل فرض هيمنتها مرة أخرى على الجزائر متجاهلة في ذلك كل الحقائق والمعطيات التاريخية التي قال بشأنها »إنه لا يمكن في تقديرنا لأي خطوة يقدم عليها الطرف الآخر أن تلغي ما حفلت به مختلف مراحل تواجد الاحتلال الفرنسي فوق ترابنا كحقبة استعمارية مدمّرة..«. وقد اعترف الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين ضمنيا بتقصير الجزائر في الدفاع عن تاريخها وفي التعامل كذلك مع مسألة المطالبة بالاعتذار، حيث أورد قائلا: »إننا لا نستطيع أمام تنامي الأوضاع حولنا تبرير تواضع اهتمامنا بمثل هذه الأحداث الحاسمة«، قبل أن يضيف »علينا أن ننظر حولنا ونتبع أفعال ومواقف الآخرين وخاصة الدولة المستعمرة سابقا وهي قد أخذت منحى تفسير الأحداث وقراءتها من منظور تجاهل الحقائق وتأويلها وفق مصالحها«. ولفت عبادو وهو يتحدث عن أحداث 17 أكتوبر 1961 في الوقفة البرلمانية بالمجلس الشعبي الوطني، إلى أن فرنسا الرسمية اليوم تسير على خطى فرنسا الاستعمارية، مشيرا إلى إصدار القانون الذي يمجّد حقبتها الاستعمارية وهو ما يعكس، حسبه، بأن باريس »تنظر إلى ممارساتها الوحشية في حق شعبنا كأفعال حضارية«، ليعود بعدها إلى زيارة ساركوزي إلى الجزائر في 2007 »ويعلن بكل صلافة رفضه الاعتذار للشعب الجزائري عما ألحقته الحقبة الاستعمارية من دمار بشري.. ويعتبر أن تلك صفحة يجب طيّها«، وهو ما اعتبره مؤشرا لرؤية فرنسية لبناء علاقات على مقاسها. إلى ذلك هاجم السعيد عبادو كذلك قرار رئيس حكومة فرنسا فرانسوا فيلون إنشاء مؤسسة تعنى بحماية ذاكرة حرب الجزائر، كما استنكر ترسيم يوم 5 جوان بدلا من 19 مارس كنهاية لحرب فرنسا القذرة في الجزائر، وكل هذه مؤشرات يرى فيها أمين عام منظمة المجاهدين تكريسا لسياسة الهروب إلى الأمام تريد من خلالها باريس »أن تعفي نفسها من كل مسؤولياتها التاريخية إزاء حقبتها الاستعمارية بكل ما ترتّب عنها من مآسي ومظالم ألمت بالجزائريين«. وذهب المتحدث أبعد من ذلك عندما قال إنه لا جدوى من مساعي فرنسا للبحث عن أي مدخل آخر لا يأخذ في الحسبان حقائق التاريخ ومعطياته، وركّز تحديدا على ضرورة الاعتراف بالجرائم والاعتذار والتعويض وإعادة كل ما نهب من أموال وممتلكات وأرشيف إذا ما أرادت بناء علاقات الصداقة والتعاون القائمة على الندية والاحترام المتبادل، لافتا إلى أنه لا غرابة فيما تقوم به السلطات الفرنسية لأن المسؤولية، على حد تأكيده، تقع على السلطات الجزائرية التي دعاها إلى التحرّك تمكينا لحقائق التاريخ. ورغم أن أحداث 17 أكتوبر 1961 تكشف مدى دموية فرنسا، فإن عبادو تناولها من حيث الهزة التي أحدثتها في المنظومة السياسية الفرنسية »حيث تساقطت جراء ذلك حكومات وخطّط لانقلابات وتمرّدت قيادات عسكرية مما دلّ على أهمية الحدث كصدمة أخلّت بتوازن القيادات العليا الفرنسية«، وهكذا »اقتضت حدة الموقف الاستنجاد بأحد أبرز أعداء الإنسانية السفاح موريس بابون..انبرى لهذه المسؤولية الإجرامية في قيادة سلسلة من عمليات الإبادة الجماعية على مستوى العاصمة الفرنسية كان مغتربونا الأبرياء ضحايا تلك العمليات..«، وخلص إلى القول »إن هذه الأحداث فعلا ثوريا متميزا لم تشهده أو تقرأ عنه البشرية عبر مسيرتها الحافلة بالحروب والصراعات و الأحداث الدامية«.