أكد مجاهدون من ولايتي باتنةوخنشلة أن عملية التنظيم لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة خطط لها بإحكام وسريةس من قبل رجال كان همهم الوحيد هو دحر الاستعمار بشتى الطرق كان لهم عونا في مهمتهم التفاف الشعب الجزائري ودعمه اللامتناهي. أكد المجاهد أحمد قادة من باتنة بالخصال الكبيرة التي كان يتمتع بها الشهيد مصطفى بن بولعيد الذي أخذ على عاتقه -كما قال- مهمة التنظيم القبلي للثورة وسيرورتها بالولاية الأولى التاريخية. وقال المجاهد أن التحضير لإطلاق الشرارة الأولى للثورة كان قد شرع فيه مع نهاية الأربعينات بعد انتخاب بن بولعيد في الحركة الوطنية في منطقة الاوراس الذي فرض بفضل حنكته وبسالته تنظيما محكما للمناضلين في سرية تامة لم يستطع العدو اخترقتها. وأضاف المتحدث أن عملية التحضير هذه رافقها جمع الأسلحة على اختلاف أنواعها وتوزيعها على المناضلين في مختلف نواحي باتنة مؤكدا أن الشهيد بن بولعيد قد ساهم من ماله الخاص في تسليح حوالي 80 مناضلا. وعن نوعية العلاقة التي كانت تجمع بن بولعيد بالمناضلين قال المجاهد قادة أن هؤلاء كانوا يكنون كل التقدير والاحترام لبن بولعيد إلى درجة الالتزام بتطبيق كل قراراته وتعليماته بحذافيرها وفي سرية لا متناهية. واستطرد يقول أن منطقة الأوراس كانت تضم 17 فوجا من إقتراح بن بولعيد بمساهمة عباس لغرور ومسعود عايش وشيحاني بشير وحسين بالرحايل وبن زلماط مسعود مشيرا إلى أن كل القياديين آنذاك ممن كانوا في المنظمة السرية وفي الحركة الوطنية قد اتفقوا على ضرورة قيام الثورة فيما عدا مصالي الحاج الذي كانت وجهة نظرته مختلفة بخصوص مفهوم الثورة. وتحدث المجاهد مطولا عن دور بن بولعيد قي التحضير للثورة وإشعال شرارتها بمنطقة الاوراس حيث أكد بأنه كان يقود 800 مناضلا من المنطقة وكان هو من وزع هؤلاء المناضلين على مختلف الجهات رفقة كل من شيحاني بشير وعاجل عجول ومصطفى بوستة ومدور غروس ومسعود عايشي. كما أبرز في نفس الوقت بأن الفترة الممتدة من سنوات1954 و 1955 و 1956 بمنطقة الأوراس شكلت الأساس للثورة المسلحة فيما بعد لأنها صمدت أمام القوة الاستعمارية لتعطي الفرصة لباقي المناطق الأخرى من الوطن لاحتضان الثورة التحريرية. أما المجاهد بلقاسم حفصاوي الذي كان أحد القادة بخنشلة فقد أكد بدوره بان التحضير للثورة بعين المكان تم تحت قيادة عباس الغرور الذي فجر الثورة رفقة عدد كبير من المناضلين من شعبة الغولة. وقال في هذا الصدد أن إعلان الحرب على المستعمر كان رغم قلة السلاح والذخيرة لكن إرادة التخلص من الاستعمار كانت كبيرة وكان أكبرها التضامن الذي أظهره الجزائريون على اختلاف فئاتهم والتفافهم بقادة جبهة التحرير الوطني. وأما للمجاهد محمد الهادي رزايمية فقد أشاد كثيرا بما قامت به قيادات الثورة بمنطقة خنشلة بما في ذلك عباس لغرور قائد المنطقة في ذلك الوقت حيث شدد على أن هذه القيادات كانت موحدة إلى درجة كبيرة جدا وهو ما أثر إيجابا على التنظيم المحكم لاندلاع الثورة التحريرية وعدم تسرب أدنى المعلومات عنها إلى المستعمر. وما زاد من أسباب نجاح انطلاقة الثورة رحسب ذات المتحدث- هو حرص الشعب الجزائري في كل جهات الوطن على نصرة قيادة الثورة رغم بعض الاختلافات التي كانت تظهر من حين لآخر بين أعضائها لكنه لم يؤثر أبدا على استمرارها وتسجليها للنجاحات تلو الأخرى على حساب العدو. ومن جهته أبرز المجاهد رمضان بن زيدان الذي كان أحد مسؤولي الولاية الأولى بمنطقة خنشلة قدرة قادة الثورة التحريرية المظفرة على التصدي لجميع خطط الإدارة الاستعمارية وجهودها من أجل إخماد هذه الثورة في مهدها. وتمت الإشارة في هذا المقام إلى الحس التنظيمي الدقيق والصرامة في التعامل مع الأحداث الذين أظهرهما هؤلاء القادة خاصة مصطفى بن بولعيد رغم صغر سنهم في التعامل مع الإحداث المتلاحقة قبل وأثناء الثورة. وفي رده على سؤال حول المعطيات العامة لعملية التحضير للثورة شدد المجاهد بن زيدان بقوله بأن كل الظروف كانت مهيأة بغرض القيام بعمليات عسكرية ضد مختلف الأهداف العسكرية والاقتصادية والاجتماعية الفرنسية بمختلف مناطق البلاد سيما ما تعلق منها بإصرار الشعب الجزائري على طرد المستعمر من بلاده. وأضاف بأن وعي قيادات جبهة التحرير الوطني بخطورة الموقف كانت كبيرة إلا أن هذه الخطورة قابلها وعي وإصرار الجزائريين وثقتهم في قياداتهم وفي مصيرهم المشترك.