أصدر حوالي ستين ناشطا سياسيا ينحدرون من منطقة القبائل بيانا موجها للرأي العام من أجل الاعتراف الدستوري بوضع سياسي خاص لمنطقة القبائلManifeste pour la reconnaissance constitutionnelle d'un statut particulier de la Kabylie . ودعا واضعو البيان الجزائريين إلى مناقشته، وضمن هذا الإطار تندرج هذه المساهمة عملا بحرية الرأي التي يضمنها الدستور. يصف واضعو البيان أنفسهم بأنهم يعبرون عن اتجاه له وزنه داخل الرأي العام القبائلي. ولجأوا إلى التهديد والوعيد بأنه في حالة عدم السعي للتوجه نحو وضع سياسي خاص بالقبائل حسب التصوّر الذي يقدمونه وبقاء المأزق السياسي الراهن، فإن الحلول الراديكالية والمؤلمة التي فُرضت على أمم أخرى متعددة الثقافات لا يمكن دائما تجنبها. ويستند واضعو البيان في مطالبهم إلى الإعلان الصادر عن الأممالمتحدة سنة 2007 والمعروف بحقوق الشعوب الأصلية Les peuples autochtones. وتزامن إصدار البيان مع المحاضرة التي ألقاها السيد سعيد سعدي الرئيس السابق لحزب الأرسيدي بجامعة تيزي ورز والتي تضمنت الخطوط العريضة التي جاءت في البيان مع تركيز السيد سعدي على رفض التوجه العربي الإسلامي واعتباره سبب مشاكل الجزائر. وكان الأرسيدي قد دعا خلال التسعينات إلى القطيعة مع الماضي العربي الإسلامي. مما لا شك فيه أن إصدار البيان في هذا التوقيت هدفه الرئيسي ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط ومن الشحن النفسي والمعنوي على متخذي القرار السياسي لتضمين هذه الرؤية في التعديل الدستوري القادم تحت طائلة التهديد بوقوع ما لا تُحمد عُقْباه. كما لا يستبعد أن يكون قد تم ذلك بإيعاز من جهة ما. ويُراد منه أن يكون مماثلا في القوة لبيان أول نوفمبر أي بيانا تأسيسيا لواقع جديد في الجزائر. بداية نحن لا نناقش المطالب التي يرفعها سكان المناطق المختلفة بخصوص النظر في تسيير شؤونهم الحياتية، فهذا من حقهم ومن واجب السلطات العليا أن تصغي لمطالبهم. كما أنه من حق الجزائريين أن يطالبوا بإصلاح دستوري ومؤسساتي عميق يساير التطورات الحاصلة على الصعيدين الوطني والعالمي ومن حقهم كذلك أن يلبي الدستور القادم طموحاتهم في أن يضمن لهم الحرية والأمن والعيش الكريم وأن يجعل من الدولة راعية لكل أبنائها دون تمييز ولا قهر. لكن البيان لم يقف عند هذا الحد بل يشكل دعوة صريحة إلى القطيعة مع كل ما هو قائم واعتبار أن الأوضاع وصلت إلى مرحلة المأزق. وهو لا يختلف كثيرا عن وصف السيدة لويزة حنون للوضع في الجزائر بأنه متفسخ والتفسخ ينجم عادة عن مرحلة ما بعد الموت ودعواتها المتكررة وضغوطها المتواصلة من أجل الإسراع بتعديل الدستور. و يعتبر البيان في جوهره عودة بالجزائر إلى أكثر من نصف قرن من الزمان. ويتحدث عن حتمية تارخية لإعادة النظر في المرجعيات والأسس التي قامت عليها الدولة الجزائرية عبر إعادة تعريف مفهوم الأمة وإعادة تأسيس الدولة. عودة إلى أزمة 1949 المعروفة بالأزمة البربرية داخل حزب الشعب حركة انتصار الحريات الديمقراطية والحديث عن الشعب القبائلي وعن الخصوصية القبائلية بل وحتى عن هوية قبائلية تلك الأزمة التي تسبب فيها تمرد مجموعة محدودة من المناضلين المنحدرين من منطقة القبائل ضد وجود بوادر توجه عربي للحزب في تلك الفترة التي تميزت بتأسيس جامعة الدول العربية وقيام الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين وما تلا ذلك من حشد عربي حول القضية الفلسطينية. عودة إلى مرحلة التحرر الوطني والحقبة الناصرية عبر الحديث على أن الثوابت الوطنية تمثل إيديولوجية شمولية عروبية إسلامية محافظة وضعت في مخابر جمال عبد الناصر. عودة إلى الصراعات التي شهدتها الجزائر عشية استرجاع السيادة الوطنية مع التركيز على ما وُصف بزُمرة وجدة وتصريح الرئيس الأسبق أحمد بن بلة حول العرب. لقد عاد بنا البيان إلى خانة الصفر. ومقابل ذلك، تمت الدعوة إلى بناء عقد اجتماعي جديد عبر القطيعة مع الثوابت الوطنية القائمة. القطيعة مع الدولة الوطنية المنبثقة عن ثورة الأول من نوفمبر من خلال التخلي عن النموذج السياسي القائم بوصفه نموذجا موروثا عن الحقبة الاستعمارية والتخلي عمّا وُصِف بالانتماء المعلن للأمة العربية والأمة الإسلامية لأن ذلك حسب واضعي البيان يعطّل قبول المفهوم المعاصر للدولة والأمة ويشوش الرؤية حول حدودهما ويهز الأسس ذاتها للجمهورية. القطيعة مع واحدية الدولة unicité والتفكير في إقامة نظام اتحادي أو نظام قائم على أقاليم تتمتع بحكم ذاتي تسيّر فيه منطقة القبائل وفق نظام شبيه بمنطقة الكيبك في كندا أوكتالونيا في إسبانيا. فتح المجال السياسي أمام المنظمات التي تنشط من أجل حقوق المجموعات أو الطوائف وحقوق الشعوب، مع الحق في أن يتصرف الناطقون بالأمازيغية بكل سيادة باختيار الحروف التي تكتب بها. يركز البيان على ما يصفه بالقضية القبائلية ويطغى عليه الطابع الأيديولوجي الذي يتميز به دعاة النزعة البربرية berbérisme ويصنف الجزائر كبلد متعدد الثقافات multiculturelle nation ومتنوع اللغات ويشير إلى وجود عدة طوائف أو شعوب تتعايش مع بعضها. وهي طُروحات معروفة لدى الشيوعيين الجزائريين والتي تتلخص في القول بأننا أمة في طور التكوين. وبعد أن استعرضنا أهم المرتكزات التي يقوم عليها البيان، نورد فيما يلي جملة من الملاحظات حول تلك المرتكزات: إن البيان يعود بالجزائر إلى أزمة 1949 ويعني ذلك بداهةً أن كل التطورات التي عرفها المجتمع الجزائري بعد ذلك التاريخ وفي مقدمتها صدور بيان الأول من نوفمبر 1954 وقيام ثورة التحرير الكبرى واسترجاع السيادة الجزائرية وإعادة بعث الدولة الجزائرية سنة 1962 انطلاقا من المبادئ التي ناضلت من أجلها الحركة الوطنية الجزائرية والقيَم التي حملها بيان الأول من نوفمبر، لم تؤخذ جميعها في حسبان واضعيه. فالبيان يعتبر دعوة لقطيعة تاريخية وهُويّاتيّة ودستورية ومؤسساتية مع الدولة الوطنية الجزائرية التي تأسست منذ 1962 ضمن مفهوم الدولة/الأمة والذي اعتبره الموقعون بأنه يعيش أزمة وأن الوقت قد حان لتجاوزه وبالتالي تجاوز الدولة التي تأسست بموجبه. فعلى الصعيد التاريخي، دعا البيان إلى القطيعة مع البعد العربي الإسلامي للجزائر. وطغى الحديث عن القومية العربية المستوردة وعن الثوابت الأيديولوجية المصنعة في مخابر أنظمة عربية وكأنه لا يوجد عرب في الجزائر، وكأن اللغة العربية ليست هي اللغة الرسمية في هذه البلاد، وكأن الجزائر ليست عضوا في جامعة الدول العربية. وركز على البعد الأمازيغي في الجزائر الذي قال بأنه هُمّش واستُبعد وحُورب وأن التاريخ زُوّر وما شابه ذلك من النعوت. أما على صعيد الهوية، فرفض البيان إدراج مكون العروبة ضمن الديباجة. وتحدث عن تطهير عرقي تجاه القبائل وعن سياسة ذات طابع استعماري تسعى لفرض هوية مصطنعة تم إعدادها في مخابر أيديولوجية وغايتها النهائية التعريب الكامل للجزائر. يبدو جليا أن هذه التصورات تنبني على مغالطات أقل ما يقال عنها أنه لا أساس لها من الصحة. فالثوابت الوطنية هي تعبير عن واقع قائم منذ قرون عديدة وليس وليد مرحلة ما بعد استرجاع السيادة الوطنية. والتعريب الذي جرى الحديث عنه خلال السبعينات من القرن الماضي وخمُد تماما فيما بعد وتلاشى نهائيا في التسعينات كان يستهدف إحلال اللغة العربية محل اللغة الفرنسية في التعليم والإدارة والإعلام. ولا يستهدف البتة إحلال أقوام عربية محل أقوام أمازيغية ولا تعريبها. كانت العملية استجابة لمطالب الحركة الوطنية بمختلف فصائلها وشذ عن ذلك الشيوعيون الجزائريون المرتبطون بالحزب الشيوعي الفرنسي. فقد كانت اللغة العربية مطلبا رئيسيا من مطالب الجزائريين طيلة نضالهم ضد المستعمر الفرنسي. واعتبرت المطالبة بترسيمها وترقيتها وتفعيلها في حياة الجزائريين جزءا لا يتجزأ من النضال الوطني. فما قامت به الدولة الجزائرية بعد استرجاع السيادة الوطنية تجاه العربية كان يندرج ضمن هذا التوجه وعدم الالتزام به كان ينظر إليه كخيانة لنضالات من سبقوهم. واللغة العربية عبر تاريخها الطويل منذ ألفيْ سنة على الأقل شكّلت أداة تواصل وتبليغ قبل أن تكون وسيلة قمع وترهيب للآخر الذي يتلقاها. وباعتبارها حاملةً لقيم وتعاليم دينية إسلامية فإنه تم احتضانها من طرف الجزائريين دون جبر ولا إكراه. فبالعربية اكتسب أسلافنا معارفهم وبالعربية ساهموا بإنتاجهم الفكري والحضاري في رقيّ دولهم وعبْر العربية أبرزوا عبقريتهم بين الأمم الأخرى. كانت العربية عنوانا لهم فانتسبوا لأهلها عن قناعة واقتدار وليس عن تبعية وانكسار. وصارت عبر القرون المتلاحقة جزءا من تاريخهم ومن ثمّ من هويتهم. فدافعوا عنها دفاعهم عن وطنهم وما ينكر ذلك إلا جاحد مضلّل أو جاهل بحقائق التاريخ. وعند النظر للحقائق كما هي على الأرض فإن ما يجري في جزائر اليوم هو فرنسة. فالتقارير الصادرة عن السفارة الفرنسية بالجزائر تتحدث عن وجود ما لا يقل عن أحد عشر مليون فرنكوفوني حامل للجنسية الجزائرية. هذه هي حقيقة التعريب والذي يعتبر في حقيقته فرنسة للمجتمع الجزائري. ويمثل ذلك العدد قرابة الثُلُث قياسا بعدد الجزائريين. وبالمثل شكل الإسلام منذ بلوغه هذه الديار في منتصف القرن السابع للميلاد عنصرا أساسيا في الحياة الوطنية، حيث عرّف به الجزائريون أنفسهم وتصدّوا تحت لوائه للآخر في الضفة الأخرى من البحر المتوسط الذي كان يدين بالمسيحية ويعرّف نفسه بوصفه مسيحيا ويحاربهم تحت لواء الصليب. وساهموا في نشر الاسلام وتثبيت أركانه. كان الإسلام عاملا حاسما في تشكّل الوعي لدى المؤمنين به ولم يكن وهو اليوم ليس كذلك، وسيلة قمع ولا حجر على الرأي فلا إكراه في الدين. تلك هي المقولة الخالدة التي جاء بها الإسلام قبل أن تولد قوانين حقوق الإنسان بقرون عديدة . وعندما اكتشف أسلافنا حقيقة الإسلام بوصفه عقيدة تقوم على تحرير الإنسان من عبودية الإنسان أو تقديس مظاهر الطبيعة شاركوا بفعالية وعن اقتناع راسخ في مسيرته. وأسسوا تحت لوائه دولا وحواضر رائدة وكانت بجاية من أبرز تلك الحواضر. فالانتماء إلى الإسلام ضمن تعريف الدولة الجزائرية أو الهوية الوطنية يظل انطلاقا من هذه الحقيقة التاريخية ركنا أساسيا فيها تعرف به ويعبر عنها، فلا انفصام بينهما. من هذه الثنائية تنبع حقيقة المكون العربي الإسلامي في الهوية الجزائرية، ذلك المكون الذي رسخه الحضور البشري للقبائل العدنانية منذ بدايات الألف الثانية من التقويم الميلادي. هذا الحضور الذي تمثل في وجود نصف مليون شخص منذ ما يزيد عن ألف سنة، يضاف إلى ذلك حوالي نصف مليون أندلسي حاملين لثقافة عربية راقية، يعني ذلك أنه مع حلول القرن الخامس عشر كان هناك على الأقل أكثر من مليون شخص يصنفون كعرب. فهل ابتلعت الأرض هذا العدد الضخم. يضاف إلى ذلك العدد الضخم تلك لعناصر ذات الأصل الأمازيغي والتي تعربت نتيجة للتفاعل الحضاري الطوعي مع العرب. وما يؤخذ على البيان أنه يتجاهل هذه الحقائق التاريخية بالرغم من أنه يتكلم على أخذ الواقع القائم كما هو ويرفض بدون رجعة إدراج المكون العربي الإسلامي ضمن مكونات الهوية الجزائرية. ويدعو إلى القطيعة مع هذه الحقبة الخالدة من تاريخ الكيان السياسي الجزائري. ويكتفي مقابل ذلك بالإشارة إلى أن المجموعات أو المواطنين الذين يعتبرون أنفسهم عربا بين قوسين لهم الحق في ذلك. وهذا الاعتراف المتأخر والذي كان غائبا في أدبيات الحركة القومية الأمازيغية منذ الأربعينات جاء مقرونا برفض أي فَرْض، كما قال، للهوية العربية على القبائل. وكأنه توجد هناك عملية فرض قسري تجري تحت السيوف وبين ألْسِنة اللهب. وتلك من أكبر المغالطات التي يتبناها دعاة القومية الأمازيغية. وينسحب ذلك الرفض على الأشخاص والمؤسسات المعهود لها بتمثيل الجزائر بحيث لا يؤذن لها حسب البيان بأن تعرّف نفسها بأنها عربية أو تثبت انتماء الجزائر للعالم العربي. وكأن هذه المؤسسات وهؤلاء الأشخاص يحملون يافطات مكتوب عليها نحن عرب. وكذلك الأمر بالنسبة للدين فالجزائر حسب البيان لا يجب أن تعرّف نفسها بأنها بلد إسلامي حتى ولو كان الإسلام دين الأغلبية العظمى. بالنسبة للطابع المؤسّساتي للدولة فإنه يعكس طبيعة التطور الذي يشهده المجتمع وبالتالي فهو قابل للإصلاح، لكن ما يجب ملاحظته بهذا الشأن أن الحديث عن المواطنين في الدول المعاصرة يدور حول الأسلاف والمعاصرينancêtres et contemporains أو عن قدماء السكان والمعاصرين وليس عن الشعوب الأصليةpeuples autochtones والوافدين والدخلاء. تناسى أصحاب البيان أن الدولة المعاصرة تقوم على مبدإ المواطنة باعتباره حجر الأساس في بناء الدولة الراهنة، فلا تصنف مواطنيها إلى شعوب أصيلة وشعوب دخيلة ولا إلى أحرار وعبيد ولا على أساس الانتماء العرقي أو الطائفي أو القبَلي ولا على الولاء الديني أو المذهبي. تلك كلها أشكال من الاجتماع الانساني تجاوزها الزمن منذ القرون الوسطى. ولا ينبغي بأي حال من الأحوال، إذا أراد الجزائريون بناء دولة لا تزول بتعاقب الأجيال، أن نبقى ضمن سياج العقلية البدائية التي تقوم على تقديس الجهة والقبيلة والعرق والولاء الديني والمذهبي. فما يجمعنا هو الجزائر بمكوّناتها الممثلة في الإسلام والعروبة، وليس العربية فقط، والأمازيغية. الولاء لجزائريّتنا بكل مكوّناتها هي القاسم المشترك بيننا وما عدا ذلك لا يجمعنا شيء. ومما لاشك فيه أنه لم تُفرض في أي من الأيام صفة العروبة على الدولة الجزائرية حيث لا يوجد أي نص دستوري يقول إن الشعب الجزائري شعب عربي، ولكن الدستور الأخير والذي قبله، يشير إلى الأبعاد الجغرافية أو الدوائر التي تميّز الجزائر عن غيرها حيث صنفها كأرض عربية وبلد متوسطي وأفريقي ولم يتكلم عن هوية البشر الموجودين فوقها ولكن تكلم عن مجال جغرافي. والعروبة هنا مجالها هو اللغة وليس البشر مثلما هو الحال عندما نتكلم عن أمريكا اللاتينية، أو عندما نتكلم عن بلدان فرنكفونية أو أنكلوساكسونية. مما لا يخفى على واضعي البيان أنه مقابل تشبّثهم بقبائليتهم، ونحن لا نناقش ذلك فهذا من حقهم ولا جدال حوله، هناك من يعرّفون أنفسهم بأنهم عرب وهؤلاء في واقع الأمر يشكلون الأغلبية في المجتمع الجزائري. وعندما نتكلم عن الأغلبية في هذه الحالة نقصد ما لا يقل عن سبعين في المائة من الجزائريين. وكان يجب أخذ هذا الواقع بعين الاعتبار عندما نتوجه لكل الجزائريين ما دام البيان يتكلم عن الواقع وليس عمّا هو افتراضي. لا شك أن هذه الأغلبية الصامتة يتم الآن إعادة هندستها عبر القول بأننا أمازيغ عربنا الإسلام. وهو قول يتضمن نصف الحقيقة ولا يعبر عن الحقيقة كلها. فهناك فعلا أمازيغ تعربوا كما أن هناك عربا وأتراكا وزنوجا تمزّغوا. وهذا تفاعل طوْعيّ يحصل عادة بين الشعوب التي تتواجد في محيط يشهد تعدّد الحضارات وتعاقبها. والمجموعات السكانية المقيمة في حوض البحر الأبيض المتوسط ومنها الأمازيغ والعرب كانت من أكثر المجموعات البشرية التي تعرضت لمثل هذه التفاعلات. فقد كان البحر المتوسط على مدار التاريخ محطّ صراعات حضارية كبرى وما تزال حتى يومنا هذا موجودة والصراع العربي/الإسرائيلي هو أبرز سمة لها. واليوم، نحن نعرّف أنفسنا ويعرفنا العالم منذ قرون خلت بأننا جزائريون هذا ما يجب أن نتشبّث به . فجزائريتنا هي محل فخر واعتزاز لنا والثوابت الوطنية التي نسجتها وقائع التاريخ عبر الأزمان يجب أن نحافظ عليها فهي مصدر قوتنا وعنوان عزتنا وأبناء الجزائر الذين قادوا أكبر ثورة تحررية قادرون بعبقريتهم على أن يتوصلوا إلى حلول لمشاكلهم ضمن الاستمرارية وليس عبر القطيعة.