بعث الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني برسالة إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يشخص فيها انشغالات مواطني الجنوب في سبعة محاور رئيسية، حيث أكد سعداني في رسالته حرص سكان الجنوب على وحدة وسلامة التراب الوطني والاحترام الكبير الذين يكنونه لشخص الرئيس، كما قدم أمين عام اقتراحات عملية للنهوض بالتنمية بولايات الجنوب بعد سلسلة من اللقاءات غير الرسمية التي قام بها سعداني وأعضاء المكتب السياسي. وجه الأمين العام للأفلان عمار سعداني أمس تقريره إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بعد سلسلة من الزيارات واللقاءات الميدانية التي قام بها رفقة أعضاء المكتب السياسي للحزب إلى ولايات الجنوب للوقوف عن قرب على انشغالات المواطنين، مقدما عدة اقتراحات عملية من شأنها دفع عجلة التنمية والتكفل باهتمامات سكان الجنوب، حيث أكد سعداني أن الأمة تشهد بأن تنمية مناطق جنوب البلاد تشكل وستظل تشكل إنشغالا ثابتا بالنسبة للرئيس بوتفليقة باعتباره المبادر ببرنامج خاص تكميلي للتنمية في ولايات الجنوب وكذا للصندوق الخاص بالتنمية لمناطق الجنوب. واعتبر سعداني في تقريره الذي وعد به مواطني الجنوب بتقديمه لرئيس الجمهورية، أن التنمية في الجنوب غير كافية إذا ما لم تتضاعف الوسائل المتاحة من قبل الدولة بمقاربة متناسقة تأخذ بعين الاعتبار الجانب الخاص لمناطق الجنوب، سواء من حيث هيكلتها الاجتماعية وتشكيلتها البشرية أو من حيث تأثير تراثها الثقافي على التنظيم المجتمعي، حيث التقى الأمين العام بعدد من الشخصيات والأعيان الذين يمثلون مختلف طبقات المجتمع والمقيمين في ولايات الجنوب، مؤكدا تمسك مواطني الجنوب بوحدة وسلامة التراب الوطني والاحترام الكبير الذي يكنونه لرئيس الجمهورية وما يجسده كرمز لوحدة الأمة. وبخصوص انشغالات مواطني الجنوب، طرح الأمين العام تقريره في سبعة نقاط أساسية تتعلق أساسا ضرورة تأطير سياسي وجمعوي وطني الذي يجب أن يكون متجذرا بقوة في الساكنة المحلية، مشيرا إلى أن الحياة الحزبية والجمعوية في مدن الجنوب يجب أن تستثمر أكثر مما هي عليه في الوقت الراهن من قبل التشكيلات السياسية الجمهورية المعترف بها من قبل الدولة وكذا الجمعيات الكبرى ذات البعد الوطني خاصة الأحزاب والجمعيات المتعلقة أساسا وفي العمق بمبادئ التلاحم والوحدة الوطنيين كون الوحدة الوطنية تتماسك في الدرجة الأولى بقدرة وفعالية الأحزاب السياسية وبالحركة الجمعوية الوطنية على تعبئة الساكنة المحلية للجنوب حول قيم جامعة والمثل الموحدة والوحدوية والرسائل الجامعة. الأحزاب القوية أفضل محامي الدولة وأوضح سعداني أن أفضل محامي الدولة، في صراعات كهذه عندما تحدث، هم الهيئات الحزبية والجمعوية المحلية عندما تكون ذات مشروعية وذات مصداقية وذات معدن خام، والأعيان المحليين وشيوخ الزوايا الكبرى وكذا الشيوخ الذين أرست حكمتهم سلطة التحكيم في عاداتنا وتقاليدنا وفي البنية السوسيولوجية للسلطة السياسية المحلية، معتبرا أن السلطات العمومية دأبت على نسجها معهم دون إقصاء أي شخصية، ولا مجموعة ولا زاوية ولا عرش ولا قبيلة، وليست فقط ظرفية أو دورية وإنما دائمة وثابتة، مشددا على أن دور الأحزاب، طالما أنها متمسكة كلها بمبدأ غير قابل للتفاوض عن الوحدة الوطنية، كثابت سياسي وثقافي هو من يرسخ و هو قدر جمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية واحدة وغير قابلة للتجزأ، شريطة أن تحظى هذه الأحزاب بتجذر محلي عميق جدا وكثيف. كما شدد أمين عام الأفلان على ضرورة تأطير عال على المستوى لمختلف الهياكل غير الممركزة للدولة في جنوب البلاد، متسائلا عن تسيير ولايات الجنوب من قبل ولاة حديثي الترقية وهم وغالبا لا يمتلكون تجربة وهو حال المؤسسات الأخرى للدولة، معتبرا أنه بالنسبة إلى كثير من مواطنينا المقيمين في مناطق الجنوب، تتفاعل السلطات السياسية طواعية بهذا الشكل وقد تود أن تجعل من جنوب البلاد حقل تجارب أو على أقل تقدير ميدانا للتعلم تماما كما كان حال الكهنة الكاثوليك في القديم، مشيرا إلى أن هذه التساؤلات التي تبدو شرعية تستوجب مسؤولي الهياكل العمومية التي يصادفها واجب التصرف خاصة وأن هذه المقاربة لا تتطلب تحقيقات من مستوى عال من أجل الوصول إلى نتائج كهذه، ولا توظيف لمصاريف إضافية في ميزانية الدولة. وأضاف سعداني فيما يخص التعيينات في مختلف مناصب الدولة في جنوب البلاد، وفي كل الرتب دون تمييز، أنه غالبا ما يتم تجاهل معايير الموضوعية أو العقلانية إذ يتم تحويل موظفي الدولة إلى هذه المناطق من أجل تعلم مهنتهم دون مخاطرة من أن يؤثر عدم الخبرة سلبيا على تسيير الشؤون العمومية، أو لضرورة تأديبية، وفي الحالتين، فالطريقة هي في نفس الوقت غير عادلة وغير مناسبة، معتبرا أن التأطير من مستوى عال وحده سيسمح بأن ترقى هذه المناطق إلى مستوى المراجع الوطنية فيما يتعلق بالتنمية وسيمحو إلى الأبد هذا الإنطباع الواقعي أو المفترض الذي يحمله المواطنون المقيمون في الجنوب نحو مواطنيهم من الشمال ومسؤولي الدولة. شباب الجنوب هم الإسمنت الضامن لديمومة الدولة كما خصص الأمين العام محورا كاملا للشباب في رسالته، حيث أكد أن شباب ولايات الجنوب هم الإسمنت الضامن لديمومة الدولة والأمة، مضيفا بأنهم لا يرون في محيطهم الآني أي مؤشر يسمح لهم بالاعتراف في صميمهم بانتمائهم إلى هذه الأمة، متسائلا عن هذا الإحساس المولد لديهم، ورد قائلا »الجواب موجود فيما يمكن لأي أحد رصده وفي التساؤلات ذاتها التي قد يطرحها الجميع«، مستدلا بالرياضة في الجنوب والفرق الرياضية وكيفية تمويلها ولعبها الأدوار الأولي وكذا المرافق الرياضية، واصفا هذه الشكاوي ب»البسيطة« نسبيا والتي يمكن تلبيتها طالما حددت السلطات المكلفة بالقطاعات المعنية التوجهات الواردة في البرنامج الرئاسي. ولم يغفل الأمين العام مشكل تنقل سكان الجنوب، حيث أكد أن تنقل الساكنة عامل آخر لتمتين وتقوية النسيج الوطني، مشددا على ضرورة أن تكلف الحكومة بإعداد برنامج الهدف منه نقل عدد من المدارس الوطنية، والمعاهد ومؤسسات تحسين المستوى العسكرية، ومدارس الشرطة، والدرك والجمارك والضرائب إلى مناطق جنوب البلاد، ماعدا الأكاديميات، والحد من عملية إنشائها في الساحل اليوم بشكل قسري، معتبرا أنه على حساب مثل هذه الأعمال القوية والتطوعية يمكننا أن نخلق خليطا من الشعب الضامن الوحيد لاستقرار البلاد. وعرج سعداني في ذات التقرير على تنمية البنى التحتية الأساسية والتي قال عنها إنها عامل استقرار وتمتين للوحدة الوطنية، مضيفا أنه »لا وجود لأقاليم من الجنوب دون مستقبل وإنما يوجد فقط أقاليم من الجنوب دون مشاريع«، مشيرا إلى العديد من المشاريع التي يمكن لها أن تتحقق من بينها النقل بالسكك الحديدية، الطرقات، المياه، الزراعة، مؤكدا أن هذه البرامج المتعددة هي في متناول الخزينة العمومية. وأشار الأمين العام للأفلان إلى أنه بإمكان الجزائر أن تخلق تكافلا بين مختلف مناطق البلاد وذلك بالمساهمة في خلق إحساس لدى كل جزائري ليحب بلده، وحتى ليستقر، ويكون أسرة، ويعيش ويتمتع في المدينة التي يختارها. وتطرق سعداني إلى موضوع الغازات والبترول الصخري والتي عنونها ب»إلدورادو جديدة لدولة الجزائرية ولمناطق الجنوب«، مؤكدا أن وجاهة التعديلات التي تنشئ في القانون الجزائري الجديد المتعلق بالمحروقات إطارا تشريعيا ملائما لاستكشاف واستغلال الموارد غير التقليدية للمحروقات خاصة الغازات الصخرية هي الآن ثابتة بوضوح، حيث أشار إلى أن التكنولوجيا هي في ذات الوقت وسيلة من خلالها سيضمن استخراج الغاز الصخري في أفق 2050 الأمن الطاقوي للجزائر والوسيلة لمواجهة الانشغالات الإيكولوجية والبيئية التي يستمر الجميع في عين صالح وفي غيرها في التعبير عنها بإلحاح. وشدد سعداني على أن الاحتجاجات الأخيرة في عين صالح تكشف عن عجز خطير في التواصل يتعلق ببرامج استكشاف الغاز الصخري كما تم التعهد به، داعيا السلطات العمومية لأن تكرس وقتا لشرح الطابع الغالب غير المؤذي للبيئة وللصحة البشرية للتكسير المائي المعمول به أو الذي سيتم العمل به مستقبلا للشعب، معتبرا ما تناقلته الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي فيما يخص المخاطر المرصودة في بلدان أخرى خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية لا يمكن إسقاطه البتة على الحقول الجزائرية للغاز الصخري بالنظر إلى تموقعها بالنسبة للمناطق المأهولة بالسكان. وأوضح الأمين العام أن الاستغلال المحدد للاحتياطات المعروفة للغاز الصخري سيكون له آثار جد إيجابية على الاقتصاد الوطني بأكمله فيما يخص الثروات الجديدة التي تكتنزها الدولة، والتموين الطاقوي المضمون، وخلق مناصب الشغل المحلية في مناطق الجنوب، وفك العزلة كنتيجة مباشرة عن المناطق المعزولة سابقا والتنمية المحلية المستحدثة، مؤكدا أن هذا التصور المستقبلي يجب اعتباره كورقة طريق، فلا وجود، ماعدا الحقل الشمسي والذي بقي استغلاله الصناعي يواجه عوائق تقنية في ضعف المردودية والذي يتطلب في كل الأحوال استثمارات ثقيلة لبديل آخر لتسيير مرحلة ما بعد البترول وما بعد الغاز التقليديين وضمان الاستقلال الطاقوي للجزائر مع أفق 2050. وذكر سعداني ببعض الاقتراحات المتعلقة بترشيد الحكامة في مناطق الجنوب منها الحكامة الجبائية، الحكامة الزراعية، حكامة تجارية وحكامة إدارية، مؤكدا أن مناطق الجنوب هي المناطق الأكثر تضررا من الطابع المتسم جدا بتمركز الدولة في طرق حكمها وأن الهدف أيضا هو كبح تواجد النشاط الاقتصادي والإداري والاجتماعي للبلاد في الساحل فقط. ضرورة إعادة النظر في التقسيم الإداري للولايات وخلص الأمين العام إلى أنه في إطار المراجعة المستقبلية للدستور وللقوانين التي سيتم اتخاذها قصد تطبيق هذه المراجعة، تشير إلى ضرورة تمليها العصرنة وحركة التاريخ الدولة المركزية حتى و إن كان لزاما عليها أن تبقى ذات سيادة والشعب ذو، مشددا على ضرورة إعادة النظر في التقسيم الإداري لولايات الجنوب لتكييف نسيج الفضاءات ذات التطور الكبير الديمغرافي التي عرفته مناطق الجنوب منذ 1984، الهدف هو خلق ولايات جديدة من أجل تشكيل أقاليم إدارية، واقتصادية، وزراعية جديدة، من جهة، ومن جهة أخرى، التقريب بين المواطن والخدمات الإدارية وتقليص المسافات وضمان تغطية أفضل هكذا لأقاليم الجنوب في مجال الأمن والنقل وخدمات عمومية أخرى.