عرفت مدينتي غاو وتومبوكتو في شمال مالي تجمعات ومسيرات دعت إلى ضرورة الإسراع في التوقيع على اتفاق السلام والمصالحة الموقع بالجزائر خلال الشهر الجاري، وهو ما يعكس حالة الاحتقان الشعبي في هذه المناطق بسبب تماطل عدد من الحركات الأزوادية المسلحة عن التوقيع على اتفاقية السلام التي يعول عليها لإعادة الأمن والاستقرار إلى منطقة تعيش على وقع الاضطرابات الأمنية والإرهاب منذ سنوات. تحدثت وسائل إعلام مالية أول أمس الأحد عن تجمعات ومسيرات شهدتها مدينتي غاو وتومبوكتو بمالي طالبت من الحركات الأزوادية المتحفظة، التوقيع على اتفاق السلام والمصالحة الذي وقع بالجزائر في الفاتح مارس الجاري بهدف الإسراع في بناء البلد، ونقلت عن عبد الكريم سامبا عضو المجلس المحلي للشباب في غاو قوله: » ندعو إخواننا إلى وضع السلاح والالتحاق بنا لإعادة بناء بلادنا المالي«، وأبدى المشاركون في المظاهرات إصرارا شديدا والتزاما بالسلام واللحمة الاجتماعية حيث أكد في هذا السياق نوردو ولد محمد رئيس الشباب العرب بمدينة غاو: »نريد السلام ونحن للسلام وسنوقع على السلام«. وإلى جانب غاو عرفت مدينة تومبوكتو نفس الأجواء الحماسية حيث التقى الزعماء المحليون للمدينة ودعوا إلى ضرورة التوقيع على الاتفاق الذي اعتبروه »عاملا مهما للخروج من الأزمة«، بحيث صرح رئيس المجتمع المدني في تومبوكتو ديديي حمدو مايغا أن »الاتفاق وسيلة تمكننا من الجلوس على طاولة المفاوضات والتحدث بكل صراحة للتمكن من بلوغ أهدافنا«، مضيفا انه »يمكننا اعتبار الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الجزائر مرضيا بما انه يأخذ بعين الاعتبار أهم انشغالات المجتمع«. وجاءت تحركات الشارع في أهم مدن شمال مالي بشكل متزامن مع طرح تنسيقية أزواد، التي رفضت الاتفاق الأول الخاص بالسلام في مالي، 7 شروط أمام الوساطة الجزائرية للعودة إلى المفاوضات وإلى نقطة البداية، أهمها إنشاء برلمان جهوي يخص 5 مدن في الشمال، وتعيين شخصيات من أزواد في أجهزة الدولة التي تحمل صفة سيادية ونشرت صحف مالية، أمس، تفاصيل مطالب التنسيقية التي أبلغتها رسميا للوساطة خلال لقاء تم بكيدال، الأسبوع الماضي. وكان الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كايتا، قد دعا لدى وصوله إلى مطار باماكو، قادما من الجزائر حيث أجرى زيارة دولة دامت يومين، الحركات المسلحة المتحفظة على وثيقة الاتفاق الأوَلي، إلى التوقيع عليها في أقرب وقت »من أجل إقرار سلام دائم بمالي«، ووصف الرئيس المالي في زيارته الأخيرة للجزائر، اتفاق السلام حول الأزمة في الشمال الذي أعلن عنه بالجزائر مطلع الشهر الجاري ب»المتوازن«، مشيرا إلى أنه متفائل بشأن توقيع حركات تحفظت على مضمونه، جاء ذلك في تصريح أدلى به عقب مباحثات أجراها مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في اليوم الثاني من زيارته للبلاد، وقال الرئيس المالي في تصريح للتلفزة الوطنية: »من جهتنا سنعمل كل شيء من أجل الوفاء بالتزاماتنا الواردة في الوثيقة الموقعة في الفاتح من مارس بالجزائر ونحن متفائلون بالنسبة لإخواننا الذين لم يفهموا بعد الموقف المستعجل لنا جميعا لقبول هذا الاتفاق المتوازن«، مضيفا أن الاتفاق »يفتح سبلا جديدة للبلاد من أجل إعادة بنائها ومن اجل السلم في مالي هادئ ومتصالح«، واعتبره من جهة أخرى أنه »نموذج للمصالحة والسلم«.
للإشارة تم في الفاتح مارس الجاري التوقيع على اتفاق السلم والمصالحة في مالي الذي وقع عليه بالأحرف الأولى بعد عدة أشهر من المفاوضات الحثيثة تحت إشراف الوساطة الدولية التي تترأسها الجزائر وقد وقع على الوثيقة إلى جانب ممثل الحكومة المالية ممثلو الجماعات السياسية-العسكرية لشمال مالي المشاركة في أرضية الجزائر وهي الحركة العربية للأزواد (المنشقة) والتنسيقية من أجل شعب الأزواد وتنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة وفريق الوساطة الذي تقوده الجزائر، و تجسد هذه الوثيقة »الالتزام الثابت بوضع حد للأزمة في مالي من خلال الحوار و تكريس المصالحة الوطنية في ظل الاحترام التام للسلامة الترابية والوحدة الوطنية و الطابع العلماني و الجمهوري لدولة مالي«.