[email protected] كم كنتم رائعين يا أنتم يا أسود الجزائر ويا أشبال سعدان ورفاق عنتر يحيى وزياني ومنصوري .. كنتم يا محاربي الصحراء أعلى من الأهرامات لأنكم من رحم الفحلات الجزائريات الأصيلات، ومن صلب وسلالة الرجَالة المنحدرين من قمم الأوراس وجرجرة وفلاوسن والقعدة ولوريط وعصفور وبوكحيل وموطاس والونشريس وطه الشامخ شموخ التوارق الأبطال .. كنتم أكثر علوا وشموخا من أهراماتهم لأنكم من هاته الطينة الأصيلة من جبال عمور والبابور وكل قممنا وجبالنا الشامخات الشاهقات التي يعلوها الاخضرار الدائم و تكسوها الثلوج لأنها تكره السواد ولأنها تمد قلوب من تحتضنهم بصفاء السريرة مثلما تزيدهم صخورها علوا وصمودا وصلابة .. كانت عزيمتكم قوية في أن تنتزعوا التأهل حتى لو كان ذلك من المريخ هذا الكوكب البعيد عنا والذي نقوله للتعجيز عندما يكون الطلب أبعد من المستحيل. لكنكم يا هؤلاء الرجَالة حققتم ما كان مستحيلا و أثبتم للصديق العزيز محمد روراوة أنكم قادرون على افتكاك النصر من المريخ الأرضي، من السودان الشقيق التي خرج أبناؤها يرفعون معكم أعلام الجزائر و ينشدون مع الأنصار الجزائريين الذين احتضنتهم قلوب السودانيين )وان تو تري فيفا لالجيري (.. واحد.. اثنين.. ثلاثة.. تحيا الجزائر.. كانت عزيمتكم فولاذية، وكان صبركم أيوبيا على من أساء للأخوة و لكرم الضيافة، فاستقبلكم بوابل من الحجارة بدلا من أن يستقبلكم بالورود أو بالتمر والحليب التي هي عادة أصيلة ترسخت في هذه الأرض منذ القدم عندما اختلطت دماء أبناء هذه الأرض عربهم وأما زيغهم منذ خمسة عشر قرنا خلت فنسجت دما واحدا هو هذا الدم الجزائري الثائر على الدوام لنصرة الحق والعدل وضد الحقرة والضيم والمهانة. كنا نظن أن الإخوة في مصر عبد الناصر وسعد زغلول وعرابي ومحمد علي سيستقبلون أحفاد الأمير عبد القادر والمقراني وبن شهرة وسلالة أبناء وبنات ثورة أول نوفمبر التي رفعت رأس العرب عاليا على الأقل بالورود لأن الإخوة في مصر ليس لديهم أجود التمور التي عندنا .. بل و كنا نتوهم أنهم سيستقبلون ضيوفهم و أشقاءهم من أرض الثورة و الثوار بالأهازيج والأفراح لا بإقامة الأعراس الوهمية و الضجيج حول الفندق لإثارة أعصاب لاعبينا، وتناسوا أن الأمر مجرد لعبة كرة تنتهي بعد تسعين دقيقة وأن من يفوز فيها يجب أن يمثل العرب جميعا في عرس دولي تتبارى فيه العقول قبل الأرجل في لعب فني رفيع جميل، لكنهم وهم المشهورون في فن التمثيل وخاصة الهزلي منه ضربونا واشتكوا منا للفيفا بدعوى أن أبناء سعدان هم من كسروا زجاج الحافلة و جرحوا أنفسهم!! ولكن الحيلة لم تنطل على خبراء الفيفا الذين أنزلوا عقوبتهم على )فريق المعلم شحاتة(، ولذلك فقد أضاع الفراعنة كل شيء التأهل والحيلة معا.. لقد لعبوا مسرحية هزلية )بايخة( بالتعبير المصري هدفها تسييس فن نبيل والضحك على الجماهير المصرية الغلبانة التي حاولوا أن يملؤوا أدمغتها ويعبئوها بمشاعر الكراهية ضد الجزائر الذي صوبت لها كل السهام والمدافع وكأننا نعيش في حرب 1967 أو 1973 التي خاضها الجندي المصري والجزائري جنبا إلى جنب ضد العدو المشترك للأمة العربية.. كنا نتمنى من تلك الوسائل الإعلامية وخاصة تلك القنوات الفضائية في الشقيقة مصر و التي يبدو أن سلاحها الفتاك هو التهريج أن تبحث عن مواضيع أخرى غير الإثارة لمعالجة الأخطاء التي قد يقع فيها الفريق المصري في مواجهته للفريق الجزائري، فمن حقهم أن يقنعوا جماهير شعبهم لمناصرة فريقهم ولكن دون تجييش مشاعر المصريين ضد الفريق الجزائري وضد الأنصار الذين كانوا متشوقين ليشاهدوا لعبا جميلا وجمهورا يتذوق الكرة.. أما أنت يا شعبنا العظيم فقد أثبتت أن جذوة الوطنية التي ظن بعضهم أنها انتهت مازالت متجذرة فيك كما كانت وأكثر مما كانت، فقد أعدتنا إلى روح تلك الأيام الجميلة من جويلية عام 1962، فمثلما احتفلت بالأمس بالانتصار والاستقلال، هاأنت ذا تجدد فينا روح التحدي عبر هذه الأعراس الجزائرية التي امتدت إلى كل مدينة وقرية ودشرة في هذه الجزائر الجميلة الشاسعة.. شكرا لكل جزائري وجزائرية فرحوا بانتصار فريقهم وخرجوا يحملون الألوان الوطنية الزاهية في أي مكان من العالم يتواجدون فيه، بما في ذلك القطب الجنوبي المتجمد من الكرة الأرضية.. وشكرا للسودانيين وللعرب الذين فرحوا معنا لأننا سنكون سفراءهم هناك في المونديال العام القادم.. وشكرا للرئيس بوتفليقة الذي أحس بنبضات شعبه فأقام جسرا لنقل الأنصار إلى الخرطوم مؤازرين مناصرين لفريق هو أعلى من الأهرامات مهما تطاولوا عليه وعلى شعبه العظيم وعلى ثورته العملاقة..