قمة المناخ بكوبنهاغن آلت إلى الفشل كما كان متوقعا، لا اتفاق حول إنقاذ العالم من الخراب، ولا اتفاق بشأن المساعدات الواجب تقديمها للدول الفقيرة لمواجهة آثار الكارثة التي حلت بها بفعل ارتفاع درجة حرارة الأرض، ولا اتفاق بخصوص نسبة التقليص من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز اختزل الفشل في جملة بليغة عندما قال مخاطبا أغنياء العالم "لو كان المناخ بنكا لأنقذتموه"، فالغرب يصبح منقسما وعاجزا عن اتخاذ القرار عندما تتطلب مصلحته ذلك، فمواجهة تغير المناخ ليست حاجة ملحة في نظر كبار الرأسماليين، بل إن إنقاذ الكوكب وسكانه يمر بالحد من جشع الشركات العملاقة التي تلوث البيئة وتصر على تدمير العالم من أجل تحقيق مزيد من الربح، وحتى الذين يرفعون راية الدفاع عن البيئة يريدون تحويل الأمر إلى تجارة أخرى تمنحهم مزيدا من السيطرة عن طريق بيع الخبرة والتجهيزات التي يقوم عليها الاقتصاد النظيف. العالم كله يعرف من لوث البيئة ودمر الأرض وأفسد فيها، بل إن المفسدين في الأرض لا ينكرون أفعالهم كما يبينه لنا الموقف الرسمي الأمريكي، بل هم يبحثون عن تبرير لتقاعسهم عن تحمل مسؤولياتهم، ومن الغباء أن ننتظر حلا لمشكلة البيئة من خلال عقد هذه الاجتماعات التي تطبعها الفوضى وتتحول إلى مجرد لقاءات بلا هدف تنتهي بأخذ الصور التذكارية واعتماد بيانات بلا مضمون. مشكلة البيئة تسببت فيها أنانية الإنسان التي جعلها الفكر الرأسمالي ميزة، فالإنسان يخرب بيته بيديه لأنه خاضع لمطالب نفس لا تشبع، والرأسمالية التي تجعل من هذا النهم ميزة عظيمة فتحت الباب أمام الشركات العملاقة لتسيطر على كل شيء وتجعل تدمير البشرية السبيل للحفاظ على الثروة التي تتركز في أيدي القلة القليلة من البشر. إصلاح الضرر الذي لحق بالبيئة لا يمكن أن ينجح إلا إذا مر عبر إصلاح العلاقة بين البشر والكون، وما من سبيل لهذا الصلح بين الإنسان وبيئته، التي هي بيته، سوى تفكيك هذا النظام الرأسمالي المتوحش الذي يقدم البشرية قربانا لإله جديد يدعى الدولار.