لا تزال العقلية التوسعية تسيطر على عقول بعض المغاربة، حيث أثارت بعض الجمعيات في المملكة مؤخرا، بمجرد مصادقة البرلمان الفرنسي على قانون يقضي بتقديم تعويضات لضحايا التجارب النووية الفرنسية بالجزائر، »حكاية« المطالب الترابية للمغرب في الجزائر، وزعمت بعض الجمعيات في المغرب، خاصة ما يسمى ب » جمعية الصحراء المغربية« أن جزءا من المناطق الصحراوية التي أقيمت عليها التجارب النووية هي » أراضي مغربية قامت فرنسا بضمها للجزائر فيما بعد«. راسلت ما تسمى ب »جمعية الصحراء المغربية« الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لتبلغه بزعمها أن» أن بعض المناطق في الصحراء الجزائرية التي كانت مسرحا للتجارب النووية سنة 1960 كانت أراض مغربية خاضعة آنذاك للحماية الفرنسية وأن فرنسا ألحقتها بعد ذلك بالأراضي الجزائرية في إطار حرصها على توسيع رقعتها الاستعمارية في الجزائر«،وقالت المصادر المغربية التي عادت للترويج لخرافات العرش العلوي ومرض التوسع الذي يسكنه أن الرئيس الفرنسي آنذاك الجنرال ديغول كان قد وجه رسالة إلى الملك المغربي الراحل محمد الخامس باعتباره، ملكا للمغرب الذي كانت تلك المنطقة، حسب زعم المغاربة طبعا، تابعة له وخاضعة قانونيا لسيادته ويتعلق الأمر، حسب نفس المصادر، بمنطقة جنوب رقان، يخبره فيها أن فرنسا ستجري تجارب نووية هناك،وأضافت أن »محمد الخامس رفض الطلب الفرنسي في يوم 19 أفريل 1960، من خلال رسالة عبر من خلالها لديغول عن معارضته الشديدة لإجراء هذه التجارب بالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي تكتسيها ضد الإنسانية«. تحرك الجمعيات المغربية، خاصة ما يسمى ب "جمعية الصحراء المغربية« جاء مباشرة بعد مصادقة الجمعية الفرنسية » البرلمان « على قانون ينص على تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، وصدور هذا القانون في الجريدة الرسمية للجمهورية الفرنسية مؤخرا، مما يعني دخوله حيز التنفيذ، ويبدو اهتمام المغاربة بهذا الملف بعيدا عن الطابع الإنساني،حتى وإن ادعوا بان الوقائع، أي التجارب النووية، تعني أن الأشخاص الذين تضرروا من هذه التجارب أو لقوا حتفهم من جرائها هم مغاربة مما يفرض تدخل السلطات المغربية المسؤولة في هذه القضية وتصبح طرفا معنيا مباشرا بها، فما يهم بعض حركات المجتمع المدني في المغرب ومن ورائهم نظام المخزن هو إثارة موضوع المطالب الترابية للمغرب في الجزائر، وإحياء تلك الأطروحات البالية التي طالما تغنى بها النظام المغربي، وهي أن اجزاءا من المناطق الممتدة على طول الشريط الحدودي بين البلدين من البحر وصولا إلى الصحراء، هي أراضي مغربية قامت فرنسا بضمها للجزائر قبل الاستقلال. ويقدم النظام المغربي، بشكل مباشر أو عبر وسائطه الجمعوية والإعلامية في كل مرة الدليل والحجة بأنه نظام توسعي لا يؤتمن جابه، وبان مطامع الرباط تتجاوز حدود الصحراء الغربية، إلى باقي دول الجوار وخصوصا الجزائر وموريتانيا، وبالنسبة لنظام المخزن والعرش العلوي، وبالنسبة لبعض المغاربة المستفيدين من سياسة استعداء الجيران، فإن التخلي عن المطالب الترابية هي مسألة تكتيكية، ويبقى التوسع يشكل خيارا استراتيجيا بالنسبة للنظام المغربي، وما يحول دون تحقيق هذا الهدف هو »الوحل الصحراوي« وضعف المغرب أمام الجزائر وعدم امتلاكه القوة الكافية لكي يأخذ بالقوة ما يعتبره أراضي مغربية سلبت منه وألحقت بالجزائر.