لا يستبعد المتتبعون للعلاقات الجزائريةالأمريكية أن تكون المكالمة الهاتفية التي بادرت بها كاتبة الدولة الأمريكية للخارجية هيلاري رودام كلينتون أمس الأول مع وزير الخارجية مراد مدلسي في إطار مساعي واشنطن لشرح الدواعي السياسية والأمنية لقرارها الأخير الذي أدرج الجزائر ضمن قائمة الدول الخطرة في محاولة لامتصاص غضب الجزائر التي استنكرت القرار وأعلنت رفضها لأن يتعرض رعاياها لمعاملة تمييزية في المطارات والموانئ الأمريكية. رغم أن البيان الصادر عن وزارة الخارجية لم يشر صراحة إلى أن القرار الأخير الذي اتخذته واشنطن والقاضي بإدراج الجزائر ضمن قائمة تضم 14 دولة اعتبرتها مصدرة للإرهاب وتمثل خطرا على الأمن الأمريكي مما يستدعي إخضاع رعاياها الراغبين في دخول الأراضي الأمريكية لإجراءات تفتيش خاصة، كان محور المكالمة الهاتفية التي بادرت بها ممثلة الدبلوماسية الأمريكية هيلاري كلينتون أمس الأول، واكتفى البيان بالتأكيد على أن الحديث بين ممثلي دبلوماسية البلدين تمحور حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك خصوصا حول الشروط و الإجراءات التي من شأنها ترقية العلاقات الثنائية أكثر بين الجزائروواشنطن. وتأتي هذه المكالمة الهاتفية التي بادر بها كلينتون بعد أقل من 24 ساعة على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مراد مدلسي والتي لم يخف فيها انزعاج الجزائر من القرار الأمريكي واندهاشها من إجراءات المراقبة الأمنية التي اتخذت ضد مواطنيها، حيث أكد الوزير ورد بلهجة حادة أن المطارات الجزائرية الأكثر أمنا في العالم. كما أعلنت الجزائر على لسان مدلسي صراحة رفضها لهذا الإجراء ودعت واشنطن إلى مراجعته، قائلا »أتمنى أن تكون رسالة الجزائر التي وجهت عن طريق القنوات الدبلوماسية مثمرة حتى يتم عن قريب طي هذه الصفحة، خاصة وأن هذا القرار اتخذ بصفة فردية دون استشارة للطرف الجزائري. وينتظر في الجزائر وصول وفد أمريكي من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية للقاء مسؤولين في الحكومة لشرح دوافع واشنطن لاتخاذ هذه الإجراءات، بعد استدعاء وزير الخارجية مراد مدلسي للسفير الأميركي في الجزائر ديفيد بيرس، لإبلاغه استياء الجزائر من الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها الإدارة الأميركية بخصوص الجزائريين الراغبين في السفر إلى الولاياتالمتحدة على خلفية التهديدات الإرهابية الأخيرة بعد اتهام النيجيري عمر فاروق بمحاولة تفجير طائرة أمريكية كانت متوجهة من امستردام إلى ديترويت. ولا تستبعد قراءات المتتبعين أن تراجع الولاياتالمتحدة قائمة الدول المعنية بهذا القرار الذي حذت حذوه باريس ومن المنتظر أن تتبعه بقية الدول الأوربية لعدة اعتبارات في مقدمتها أن الجزائر من الدول التي كانت سباقة لخوض حرب ضد الإرهاب وأصبحت محط أنظار عديد من الدول ومنها واشنطن بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 للاستفادة من خبرتها في مكافحة الإرهاب، وأنه من المجحف وغير المنطقي تصنيفها في قائمة الدول المصدرة للإٍرهاب.