دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمس، الجزائريين إلى الانخراط إيجابيا في سياسة الدولة من أجل ضمان استغلال عقلاني للموارد المائية، وقال إنه من دون ذلك فإن تأثير أي مسعى وطني في هذا الاتجاه سوف لن يكون ذو جدوى، ومقابل ذلك التزم رئيس الجمهورية بأن تواصل الدولة جهودها قصد تمكين تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية على الرغم من اعترافه بصعوبة المهمة في ظل لتحديات التي تعرفها المعمورة. اعتبر رئيس الجمهورية في رسالة له بمناسبة اليوم العالمي للماء، أن السياسة التي انتهجتها الدولة في السنوات الأخيرة من خلال جعل الماء أولوية وطنية، قد أتت بثمارها على أساس أن مؤشرات التنمية البشرية في مجال الموارد المائية سجلت تحسنا ملموسا، مشيرا إلى أن نسبة التوصيل بشبكات التزويد بالماء الشروب وصلت اليوم إلى 93 بالمائة ونسبة التوصيل بقنوات الصرف إلى 86 بالمائة، فيما بلغ متوسط استفادة المواطن اليومية من الماء الشروب 168 لترا في أكثر من 70 بالمائة من البلديات. وبرأي بوتفليقة فإن هذه الأرقام »تضع الجزائر في مقدمة البلدان التي حققت الأهداف الإنمائية للألفية التي حدّدتها منظمة الأممالمتحدة في مجال الموارد المائية«، مضيفا أنها »ستسمح لنا بالتصدي لشح المياه وتحدد المساعي التي يتعين علينا مواصلتها في مجال الري أي ورشات الحفاظ على هذا المورد وتسييره وإعادة تدويره«، وقال أيضا إن الجزائر »تنتج في مجال التزود بالماء الشروب 60 محطة معالجة 2.75 مليار متر مكعب سنويا تخضع معايير سلامتها للرقابة من قبل شبكة تتكون من 120 مخبرا متخصصا«، على أن يبقى هدفها إنتاج ما يقارب 3.6 ملايير متر مكعب سنويا بنفس شروط الجودة والسلامة الصحية مع المطابقة للمعايير العالمية قبل عام 2015. كما أورد رئيس الدولة في رسالته أن الجزائر أخذت بتوصيات الهيئات الأممية فيما يتعلق بمعايير النظافة وجودة المياه، مبرزا ذلك بقوله: »وفيما يخصّ جانب التطهير فإن ما تمّ من الاستثمارات سمح لبلادنا بامتلاك تجهيزات قائمة لمعالجة المياه المستعملة بمقدار 800 مليون متر مكعب سنويا«، ومن المقرر، حسبه، أن يرتفع الرقم هذا في عام 2015 إلى 1.2 مليار متر مكعب سنويا بعدما كان لا يتجاوز 90 مليون متر مكعب سنويا في عام 1999، وهذا ما يعني قدرة على معالجة مياه الصرف بنسبة 97 بالمائة. ولاحظ الرئيس بوتفليقة أنه فضلا عن تحسين جودة معيشة المواطن »ستسهم أحجام المياه المسترجعة هذه في تطوير النشاط الزراعي وتمثل في الآن ذاته كسبا هاما في مجال الموارد المائية«، قبل أن يتحدث عن تأثير الانجازات هذه في مجال الصحة العمومية الذي اعتبره »تأثير بالغ، ذلك أن تشغيل شبكات تجميع ومعالجة المياه المستعملة في الوسط الحضري والريفي صاحبه على الدوام تراجع واضح للأمراض المتنقلة عن طريق الماء التي انحسرت بنسبة 30 بالمائة بين 2001 و2010«. وفي تقدير رئيس الجمهورية فإن كل هذه المعطيات تؤكد بأن جهود الدولة »جعلت الحق في الماء واقعا ملموسا بالنسبة للمواطن على امتداد التراب الوطني«، ولكنه مع ذلك حرص على توجيه رسالة مفادها أنه »لا بد أن يعلم الجزائريون والجزائريات أن تأمين الحق هذا ليس نتاج الإرادة السياسية وحدها، بل هو مرهون بالسلوك اليومي لكل واحد منا«، ثم تابع »إن الممارسات التي تتسبب في التلويث والتبذير تهدّد المورد المائي أكثر بكثير من التغيرات المناخية ومن فترات الجفاف التي ليست حسب عديد المراجع العلمية سوى نتيجة للنشاط اللاعقلاني للإنسان«. وبعد أن قدّر أنه »لم يحدث قط منذ أن خطا الإنسان أولى خطواته على الأرض أن طرحت المسائل المرتبطة بالماء بالحدة التي طرحت بها في بداية الألفية هذه« على اعتبار أن مليار من البشر يعانون يوميا من أجل الحصول على الماء الشروب وهو ما يجعل من خطرة الأزمة المائية العالمية أمرا معقولا على حدّ قوله، فإن لفت إلى أن أي استثمار في مجال الموارد المائية »لن يفلح مهما بلغت أهميته في تحقيق تأثير مسعى وطني تضامني من أجل اقتصاد الماء والحفاظ عليه مسعى أهيب بجميع مواطنينا الانخراط فيه تحقيقا لمنفعتنا ومنفعة أبنائنا«.