دخل أمس الوزير الأول أحمد أويحيى في رده على أسئلة النواب حول بيان السياسة العامة في مواجهة مباشرة مع نواب المعارضة وبشكل خاص مع نواب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، واتهمهم بأنهم يريدون اتخاذ سكان منطقة القبائل رهينة لطموحاتهم السياسية. 90 دقيقة، هي المدة الزمنية التي استغرقها وقوف الوزير الأول أحمد أويحيى أمس أمام نواب البرلمان للرد على تساؤلاتهم بشأن بيان السياسة العامة، مدة عرج فيها أويحيى على مختلف القضايا التي طرحها النواب، وبلهجة التحدي اختار الوزير الأول الدخول في مواجهة مباشرة مع نواب الأرسيدي الذين فتح عليهم النار موجها لهم سيلا من الاتهامات، اتهامات رد عليها نواب المعارضة برفع لافتة كتبت عليها عبارتي »رشوة وحرية« في إشارة منهم إلى المطالبة بمزيد من الحريات والتنديد بتفشي الرشوة، الأمر الذي استدعى تدخل رئيس المجلس عبد العزيز زياري لفرض الانضباط في قاعة الجلسات ودعوة النواب إلى تمكين الوزير الأول من مواصلة الرد. مواجهة أويحيى مع نواب الأرسيدي بدأت من منطقة القبائل، عندما راح أويحيى يستعرض بالأرقام المشاريع المسطرة لولايتي بجاية وتيزي وزو في المخطط الخماسي الحالي، مشددا على أن الولايتين جزء لا يتجزأ من الجزائر، قبل أن يلتفت إلى الزاوية التي يجلس فيها نواب الأرسيدي ويخاطبهم بلغة فرنسية: »هذه هي الحرب التي أعلنتها السلطة على منطقة القبائل كما يتهمنا البعض«، وواصل أويحيى حملته النارية على نواب الأرسيدي الذين سبق وأن أمطروه بانتقادات لاذعة وقاسية خلال الجلسات التي خصصت لمناقشة بيان السياسة العامة الأسبوع الماضي، وعاد بهم إلى إضراب المحافظ الذي دعا إليه حزب سعيد سعدي سنة 1994 عندما دخل سكان المنطقة في إضراب عن الدراسة لمدة موسم كامل، وخاطب أويحيى سكان منطقة القبائل بالقول »لقد كنتم لسنوات رهائن استعملتم لخدمة الطموحات السياسية لهؤلاء الذين جروكم إلى إضراب المحافظ في عز الأزمة الأمنية التي كانت تمرّ بها البلاد«، وأضاف الوزير الأول أنه لا يستغرب أن يخطئ نواب الأرسيدي في معرفة الجزائر »فقد سبق وأثبتوا أنهم لا يعرفون الشعب الجزائري«. كلمات أويحيى الذي كان مدعوما بتصفيقات نواب حزبه وبعض من نواب شريكيه في التحالف الرئاسي، كانت كافية لإثارة نواب الأرسيدي الذين عبّروا عن احتجاجهم بالضرب على الطاولات لإحداث ضجيج وفوضى داخل قاعة الجلسات تعبيرا منهم على رفض ما جاء على لسان الوزير الأول، الذي رد عليهم قائلا »لقد سمعتكم لمدة 75 دقيقة كاملة وقد حان دوري لأتكلم وتستمعوا إلي« ، خرجة أويحيى ودقته في حساب المدة الزمنية التي استغرقتها مداخلات نواب الأرسيدي ورئيس كتلتهم البرلمانية أثار دهشة واستغراب الحضور، وهو ما يؤكد أن أويحيى قد جاء إلى البرلمان وكله استعداد لخوض المعركة مع نواب الأرسيدي، الذين ذهبوا بعيدا في انتقاداتهم له خلال جلسات النقاش. وفي سياق موصول بالجدل حول مشاريع التنمية في منطقة القبائل الذي أخذ حيزا هاما من تدخلات نواب البرلمان، توقف أويحيى عند الغلاف المالي المخصص في إطار برنامج الأممالمتحدة للتنمية لتمويل مشاريع تنموية في الجزائر والذي ألغته الحكومة، موضحا أن البرنامج لم يكن موجها فقط إلى تيزي وزو بل إلى 4 ولايات وهي الجلفة والمسيلة والمدية وأن الحكومة ألغته رفضا للشروط التي أراد مسؤولو البرنامج فرضها على الجزائر، قائلا »إننا أولا أحرار في بلدنا وثانيا إننا نساهم في الغلاف المالي بنسبة الثلثين ويفترض أن تكون لنا كلمة في المشروع« منتقدا الأصوات التي سعت لأن تجعل من هذه القضية وكأن تيزي وزو هي المستهدفة، مؤكدا أن الحكومة خصصت للولاية ما يعادل 29 مرة مبلغ المليون دولار الذي كانت ستستفيد منه الولاية في إطار المشروع.