حسب شهادات بعض المجاهدين فإن والد السيدة جانيت بوغراب، المعيّنة من طرف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في منصب كاتبة دولة للشباب والحياة الجمعوية في آخر تعديل حكومي، كان سفاحا وابن سفاح أيضا، وأنه كان يتلذّذ بتعذيب الجزائريين وقتلهم إبّان الثورة التحريرية. التعيين يتم تقديمه على أنه رسالة حسن نية من جانب النخب الفرنسية الحاكمة تجاه الفرنسيين المنحدرين من أصول مغاربية، لكن المشكلة هل تمثل جانيت بوغراب حقا هؤلاء الملايين من الفرنسيين الذين يشعرون بالاحتقار والإقصاء؟ وهل يمكن لفئة الحركى، وهي أقلية قليلة جدا، أن تكون رمزا للاندماج الناجح في المجتمع الفرنسي كما يريد ساركوزي أن يشير من خلال تطعيم الحكومات بشخصيات من هذه النوعية؟. الحقيقة أن رسالة ساركوزي، وهي رسالة قسم كبير من النخب السياسية في فرنسا، تأخذ مغزى مغاير تماما لذلك الذي يريده لها الرئيس الفرنسي، فهي تشير إلى أن الاندماج المقبول والمطلوب في فرنسا هو السعي إلى التخلص من كل ما يرمز إلى الهوية الأصلية، وإسم جانيت يشير بوضوح إلى خيارات والد المسؤولة الفرنسية، فقد اختار كثير من الحركى أن يغيّروا أسماءهم ومعتقداتهم، وفي الفترة الأخيرة حاورت قناة تلفزيونية فرنسية أحدهم وقال أمام الملأ إنه غيّر اسمه واعتنق الكاثوليكية وعمد أبناءه في الكنيسة، وزاد على ذلك بالقول إن أولاده اليوم يذكرون له هذا الجميل بإكبار. ويعلم الساسة في فرنسا أن هؤلاء لا يمثلون ملايين الفرنسيين من أصول مغاربية، وأن الاعتماد على أفكارهم في وضع السياسات التي تساعد على الاندماج سيبعد فرنسا عن الأهداف التي تعلنها بخصوص تحقيق مزيد من المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن العرق والدين. بالنسبة للملايين من الجزائريين، وخاصة عائلات الشهداء والمجاهدين، فإن الذين اختاروا فرنسا لم يعودوا يمثلون أي شيء، لكن سيتحتم على فرنسا أن تنتبه إلى التفاصيل لا أن تخادع الملايين من مواطنيها بهذه النماذج السيئة للاندماج، لأنها بذلك تخدع نفسها وتزيد في تعقيد مشاكلها بهروبها إلى الأمام.