لقد دقت أبواب زنازين أسرى الاحتلال الإسرائيلي من أبناء فلسطين الأبية، من أرض الجزائر الحرة. لقد أضيئت الزنازين المظلمة، بأمل كسر القيود المكبلة لآلاف الفلسطينيين والفلسطينيات الصامدين، الصابرين، المكابدين لقمع وبطش الجلادين الصهاينة، من خلال إعلاء صوت الكرامة الإنسانية المدنسة والمداسة والمهانة في فلسطين، أمام مرأى ومسمع العالم الحر، الذي يدعي لنفسه الدفاع عن حقوق الإنسان، دون أن يكلف نفسه عناء الوقوف على حقيقة معاناة الأسير الفلسطيني القابع في سجون ومحتشدات الاحتلال الإسرائيلي. إن الجزائر، قبلة لمحبي الحرية الذين عبروا كل بطريقته، لكنهم قالوا بصوت واحد عال ومدو، لإسرائيل وحماة سياستها القائمة على التمييز العنصري والبطش والقمع الذي لا يضاهيه سوى قمع وبطش النازية والفاشية الهتليرية والموسيلنية، كفوا عن دوس كرامة الإنسان الفلسطيني، وأوقفوا أشكال المهانة التي يتعرض لها الأسير الفلسطيني يوميا في زنازين وسجون ومحتشدات إسرائيل. إن احتضان الجزائر للملتقى الدولي لنصرة أسرى الاحتلال، لهو أكبر تعبير صادق من بلاد المليون ونصف المليون شهيد مع القضية الفلسطينية، ومع الإنسان الفلسطيني، ومع الأسير الفلسطيني الثائر، المقاوم لأنواع التعذيب النفسي والبدني من أجل الانعتاق واستعادة الحرية المسلوبة. لقد قالها الأحرار من أرض الجزائر مدوية، لا للتكبيل، لا للقيد، لا للبطش والتعذيب في زنازين الاحتلال، الذي لا يكتفي بالزج بالآلاف من أبناء فلسطين في غياهب السجون، بل وجعل أرض فلسطين أسيرة سجن كبير تطبق فيه كافة أصناف الممارسات التي ينبذها القانون الدولي والأخلاقي والديانات السماوية جميعها. إن أسرى الاحتلال هم بلا منازع مرآة القضية الفلسطينية، وهم عنوان تضحيات الشعب الفلسطيني، الذين سطروا ببطولاتهم وشموخهم فصول الثورة والمقاومة والانتفاضات المشرقة، رغم ما يكابدونه من عذابات تفوق تصور العقل أحيانا، وهم شرف الأمة العربية، بالرغم من تقاعس هذه الأخيرة في التعجيل بفكك الأغلال المكبلة للإنسان الفلسطيني والأرض الفلسطينية. نعم إن صوت الأحرار قد علا من أرض الحرية، من خلال فضح الممارسات الصهيونية اللاإنسانية في حق الأسير الفلسطيني بصفة خاصة، والمواطن الفلسطيني بصفة عامة. لقد كشفت المداخلات المؤثرة والشهادات المروعة أمام الرأي العام العالمي، تلك الممارسات التي تريد إسرائيل إبقاءها في طي الكتمان، ويرفض حلفاء الكيان العبري الإقرار بها والاعتراف بها، لأنها في النهاية تدينها وتعري زيف الحرية وكذب الديمقراطية الإسرائيلية التي تتباهى بها على العرب والعجم معا. إن استقبال الجزائر لكل الأحرار الذين جاءوا للمشاركة في الملتقى العربي الدولي للأسرى في سجون الاحتلال، لهو تجسيد لتلك المقولة الشهيرة التي أطلقها أحد أحرار هذا البلد في زمن الأنفة العربية، وهي أن »الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة«. وليس غريبا أن تبادر الجزائر ومن خلال حزب جبهة التحرير الوطني، إلى تنظيم واحتضان هذا المحفل العربي الدولي، لإلقاء الضوء على دور الحركة الأسيرة في فلسطين من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتسليط الأضواء الكاشفة على سياسة العنصرية التمييزية التي تمارسها إسرائيل في الأراضي المحتلة. الجزائر وهي تحتضن هذا الملتقى، لا تعير أي اهتمام للومة لائم، و»الأفلان« وهو يستقبل الداعين إلى كسر قيود الأغلال المكبلة للإنسان الفلسطيني ولأرضه، هو أدرى من غيره بمعاني الحرية ورموز البطولة والتضحية من أجل الحرية وبناء الدولة المستقلة، هو انطلاقا من ذلك يضم صوته إلى صوت الأسرى الأحرار، أطلقوا سراح الأسير الفلسطيني وفكوا قيود الاحتلال على أرض فلسطين.