ليس فتحاوياً من لا يؤمن بالكفاح المسلح الصراع الدائر بين فتح وحماس هو صراع على السلطة وامتيازاتها هل لك اصدقاء في الأسر من حركة حماس والفصائل الاخرى؟ - نحن في الأسر ننتمي إلى شعب واحد وإلى مقاومة واحدة وانتفاضة، ونحمل نفس الأهداف الوطنية، وقاتلنا جنباً إلى جنب ضد الاحتلال وعملنا وتعاونا سوياً، وانا صاحب مبدأ ''شركاء في الدم شركاء في القرار''، وأنا من أشد الناس ايماناً بالوحدة الوطنية باعتبارها قانون الانتصار لحركات التحرر الوطني والشعوب المقهورة . ومن أعز اصدقائي في السجون الأخ الشيخ عبد الناصر عيسى، وهو من أبرز قادة ومؤسسي كتائب عز الدين القسام، وترأس قيادة حماس في السجون، وأسس الهيئة القيادية العليا. وشاركنا في تأليف كتاب ''مقاومة الاعتقال'' الذي صدر حديثاً. وكذلك تربطني علاقة وثيقة مع قادة بارزين في حماس من الأسرى مثل زاهر جبارين وعبد الخالق النتشة وعلي العامودي وروحي مشتهى وموسى دودين وحسن سلامة وعبدالله البرغوثي وجمال أبو الهيجا وحسن يوسف ومحمد جمال النتشة وغيرهم الكثيرين. وكذلك قادة الجهاد بسام السعدي وبسام أبو عكر وعبد الرحمن شهاب وثابت المرداوي وعلي الصفوري، ومن قادة الشعبية أحمد سعدات وعاهد أبو غلمة وغيرهم . * * كيف يتعامل معكم السجان؟ * - في ظروف وزنازين التحقيق، يكون التعامل وحشياً وإجرامياً، حيث يمارس المحققون أبشع أنواع وأساليب التعذيب الجسدي والنفسي، وان تراجع التعذيب الجسدي المباشر في السنوات الاخيرة. وقد كان تعامل السجانين وحشياً لعقود من الزمن، مما أدى لاستشهاد العشرات من المناضلين، وبسبب صلابة الأسرى وتماسكهم ووحدتهم وخوضهم الاضرابات المتتالية عن الطعام عدة مرات، فقد حققوا انجازات وشروط حياة أفضل، وتعاملا أقل وحشية من السجانين، ويختلف الأمر من سجن لآخر واحياناً من سجان لآخر. وبشكل عام، فإن الأسرى لا يسمحون لأي سجان المساس بكرامتهم الانسانية والوطنية والدينية . وفرضنا بنضالنا نمط حياة خاصا في السجن، أذعن لها السجان * * ماذا أضافت فترة الأسر لديكم؟ * - لقد قضيت حتى الآن سبعة عشر عاماً من عمري في سجون الاحتلال، وليس هذا هو الاعتقال الأول. وكنت اعتقلت لأول مرة قبل 53 عاماً تقريباً، ومنذ ذلك الوقت وأنا أتعرض للاعتقال والتعذيب والعزل والسجن والإبعاد. وفي كل مرة يزداد إيماني بعدالة قضيتنا وبحقنا التاريخي والقومي والديني والوطني والإنساني والقانوني في فلسطين أرض الأباء والأجداد. وأزداد قناعة ان طريق الحرية معبدة بالدم والآلام والعذاب، وان الاستقلال الوطني والتحرر لا يتحقق إلا بمزيد من الصمود والمقاومة والوحدة، وأزداد قناعة أننا نقاوم مستعمرا لا مثيل له في التاريخ المعاصر، وهو الأسوأ في التاريخ الأنساني، وان البشرية لم تعرف في تاريخها القديم والحديث عدواً ومستعمراً أكثر سفالة ونذالة وانحطاطا من هذا العدو والمحتل والمستعمر. في السجن قرأت أكبر عدد من الكتب في حياتي، وقرأت أكبر عدد من الروايات، بضع مئات خلال السنوات التسع الماضية، وفي شهر رمضان فقط قرأت 11 رواية، وختمت القرآن الكريم ثلاث مرات، وقرأت عددا من الكتب والروايات الجزائرية . * * ماذا سيفعل مروان البرغوثي في أول يوم له في الخارج؟ * - آمل ان أخرج من السجن ومعي جميع الأسرى، وفي ظل جلاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وآمل أن أخرج الى مدينة القدس زهرة المدائن ودرة المدن وتاج الأمة، وأن أصلي في المسجد الأقصى صلاة الحرية والاستقلال، وأن أطبع قبلة على جبين كل الفلسطينيين، وأن أزور مقابر الشهداء، وأزور أسرهم وذويهم، وأعانق اولادي الذين حرمني السجن من رؤيتهم وهم يكبرون ويصبحون شباباً. وإذا خرجت في ظل الاحتلال فعهداً علي أن أواصل النضال والكفاح والمقاومة ضد الاحتلال حتى يرحل عن بلادنا، لأنه لا كرامة ولا عزة ولا حرية لنا في ظل الاحتلال، وأرى دوماً حريتي وعزتي وكرامتي في مقاومة الاحتلال إلى ان يرحل ويتحقق حلم الدولة والتحرير والاستقلال والعودة والحرية . * * ننتقل إلى حركة فتح التي تعتبر عضوا في مركزيتها الجديدة . لم يلحظ المتابع أي جديد في حركة فتح بعد انتخاب اللجنة المركزية والمجلس الثوري؟ * - لقد كان لحركة فتح شرف اطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة وقيادتها، وكان لها دور مركزي في الانتفاضتين، ويمثل ابناء فتح 06 بالمئة من الأسرى في سجون الاحتلال. وقد تعرضت حركة فتح لعدد من الهزات العنيفة في السنوات الأخيرة كان أبرزها استشهاد الرئيس الراحل القائد المؤسس لحركة فتح ياسر عرفات، وخسارة حركة فتح لانتخابات المجلس التشريعي عام 6002، كما أن اضراراً كبيرة وتشوهات لحقت بالحركة بسبب قيادتها للسلطة الوطنية واخفاقاتها في عدد من المجالات، وكان عدم انعقاد المؤتمر لعشرين عاماً قد ترك قيادة الحركة في حالة من العجز والشلل. وعقد شعبنا وأبناء فتح آمالاً كبيرة على المؤتمر السادس الذي عقد في آب 9002، والذي نجح في لملمة جراح الحركة وانتخاب قيادة جديدة. ولكن بعد مرور عام على انعقاد المؤتمر لم يلحظ الفلسطينيون تغييراً يذكر، وكلي أمل أن تعمل اللجنة المركزية وتضاعف الجهد للنهوض بوضع الحركة وتقوم بتنفيذ الخطط والبرامج التي أقرها المؤتمر . ولا زال هنالك متسع من الوقت لتدارك الوضع الراهن . * * هل خيار الكفاح المسلح أقصي من أجندة فتح؟ * - لقد أجمع مؤتمر فتح السادس على التمسك بحق المقاومة بكافة أشكالها، بما فيها المقاومة المسلحة، والمقاومة هي روح حركة فتح، لأنها حركة التحرير وحركة المقاومة وحركة حرية واستقلال وعودة، ولا يستطيع أن يكون فتحاوياً من لا يؤمن بالكفاح المسلح وبالمقاومة المسلحة، ونحن لا نقدس الوسائل والأدوات لذاتها، وانما نقدس الأهداف، ولكن التجربة علمتنا خلال عقود طويلة من الزمن أن المستعمر والمحتل لا يرحل بدون المقاومة، وطالما بقي جندي اسرائيلي واحد أو مستوطن اسرائيلي واحد على الأرض الفلسطينيةالمحتلة، فإن المقاومة ستبقى اسلوباً وخياراً مشروعاً وضرورياً، وفي نفس الوقت، فإن من الضروري اختيار الشكل المناسب من أشكال المقاومة في كل مرحلة بما يخدم الأهداف الوطنية لشعبنا . * * الا تعتقد ان اعتماد '' م . ت . ف '' خيار السلام خيارا وحيدا أضر بالقضية الفلسطينية؟ * - إن موقفي الثابت ومنذ سنوات طويلة وبناء على خبرة وتجربة في مواجهة الاحتلال الصهيوني وبسبب الطبيعة العدوانية لهذا العدو، هو ضرورة الجمع بين المقاومة والعمل السياسي، ولا يجوز اعتماد احداهما وتجاهل الأخرى نظراً لتعقيدات الحالة الفلسطينية والابعاد الدولية والاقليمية للصراع في فلسطين، وبالتالي أعتقد أن اعتماد ''م.ت.ف'' خيار المفاوضات والسلام خيارا واحدا لم يحقق الأهداف الوطنية لشعبنا، والانتفاضة الثانية جاءت لتصحيح هذا النهج الخاطئ والقاصر، ومن أجل الجمع المبدع بين المقاومة والعمل السياسي والدبلوماسي والتفاوضي. * * هل تعتقد أن أمريكا يمكن أن تكون وسيطاً بريئاً بينكم وبين الاسرائيليين؟ * - أمريكا لا تستطيع أن تكون وسيطا نزيها لطبيعة العلاقة الخاصة والفريدة التي تربطها باسرائيل، وأمريكا منذ مؤتمر مدريد وحتى الآن تدعم وتتبنى الموقف الاسرائيلي، وتمارس نقد اسرائيل إذا حصل شيء بشكل خجول جدا، وبالتالي فان من الضروري العودة إلى الأممالمتحدة لرعاية أية مفاوضات قادمة واستناداً إلى قرارات الشرعية الدولية وبشرط التزام اسرائيل بانهاء الاحتلال والانسحاب لحدود 7691 قبل أي مفاوضات، والولايات المتحدة لم تأخذ قرارا استراتيجيا بصنع سلام حقيقي شامل في المنطقة، ومفتاحه إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 7691 والانسحاب الكامل لهذه الحدود . * * هل العرب بحاجة لمعركة جديدة مع إيران .. وكيف تتابع الموقف الايراني؟ * - بالتأكيد لا مبرر لأي معركة عربية مع إيران، ومن حسن حظ العرب أن كلا من تركيا وإيران اللتين كانتا حلفاء لإسرائيل خرجتا من هذا التحالف، وإن كانت تركيا تربطها حتى الآن علاقات قوية ووثيقة مع اسرائيل، إلا أن توجهاتها الجديدة تستحق التقدير والتشجيع، وقد عانت الأمة العربية في صراعها مع اسرائيل من تحالف دول الأطراف سابقاً ايران وتركيا واثيوبيا مع اسرائيل، وما جرى من تغيير هو في مصلحة العرب من الناحية الاستراتيجية، وأعتقد أن مصلحة العرب وإيران في صياغة علاقة تراعي مصالح الطرفين وتقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخر، وأي حرب أو عدوان على إيران سيلحق ضرراً بالغاً بالعرب ومصالحهم . * * المساحة السياسية بين فتح وحماس سياسياً اقتربت على برنامج حدود 7691 ، ولكنها على الأرض وحول تقاسم السلطة ابتعدت كثيراً ما هو المخرج؟ * - حركتي فتح وحماس وقعتا على وثيقة الأسرى للوفاق الوطني والتي بادرنا لها نحن في قيادات الشعب الفلسطيني داخل السجون، وشكلت برنامج وطني جامع وشامل وحددت الأهداف والوسائل والأطر وكافة القضايا، ولا خلاف سياسيا جوهريا على الأهداف، حيث وافقت حماس على مبدأ تفويض رئيس '' م . ت . ف '' رئيس السلطة بالتفاوض شريطة عرض أي اتفاق نهائي على استفتاء وعلى المجلس الوطني الفلسطيني . * والصراع الدائر بين فتح وحماس هو على السلطة وامتيازاتها وليس خلافا سياسيا أو أيدلوجيا، والمخرج هو المصالحة الوطنية التي لا بديل عنها، لأن الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار للشعوب المقهورة ولحركات التحرر الوطني وهي كالماء والهواء بالنسبة للشعب الفلسطيني. * والمخرج هو في العودة إلى وثيقة الأسرى للوفاق الوطني، وفي الوصول إلى تفاهمات فلسطينية فلسطينية تمهيداً لتوقيع وثيقة المصالحة المصرية، وذلك تمهيداً لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ولعضوية المجلس الوطني جديدة وفي أسرع وقت ممكن. * * هل لازلت ترى في حركة حماس شريكا سياسيا في معركة التحرير الفلسطيني؟ * - حركة حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، وهي صاحبة ثقل سياسي وجماهيري وانتخابي ونضالي، وهي شريك في المقاومة وشريك في السلطة، وأنا أول من رفع مبدأ ''شركاء في الدم شركاء في القرار'' مع بداية انتفاضة الأقصى، وعندما جرت الانتخابات التشريعية عام 6002 قلت ''شركاء في الميدان شركاء في البرلمان'' وأنا من دعاة الشراكة التامة بين فتح وحماس، وباقي الاحزاب والفصائل الفلسطينية، لأن فلسطين بحاجة لجهد الجميع ولأن معركة التحرير طويلة وشاقة وعدونا شرس ومتغطرس، ولأننا نسعى لنفس الأهداف الوطنية ونعاني جميعاً من الاحتلال والقهر والاذلال، وقد كنت ممن شجعوا حماس للمشاركة في الانتخابات، وأنصح حماس بالتوقيع على وثيقة المصالحة مع أخذ ملاحظاتها بعين الاعتبار، وانصحها بالإيمان والعمل على قاعدة الشراكة والتعددية السيساسية والفكرية وحرية الصحافة وحرية الرأي والاعتقاد والقبول بالعودة للشعب، ليقرر من يكون رئيساً في المرحلة المقبلة ويختار برلمانا جديدا، وعلى الفائز والخاسر في الانتخابات اقامة حكومة وحدة وطنية، طبقاً للتمثيل في البرلمان، وأنا مع مشاركة حماس في م.ت.ف وكافة المؤسسات الفلسطينية، وهذا حق لها ولكن من واجبها احترام القانون الأساسي ومبدأ الشراكة، واتباع الحوار أسلوباً، ومبدأ لحل الخلافات ونبذ كل أشكال العنف الداخلي وتحريم الدم الفلسطيني ومن قبل الجميع دون استثناء . * * هل علاقة حركة فتح بالجزائر الحالية كما كانت في السابق ولماذا؟ * - ربما لا يعرف كثيرون أن الملهم الأول لفكرة تأسيس حركة فتح كانت الثورة الجزائرية، وأن جبهة التحرير الوطني الجزائري شكلت نموذجا يحتذى لقادة فتح المؤسسين، وقد تفاعل قادة فتح مع الثورة الجزائرية، وكان أول مكتب لحركة فتح في تاريخها في الجزائر، وترأسه الشهيد القائد أمير الشهداء خليل الوزير أبو جهاد، كما أن أولى المجموعات لحركة فتح تدربت على السلاح في الجزائر، وقدمت الجزائر دعماً مالياً كبيراً للحركة، وسلاحا وتدريبا، وفتحت لها أبواب العلاقات الدولية مع الصين الشعبية وحركات التحرر في إفريقيا، واحتضنت الجزائر دورات المجلس الوطني الفلسطيني بما فيها دورة اعلان الاستقلال في 51نوفمبر 1988 والجزائر لم تتدخل في الشؤون الداخلية للثورة الفلسطينية، ودعمت الفلسطينيين دون قيود أو شروط، ولم تشهد علاقة فتح مع الجزائر أي فتور أو توتر طوال 54 سنة من عمر الحركة، بل علاقات تعاون وثيقة وكبيرة . ويبدو أن حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية في السنوات الاخيرة القت بظلالها على هذه العلاقة، ونحن نتطلع لأفضل علاقات فلسطينية جزائرية الآن وفي المستقبل . * * الجزائر كانت محطة هامة في تاريخ النضال الفلسطيني .. ماذا تعني لك كمناضل؟ * - الجزائر تعني لي الثورة والجهاد والنضال والكفاح ،ومعجزة الانتصار وحاضنة الثورة الفلسطينية والسند العظيم الذي احترم الفلسطينيين، ورفض التدخل في شؤونهم وعمل من أجل وحدتهم، وقدم كل ما عليه من مساهمات مالية قررتها القمم العربية، ودعم الانتفاضة و''م.ت.ف'' والسلطة الوطنية. والجزائر هي نموذج للثورة التي انتصرت. عشنا ذلك معها منذ الصغر وأحببنا ولا زلنا هذا البلد الجميل، الذي حطم أسطورة الاستعمار الفرنسي، ولعب دوراً حيوياً في دعم ومساندة القضايا العربية، ولم يكن جزءا من محور سلبي في العالم العربي، وحتى هذا اليوم، نحفظ الأناشيد الثورية حول الجزائر، وأخيراً.. أتوجه بالتحية والتقدير للجزائر، وأقول: كما انتصر شعب الجزائر سينتصر شعب فلسطين، وكما أصبحت الجزائر حرة ستكون فلسطين حرة، وأن مصير الاحتلال إلى جانب الاستعمار والعنصرية الفاشية والنازية، ولن يكون بعيداً ذلك اليوم الذي تحتفل فيه الجزائر معنا بتحرير القدس ان شاء الله . *