تحي الجزائر، غدا، ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان على غرار كافة دول العالم التي انخرطت في اتفاقية جنيف لحقوق الإنسان أو بالأحرى »الميثاق العالمي لحقوق الإنسان«، حيث تشكل المناسبة فرصة لتقييم وضعية حقوق الإنسان في الجزائر ومسار التطور الحاصل وفق الإجراءات المتخذة لتحسين وتطوير وحماية حقوق الإنسان ضمن روية قائمة على مفهوم دولة القانون. وفي هذا الإطار يشهد ملف حقوق الإنسان في الجزائر جدلا حادا بين مختلف الفاعلين في الساحة الوطنية، إذ يرى فريق من الناشطين المحسوبين على المعارضة أن وضعية الحقوق الأساسية تعرف تراجعا أو على الأقل تعاني جمودا على خلفية استمرار حالة الطوارئ وغلق المجال السمعي البصري أمام الأصوات الموصوفة بالمعارضة، ناهيك عن عدم السماح بتأسيس أحزاب سياسية. أما الفريق الأخر فيسجل تطورا ملحوظا في ملف حقوق الإنسان، وبالأخص في شقه المتعلق بالحقوق الأساسية، ويرى هذا الفريق أن التعامل مع ملف حقوق الإنسان يجب أن يؤخذ بمنظور شامل وليس جزئي. ويعتقد هؤلاء أن التطورات التي تعرفها القطاعات الحيوية التي لها علاقة مباشرة بالحياة اليومية للمواطن مثل الصحة و التعليم و السكن، ساهمت إلى حد كبير في ترقية الحقوق الأساسية للمواطن، في حين ساهمت الإصلاحات التي أدخلت على جهاز العدالة من ضمان حقوق المواطنين في حالات التقاضي. في حين تمكنت الإصلاحات التي أدخلت على عمل الأجهزة الأمنية، سيما الشرطة و الدرك الوطنيين من الحد من التجاوزات في حق المواطن. وبرأي الفريق المدافع عن التطور الحاصل في ملف حقوق الإنسان في الجزائر، فان التقارير الايجابية العديدة التي أعدتها منظمات دولية حول مختلف مناحي الحياة المرتبطة بحقوق الإنسان دليلا على المجهودات المثمرة في ترقية حقوق الإنسان في الجزائر، خاصة منذ الشروع في تطبيق مسعى المصالحة الوطنية ولملمة جراح الأزمة الأمنية الدامية التي شكلت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان طيلة عقد ونصف من الزمن. والواقع أن التعاطي مع ملف حقوق الإنسان، يكاد يكون مصحوبا في غالب الأحيان بجدل مثير، ذلك من منطلق أن مفهوم حقوق الإنسان، مفهوم متغير ومتشعب وواسع أيضا، إذ لايمكن حصر الحقوق الأساسية اليوم ضمن مفهومها الكلاسيكي، الشئ الذي يدفع إلى التعامل مع هذا الملف كمسار متواصل يحتاج إلى العناية والاهتمام بشكل دوري. ومن هذا المنظور فان المؤشرات الكلية لتطور حقوق الإنسان في الجزائر يمكن وصفها بالايجابية.