ضيف اليوم لركن يوميات صائم أحد أبناء مهنة المتاعب في الجزائر الشاب حنو عبد الناصر الذي يشتغل بجريدة "الصوت الأخر"، حيث كشف لنا بعض من خصوصياته في شهر الرحمة ونحن على مقربة من عيد الفطر، بالإضافة إلى المأكولات والحلويات التي يحب تناولها في سهرات رمضان أو في العيد، معرجا كذلك في حديثه مع "صوت الأحرار" إلى المشاكل التي تواجهه في عمله كصحفي. أعطانا عبد الناصر في البداية صورة على يومياته في شهر القران التي يستغلها في العمل الخيري والعبادة بقوله "أنا ككل جزائري مسلم في شهر رمضان "أحاول قدر الإمكان الصيام إيمانا وإحتسابا مع جل المشاكل والمظاهر السلبية التي تعترضنا داخل المجتمع أو خلال أداء مهامي كصحفي متخصص في الشأن الاقتصادي، فبالإضافة إلى ممارسة الشعائر الدينية أعتقد بأن العمل يأخذ مني القسط الأوفر من الوقت فليس من السهل مزاولة النشاط بمكان يبعد عن مقر سكني بمقدار أكثر من 04 ساعات يوميا بين الذهاب والإياب لكن الحمد لله على نعمة الصحة، التي جعلتنا نوفق لحد بعيد بين مشاق المهنة، وأداء التزاماتنا التعاقدية على أكمل وجه، وبعد أذان المغرب والتراويح، أحاول قدر الإمكان نزع عباءة الصحفي والاحتكاك بالآخرين بطريقة بسيطة وتلقائية، بما يسمح لي بالإبقاء على علاقاتي الطيبة، التخفيف والترويح عن النفس والخروج قليلا من ضغوطات العمل. فمعلوم أننا كمجموعة من الأصدقاء بقريتي أولاد بن صالح الواقعة بأعالي جبال عمال شرقي ولاية بومرداس، نقوم بخرجات خلال كل سهرة إلى ولايات ومناطق عدة، فنجتمع على طاولة قلب اللوز والفول السوداني والشاي الصحراوي، ونناقش فيها معظم المواضيع والقضايا التي تهمنا حتى حوالي الساعة 1:00 صباحا". وعن أهم المأكولات التي يعشق عبده أكلها في إفطار رمضان قال " أعتقد بأن المرأة الجزائرية تتفنن في صناعة كل الأطباق على اختلاف أماكن شهرتها، شوربة، حريرة، بوراك، شخشوخة، طاجين الحلو، وطاجين الزيتون. إلا أن شهر رمضان وباعتباره شهرا للصيام والعبادة، فهي تلجأ أيضا إلى تنويع طبخها ليتلاءم مع المناسبة. وهنا أشير لكم أنني أميل كثيرا إلى تناول الشوربة وطاجين الزيتون، والكسكسي على الطريقة القبائلية، ولا أحبذ كثيرا طبق الكباب والمأكولات السريعة بشكل عام. لا أدري لماذا لكنني أفضل الوجبات التقليدية النابعة عن أصولنا وثقافة أجدادنا على تلك العصرية، المستمدة غالبا من ثقافات بلدان أجنبية". وكشف لنا في ذات الوقت عن أنواع الحلويات التي يرغب في تناولها ونحن نعلم أن المرأة الجزائرية تتفنن في صنع مختلف الحلويات التقليدية بمناسبة عيد الفطر رغم التعب الذي يعتريها خلال هذا الشهر الكريم بقوله "أود أن أنقل تحياتي للمرأة الجزائرية التي تعد أشهى الحلويات لإسعاد أبنائها وعائلتها،رغم ما يعتريها من مظاهر التعب والإرهاق الناجمة عن الصيام. ولا يخفى عليكم أن الجزائر غنية من حيث الحلويات الذائعة الصيت إلا أنني أفضل بشكل أكثر البقلاوة، والمشوّك في فئة الحلويات العصرية الشبانية، والمسمّن مع البغرير في فئة الحلويات التقليدية. وهنا تعيّن علي التأكيد بأن بعض أصناف حلويات الطابع التي تصنعها والدتي، لا يمكنني أبدا مقاومتها رغم بساطة تركيبتها". كما حدثنا ضيفنا عن أهمية العمل في شهر الصيام فهو بالنسبة له عبادة رغم المشقة التي يعيشها الصحفي يوميا مع مهنة المتاعب والتي لا تنتهي سواء في رمضان أو خارجه قائلا "كما هو معروف العمل عبادة سواء في شهر الصيام أو خلال باقي أيام الإفطار، لذلك ومن هذا المعتقد، أؤمن بفكرة أنه يتعين على الإنسان بذل كامل طاقاته لأداء واجبه على أكمل وجه، ما يعني أنني أعمل بنفس المجهود والطاقة خلال كامل السنة، وهذا رغم الصعوبات والعراقيل التي نواجهها نحن كصحفيين وإعلاميين للوصول إلى مصادر الخبر، ونشر المعلومة في أوانها من أجل الاستجابة لكامل إحتياجات ومتطلبات أولئك الشغوفين والمتعطشين لتلقي المعلومة، صحيح أنه وفي شهر الصيام تشتد مظاهر التعب ويزيد الإرهاق جراء السهر ليلا وتدني فترات النوم، إلا أنني أعمل ما في وسعي لأكون في نشاط دائم حفاظا على التزاماتي في جلب ونشر المعلومة التي ينتظرها الجميع وفي أوانها، وكما أشرت لكم سابقا، فإن ما يرهقني بشكل أكبر هو المسافة البعيدة التي تفصلني بين العمل والمنزل، حيث إستغرق ما معدله أزيد من 04 ساعات بين الذهاب والإياب من الدوام 110 كلم، لكن ذلك لم ينقص من عزيمتي في لاستمرار، وقد عززتها أكثر تسهيلات إدارة "الصّوت الآخر" التي لم تتوان يوما عن تحفيزنا وتوفير كل التسهيلات ليباشر الصحفي مهامه على أكمل وجه، دون أي عراقيل إدارية ناجمة عن التأخيرات أو في إرسال المادة الإعلامية من مكان الحدث". وحول مشاركته في الأعمال الخيرية في الشهر الكريم أكد لنا أنه يحاول أن يقوم بها عبر جمعية أسسها مع بعض أصدقاء حيه " أكيد فأجر الصيام يقل بشكل كبير من دون الالتفات إلى أولئك الفقراء والمحتاجين، ذلك ما جعلنا نؤسس جمعية الحي تحمل تسمية" "إيثران" ومعناها "النجوم" بالعربية من أجل التقرب أكثر إلى انشغالات السكان وتلبية كامل متطلبات واحتياجات الطبقة الهشة في ظروف حسنة وبسرية تامة. وبصفتي أمينا عاما للجمعية، التي لم يمض على تأسيسها إلا شهرين، ما يعني أنها حديثة النشأة، إلا أننا قمنا بمبادرات لاقت استحسان الجميع، حيث جمعنا كميات لا بأس بها من مختلف المواد إستهلاكية المتأتية من تبرعات المواطنين والمحبين لفعل الخير، ووزعناها بشكل شفاف على العائلات الفقيرة والمعوزة، وفضلا عن ذلك، جمعنا مبالغ معتبرة وإشترينا بها تشكيلات متنوعة من أشجار الزينة، التي ستكون في المستقبل بمثابة واجهة رائعة للمنطقة وهنا تعين علي إرسال أخلص التحيات للأصدقاء من داخل وخارج الجمعية". ولم يخفي صحفي جريدة "الصوت الاخر" إستيائه من نوعية البرامج والأعمال الدرامية التي لم تكن في مستوى المشاهد الجزائري ولا في قيمة الأموال التي صرفت عليها قائلا " أعتقد بأن المنتجين خلال رمضان الجاري لم يوفقوا بالشكل اللازم في إرضاء تطلعات غالبية المشاهدين، ذلك من خلال إنتاج برامج ترفيهية مسلية، هادفة، وذات محتوى متميز، يمكن لها أن يبث داخل وخارج الوطن لذلك، فما لاحظته يكمن في لجوء الكثير من الأعمال التلفزيونية إلى الابتذال في محاولة منها لإضحاك الجزائريين رغم أن أفكارها قديمة ومستهلكة منذ سنوات عديدة، وسط غياب شبه تام للابتكار في مجال الإنتاج التلفزي. والشيء المثير للحيرة أن عديد القنوات الإعلامية الجزائرية تعاقدت مع شركات إنتاج لشراء برامج كاميرا خفية من أجل تسلية مشاهديها، لكنها وقعت في الخديعة بعدما تم تسريب مقاطع فيديو تثبت أنها مجرد عمليات تمثيل فقط، ولا تمت بصلة للواقع. وهنا لست أدري إن كانت تلك القنوات على دراية مسبقة بتلك التمثيليات فتعاقدت معها لتحصيل أكبر نسبة مشاهدة أم أنها فعلا تعرضت للخديعة". وأفادنا عبد الناصر في خضم حديثه برأيه حول حول الفوضى التي حدثت في القنوات الخاصة من خلال الكاميرا الخفية قائلا" من الواضح بأن قطاع السمعي البصري في الجزائر لا يزال بحاجة إلى تحسينات من أجل الرفع من حجم مردوديته والاستجابة لكامل إحتياجات المشاهدين، وذلك من أجل إنتاج وبث برامج توعوية هادفة، لا تسيء لثقافة المجتمع ولتقاليده المتوارثة، لذلك، قد لاحظنا إنحرافا خطيرا لبعض كاميرات الخفية، والتي تمثل كسرا لبعض الطابوهات التي لا يتسامح معها الجزائريون كثيرا، على غرار اعتداء الزوجات على أزواجهن جسديا وبالألفاظ غير المحترمة، ما يمثل إشهارا مجانيا لتلك السلوكيات المشينة، إضافة إلى استضافة بعض فناني ورقصات الملاهي الليلية وإدخالهن بيوت الجزائريين من الباب الواسع، بعدما كان حراما علينا الحديث عنها حتى داخل المقاهي وفي الشوارع العمومية". وفي الأخير تشكر محدثنا أسرة "صوت الأحرار" على منحه هذه الفرصة من أجل الفضفضة عما يختلج في نفسي طيلة هذا الشهر الفضيل وبمناسبة قدوم عيد الفطر المبارك، زف أفضل التحيات وأرقى التبريكات لكامل الشعب الجزائري الأصيل والمثابر، الذي لم يدخر يوما جهدا في سبيل خدمة بلده مهما بلغت قساوة الظروف، متمنيا أن يكون العيد فاتحة خير ومناسبة لتقريب القلوب وتشتيت الذنوب بين الأقارب والعائلات والجيران، مع الدعاء لحفظ هذا البلد من كل المكائد والدسائس التي تسعى بعض الجهات إلى زرعها