تساءلت آراء بعض المتتبعين لما يجري في الساحة العربية والمغاربية بشكل خاص من حراك سياسي عن خلفيات الاتهامات التي تصرّ بعض الأطراف في ليبيا على كيلها للجزائر، بداية باتهام الطيران الحربي الجزائري بنقل مرتزقة من دول افريقية إلى ليبيا، ثم بالترويج لجوازات سفر جزائرية يقال إنها لمرتزقة جزائريين، رغم التفنيد القاطع لوزارة الشؤون الخارجية لهذه الادعاءات التي لا تتعارض جملة وتفصيلا مع مبادئ الدبلوماسية الجزائرية، التي تشدد على عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول. تذهب تحليلات عديد من المتتبعين إلى التشكيك في نوايا وخلفيات المزاعم والادعاءات التي تروّج لها بعض الأطراف الليبية وتعتبرها محاولة الهدف منها جرّ الجزائر بشكل مباشر لما يجري في الساحة الليبية، من خلال كيل الاتهامات للجزائر بدعم نظام معمر القذافي، رغم التزام الجزائر الحياد وتحفظها عن إبداء أي موقف مما يجري وجرى قرب حدودها سواء بالنسبة لأحداث تونس أو مصر في السابق أو ما يجري حاليا في ليبيا، حرصا منها على احترام إرادة الشعوب واحترام سيادة الدول في الوقت نفسه، وهي مبادئ ثابتة في أبجديات الدبلوماسية الجزائرية التي لا تتدخل في الشأن الداخلي للآخرين ولا تقبل تدخلا في شؤونها الداخلية. وقد حاولت أطراف في الثورة الليبية في البداية الترويج لدور جزائري في نقل المرتزقة الأفارقة إلى ليبيا للتصدي للمتظاهرين ضد نظام معمر القذافي وذهبت إلى حد الزعم أن هذا الأخير طلب مساعدة من الجزائر لمدّه بطائرات حربية لنقل المرتزقة، وهي الاتهامات التي فنّدتها الجزائر بشكل رسمي وصريح وأن لا علاقة لها بما يجري في الساحة الليبية لا من قريب ولا من بعيد. ويبدو أن موقف الجزائر الذي عبّر عنه وزير الخارجية مراد مدلسي في أكثر من تصريح، والذي أكد من خلاله على أولوية وقف إراقة الدماء في ليبيا دون تدخل مباشر في الشأن الليبي لم يرق لبعض الأطراف التي تتحدث باسم المنتفضين في المدن الليبية والذين يبدو أنهم كانوا يراهنون على دعم من الجزائر في انتفاضتهم على نظام القذافي، ولم يجد هؤلاء من طريقة لإقحام الجزائر في الشأن الليبي إلا سياسة الترويج للمزاعم والادعاءات والأكاذيب في محاولة مفضوحة بإظهار جوازات سفر جزائرية والادعاء أنها لجزائريين مرتزقة استعان بهم القذافي في مواجهة معارضيه. اتهامات المتحدث باسم المجلس الانتقالي في بنغازي لا تستند لأي دليل أو منطق، وهي محاولة مفضوحة لجرّ الجزائر للساحة الليبية، وكأن جوازات السفر دليل إدانة، متجاهلين أن عددا من الجزائريين يقبعون في السجون الليبية وأن مئات الجزائريين كانوا يقيمون في ليبيا والذين أجلت منهم السلطات الجزائرية أزيد من 500 في اليومين الماضيين، وأن جوازات السفر الجاري الحديث عنها قد تكون لبعض هؤلاء، لأن قوانين الجزائر صريحة وواضحة في هذا الشأن وهو عدم إقحام الجيش الوطني الشعبي في نزاعات أو حروب خارج الحدود الوطنية. وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر وحتى في حربها على الإرهاب رفضت دعوات من الجارة مالي لدخول الأراضي المالية لتعقب عناصر التنظيم الذي يسمي نفسه القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.