أعلنت الولاياتالمتحدة أمس رسميا مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بعد عشر سنوات من السجال، فيما أعلنت مصادر صحفية أمكانية دفن جثته في البحر بعد تعذر إقناع أية دولة باستقبال جثته ودفنها، بينما احتفل الأمريكيون بالإعلان، وسط تكشف المزيد من المعلومات عن ظروف مقتل بن لادن بعد مطاردة دامت عشرة أعوام، وقد ألقي في البحر بعد رفض كل الدول استقبال جثته. وكشف الرئيس الأمريكي باراك أوباما في ساعة مبكرة من صباح أمس الاثنين بتوقيت غرينتش عن مقتل المطلوب الأول لبلاده في بيان مقتضب. وقال إن وحدة أمريكية صغيرة هاجمت »بشجاعة وكفاءة غير عاديتين« مجمعا سكنيا في منطقة أبت آباد بباكستان بالتعاون مع مخابراتها. وامتدح هذا البلد المسلم لتعاونه في مكافحة ما يسمى الإرهاب، قائلا إنه اتصل برئيسها آصف زرداري بعد العملية. وأكد أوباما أن بن لادن قتل بعد تبادل لإطلاق النار وتم التحفظ على جثته، مؤكدا أن العدالة تحققت بمقتله. وشدد الرئيس الأمريكي على أن الولاياتالمتحدة لم تكن في حرب ضد الإسلام ولكن ضد الإرهاب وتنظيم القاعدة، وأن بلاده لم ولن تكون ضد الإسلام، وأن زعيم القاعدة لم يكن قائدا إسلاميا »بل إنه قتل كثيرا من المسلمين في بلاده«. وكشفت محطة »سي.أن.أن« استنادا لأعضاء في الكونغرس قابلوا أوباما أن بن لادن قتل برصاصة في الرأس، بينما أشار مسؤول أمريكي إلى أن ثلاثة أشخاص قتلوا مع زعيم القاعدة بينهم أحد أبنائه البالغين وسيدة »استخدموها درعا بشريا«. وأتى مقتل بن لادن قبيل أشهر من إحياء ذكرى هجمات 11 سبتمبر 2001 التي نفذها تنظيم القاعدة واعتبرت أكبر هجوم تتعرض له الولاياتالمتحدة منذ دمرت اليابان جزءا من الأسطول الأمريكي في بيرل هاربر عام 1941. وكانت عملية تعقب بن لادن قد بدأت بعد مقتل نحو ثلاثة آلاف أمريكي في تلك الهجمات بشن حملة عسكرية في نوفمبر من العام ذاته على أفغانستان التي كانت تحت حكم طالبان المتحالفة مع القاعدة والمستضيفة لزعيمها. وحول مصير جثة بن لادن قالت صحيفة نيويورك تايمز أمس إنها نقلت إلى أفغانستان بعد قتله ودفنت في وقت لاحق في البحر، مع العلم أن مسؤولين أمريكيين قالوا فور إعلان مقتله إنهم سيتعاملون مع الجثة »وفق التقاليد الإسلامية«. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول قوله إن قرار الدفن في البحر يرجع إلى صعوبة إقناع أي بلد باستضافة الجثمان. ونقلت شبكة »سي.بي.أس« عن مسؤولين أمريكيين أن السعودية رفضت استلام رفات بن لادن الذي كان يحمل جنسيتها وسحبت منه عام 1994. كما نقلت شبكة أي.بي.سي عن مسؤولين أمريكيين إنه تم دفن الجثة في البحر لأن آخر ما يريده الأمريكيون مكان دفن يتحول إلى »مزار للإرهابيين«. وفي تعليقه على مقتل بن لادن قال الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي وقعت هجمات 11 سبتمبر في عهده، إنه هنأ الرئيس أوباما »والرجال والنساء الذين غامروا بحياتهم لتنفيذ تلك المهمة«. واعتبر أن تلك اللحظة انتصار لأمريكا وللناس الباحثين عن السلام في العالم ولأولئك الذين فقدوا حياتهم في الهجمات على الولاياتالمتحدة. ومضى بوش قائلا إن الكفاح ضد ما وصفه بالإرهاب يتواصل، وإن »أمريكا أرسلت رسالة هذه الليلة بأن العدالة ستتحقق مهما طال الزمن«. وعلى المستوى الشعبي، قوبل نبأ مقتل بن لادن بفرح كبير في الأوساط الأمريكية،حيث تجمع المئات أمام البيت الأبيض وهم ينشدون »أميركا أميركا« ويرفعون لافتات تمجد قتل بن لادن ويلوحون بالأعلام الأمريكية. وفي غراوند زيرو بنيويورك حيث وقعت هجمات 11 سبتمبر 2001 انطلق آلاف من سكان المدينة مرددين الهتافات والأناشيد احتفالا بمقتل بن لادن. وبدورها رحبت منظمة "كير" -التي تعد أكبر لوبي إسلامي في أمريكا- وقالت في بيان إنها »تشارك مواطنيها بالترحيب بإعلان أن أسامة بن لادن تعرض للتصفية نظرا لأنه كان يمثل تهديدا لأمتنا وللعالم عبر الهجمات التي نفذها ضد العسكريين الأمريكيين«. ويرجح المراقبون أن يعطي مقتل بن لادن دفعا لحملة الرئيس أوباما للترشح لولاية رئاسية ثانية عام 2012.