ونحن نحتفل باليوم العالمي لحرية التعبير، حاولنا تسليط الضوء على الظروف التي يعيشها رجال مهنة لطالما لقبت بمهنة المتاعب بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي يرفعونها والمخاطر التي تواجههم في رحلتهم في استقاء المعلومة، لكن ما لا يعلمه القاريء الذي يحرص الصحفي على الوفاء له من خلال نقل معاناة اليومية وإيصالها لكبار المسؤولي في الدولة، أن »رجل المتاعب« الذي لطالما كان لسان حال المجتمع بكل فئاته، يعاني في صمت دون أن يجد من يتحدث عنه أو ينقل معاناته، فطبيعة عملهم تفرض عليهم الاستماع لانشغالات الجميع دون الحديث عما يتخبط فيه، مما ينعكس سلبا على مردوده المهني وأوضاعه الصحية، في ظل ارتفاع عدد الصحفيين المصابين بالاكتئاب وبالأمراض المزمنة والتي يأتي في مقدمتها ارتفاع الضغط الدموي والسكري. قدم عدد من الصحفيين الذين تحدثت إليهم »صوت الأحرار« عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير، نظرتهم الخاصة لواقع »مهنة المتاعب« في الجزائر من خلال تسليطهم الضوء على مختلف الظروف المهنية والاجتماعية التي يعيشها الصحفي، معددين جملة من الصعوبات التي تواجههم لدى أدائهم لواجبهم الإعلامي، والتي تلخصت مجملها في غياب قانون أساسي يحدد مهنة الصحفي ويضبط حقوقه وواجباته إلى جانب العراقيل التي يصطدم بها خلال رحلة بحثه عن المعلومة مما يكفل حق المواطن في الإعلام، دون تجاهل الحديث عن مشاكلهم الاجتماعية اليومية والتي من شانها أن تؤثرا سلبا على مردوديته المهنية. عبد الرزاق بوالقمح »الشروق أونلاين« »الصحفي يعد الفئة الاجتماعية الوحيدة التي لا تملك قانونا خاصا بها« »الظروف المهنية والاجتماعية التي يعيشها الصحفي انعكاس طبيعي لوضع الإعلام بصفة عامة في الجزائر، لأن القطاع يعيش حالة من الفوضى خاصة فيما يتعلق بالتشريعات المحددة للعمل الصحفي فقانون الإعلام لا يزال مجمدا، مما يبقي الصحفي الفئة الاجتماعية الوحيدة التي لا تملك قانونا خاصا يحدد مهامه وحقوقه، هذا من جهة من جهة أخرى هناك انتشار كبير لوسائل الإعلام المكتوبة لدرجة جعل عددها يفوق ال80 عنوانا، مما غلّب الكم على الكيف، ودفعنا إلى طرح السؤال حول جدوى هذا الكم الهائل في ظل غياب مضمون جاد وكذا غياب صحف توفر للصحفي ظروف عمل كريمة، وهو الواقع الذي يؤكد أن الصحفي أصبح أضعف حلقة في هذا الواقع الإعلامي الذي تميزه الفوضى. أما فيما يتعلق بالظروف المهنية فإن أبرز ما يمكن تسجيله هو أن أغلب إن لم نقل كل المؤسسات الإعلامية لا توجد على مستواها اتفاقيات جماعية بين رب العمل والصحفي والتي تحدد حقوق وواجبات هذا الأخير، إلى جانب غياب قانون داخلي للمؤسسة يتحدد بناء على تلك الاتفاقية، وهو الغياب الذي انعكس منه غياب تام لتحديد الحد الأدنى لأجور الصحفيين وكذا غياب سلم مهني«. فؤاد سبوته »التلفزيون الجزائري« »تحسين ظروف عمل الصحفيين يبدأ بوضع قانون أساسي لهم« »قبل الحديث عن الظروف المهنية والاجتماعية للصحفي لا بد من إعادة النظر في كل العوامل المحيطة برجل الإعلام، فالصحفي الذي يكتب عن انشغالات المواطنين وينقل معاناتهم اليومية، يبقى في واقع الأمر بحاجة إلى من يستمع لرأيه ويبحث عمّن يحسّن ظروف عمله ومعيشته، فليس من المعقول ونحن في جزائر 2011 أن نسمع بصحفيين ما يزالون يقيمون بما يعرف بالغرف الأمنية، وآخرين غير مؤمنين اجتماعيا أو يقل راتبهم عن 8 آلاف دينار وغيرها من العوائق، كل هذه العوامل من شأنها أن تؤثر سلبا على أداء الصحفي بشكل عام، ومن هذا المنطلق يصبح من المستحيل مطالبته بالتزام الموضوعية في كتاباته وهو الذي يلتقي رئيس الجمهورية وأصحاب القرار ليجد نفسه بعد مثل هذه اللقاءات يواجه واقعه الصعب جدا. تحسين ظروف عمل الصحفي يبدأ بوضع قانون أساسي للصحفيين وهو الخطوة التي تجنبهم الكثير من الأمور التي من شأنها خدش حيائهم، كما أن على السلطات الرسمية أن تأخذ مأخذ الجد حول هذا الموضوع خاصة في ظل بوادر إيجابية للتغيير بعد خطاب رئيس الجمهورية وما تضمنه من إصلاحات للقطاع، لكن لا بد من التأكيد هنا أن اللوم لا يلقى فقط على السلطة وإنما للصحفيين دور كبير في تحسين ظروفهم المهنية من خلال المباردة بتقديم جملة من الاقتراحات التي من شانها تحسين المهنة، فمن المستحيل التوجه نحو إصلاحات في المجال الإعلامي دون إشراك الصحفيين في اتخاذ القرار«. حكيم بوغرارة »الشعب« »تحسين أوضاع الصحفي يتطلب الاعتراف بالفوضى التي تعتري قطاع الإعلام«إن الحديث عن تحسين ظروف عمل ومعيشة الصحفي يتطلب في البداية الاعتراف بالفوضى التي تعتري قطاع الإعلام في الجزائر، فعلى الرغم من كون قانون الإعلام 90/04 يعتبر من أرقى التشريعات غير أن عدم تجديده وإبقاءه مجمدا شجع على انتشار الفوضى في القطاع، مما أبقى الإعلام تحت سلطة رؤساء التحرير، هذه النقطة بالذات تتطلب منا فتح ملف بالكامل حول الظروف المهنية المحيطة بالعمل الصحفي وانقسام الصحفيين ومدراء التحرير بين الرغبة في الوصول إلى المعلومة والبحث عن الربح والإشهار، واقع آخر لا يجب إهماله وهو صعوبة أو بالأحرى غلق مصادر المعلومة، من منطلق تفضيل عنوان على الآخر. كل ما قيل لا ينفي وجود مؤشرات إيجابية ونية حقيقية في تحسين ظروف الصحفي، لكن يبقى التجسيد على أرض الواقع من الأمور الصعبة جدا، فحتى لو تم تحسين الظروف الاجتماعية للصحفي إلا أن ذلك لن يساهم في ترقية مهنة الصحافة، فبرأيي حل المشاكل الاجتماعية للصحفي من سكن ونقل وغيرها يمكن له أن يتم على مستوى المؤسسات الإعلامية نفسها، وحول هذا أقترح تطوير الحلول وبحثها بشكل منظم على مستوى المؤسسات فلا يمكن أن يعتبر الصحفي نفسه مواطنا فوق العادة لكن في المقابل لا بد من توفير الظروف الملائمة له حتى لا يكون تحت رحمة المفسدين والمرتشين الذين يستغلون الظروف الاجتماعية الصعبة للصحفي التي جعلت البعض منهم يدخل في متاهات فيها إساءة لمهنة الإعلام بالدرجة الأولى«.