تمكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما من نزع فتيل التوتر مع الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، عندما أكد أن دعوته لإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حدود عام 1967 تأخذ بعين الاعتبار ما أسماه »الواقع السكاني الجديد« أي الاستيطان. وفي كلمته أول أمس الأحد أمام اللجنة الأمريكية للشؤون العامة لإسرائيل (إيباك) عارض الرئيس الأمريكي المسعى الفلسطيني للحصول على اعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطينية من جانب واحد في سبتمبر، كما أدان اتفاق المصالحة الأخير بين حركة التحرير الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لكنه أيضا دعا إسرائيل »لاتخاذ خيارات صعبة« من أجل السلام. واعتبر الرئيس الأمريكي أن اتفاق المصالحة بين فتح وحماس »عقبة أمام السلام«. وقال »لا يمكن توقع قيام دولة بالتفاوض مع منظمة إرهابية مصممة على تدميرها (إسرائيل)«، وطالب حركة حماس »بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف والالتزام بكل الاتفاقيات القائمة«. وقال أوباما إن دعوته لدولة فلسطينية على حدود 1967 حرفت، وأضاف »بحكم التعريف تعني المبادلة أن الطرفين نفسيهما الإسرائيلي والفلسطيني سيتفاوضان على حدود تختلف عن التي كانت موجودة في الرابع من يونيو/حزيران 1967، هذا هو ما تعنيه المبادلات التي يتفق عليها الجانبان«. وأوضح أن هذه الدعوة التي أكدها »تسمح للطرفين نفسيهما بمراعاة التغييرات التي حدثت خلال الأربعين عاما الماضية.. إنها تمكنهما من مراعاة هذه التغييرات بما فيها الحقائق السكانية الجديدة على الأرض وحاجات الجانبين«. وقد امتدح رئيس الوزراء الإسرائيلي خطاب الرئيس الأمريكي، وقال إنه مصرّ على العمل مع أوباما على إيجاد سبل لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نتنياهو قوله بعد خطاب الرئيس الأمريكي »بودي أن أعبر عن تقديري لأقوال الرئيس أوباما أمام مؤتمر إيباك، وأنا شريك في رغبة الرئيس في دفع السلام، وأقدر جهوده في الماضي والحاضر من أجل تحقيق هذا الهدف«. واعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أوباما جدد عملياً التأكيد على التزام الولاياتالمتحدة بتعهدات الرئيس السابق جورج بوش لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون من عام 2004، المعروفة برسالة الضمانات القاضية بأن أي اتفاق سلام يجب أن يأخذ بالحسبان التغيرات الديمغرافية، أي ضم الكتل الاستيطانية لإسرائيل. كذلك وصف مقربون لنتنياهو خطاب أوباما أمس بأنه خطاب جدير بالتقدير، وقالوا »إننا لا نرى في ذلك انتصاراً لكننا حصلنا على عدة تأكيدات كانت مهمة بالنسبة لنا«. وكان أوباما قد دعا الخميس الماضي للمرة الأولى إلى قيام دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967 »مع تبادلات يتفق عليها الطرفان«. وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى رفض هذه الفكرة خلال لقائه أوباما في البيت الأبيض الجمعة الماضية، مما دفع الرئيس الأمريكي إلى الحديث أول أمس عن إساءة تفسير لما ورد في تصريحاته. وردا على خطاب الرئيس الأمريكي، قال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه إن إعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل ينبغي أن تكون »على أساس الاعتراف بحدود 1967 لدولة فلسطين«. وقال عبد ربه -في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية- »إذا أرادت الولاياتالمتحدة إطلاق عملية سلام على أساس الاعتراف بحدود عام 1967 لدولة فلسطين، فإن ذلك يقتضي الحصول على اعتراف إسرائيل بهذه الحدود أولا حتى تبدأ المفاوضات انطلاقا من هذا الأساس«. أما المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة فقال إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيناقش مع القيادة الفلسطينية غدا الأربعاء في رام الله، ومع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية يوم السبت في الدوحة، ما جاء في خطاب الرئيس أوباما. وأضاف أن »الرئيس الفلسطيني أجرى سلسلة لقاءات عربية ودولية، وهناك تقدير من الجميع بأن موقف الرئيس المتكرر من دولة على حدود 1967 هو خطوة في الاتجاه الصحيح«. ومن ناحيتها اعتبرت حركة حماس أول أمس أن تصريحات الرئيس الأمريكي تؤكد أن الإدارة الأمريكية منحازة بالكامل لصالح إسرائيل. وقال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري إن هذا الانحياز هو على حساب حرية الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته كاملة السيادة. واعتبر تصريحات أوباما بشأن التراجع عن حدود عام 1967 دليلاً على خطأ اعتبار الإدارة الأمريكية راعيًا نزيهاً، وخطأ الاستمرار في الرهان على الدور الأمريكي.