إنه ومن حيث الأسس وانطلاقا من الدستور الجزائري الذي يحتكم إلى قواعد النظام الديمقراطي التعددي، فإنه وفي مجال مبدإ المساواة بين المواطنين الجزائريين اعتبر في مادته 29: »كل المواطنين سواسية أمام القانون، ولا يمكن أن يُتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد او العرق أو الجنس أو الرأي، وأي شرط أو ظرف آخر شخصي أو اجتماعي«. وفي الفصل الثاني منه الموسوم ب»الشعب« جعل من الشعب مصدر كل سلطة، وأنه المالك الوحيد للسيادة الوطنية دون سواه، وأنه كذلك بالنسبة للسلطة التأسيسية، وأنه يمارس سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخبين، وهو يتمتع بكامل الحرية في هذا الاختيار الممثلي الذي لا حدود له في نظر الدستور الجزائري إلاّ ما كان خارج نطاقه. وأنّ لهذه المؤسسات الدستورية التي يختارها الشعب بمطلق حريته، ومن شأنها وأبرز مهامها أن تحافظ على الاستقلال الوطني وتدعمه والمهمة ذاتها بالنسبة للحفاظ على الهوية الوطنية والوحدة الوطنية والحرص على دعمهما. وأيضا من أبرز أداء المؤسسات الشعبية المنتخبة أن تحمي الحريات الأساسية، وأن ترقى بالازدهار الاجتماعي والثقافي للأمة باستمرار والقضاء من جهة أخرى على استغلال الانسان لأخيه الانسان. ومن خلال دورها الرقابي وواجب العمل به وأدائه أن تحمي الاقتصاد الوطني من أي شكل من اشكال التلاعب أو الاختلاس أو الاستحواذ أو المصادرة غير الشرعية، وفي مادته الحادية عشر جعل الدولة تستمد مشروعيتها وسبب وجودها من إرادة الشعب. إنّ إرادة الشعب التي كرست نظام الفصل بين السلطات في الدستور الجزائري الذي أخصّ كل سلطة بأحكام مبينة في مواد تتعلق بها عبر ثلاثة فصول تشكل الباب الثاني فيه تحت عنوان »تنظيم السلطات«. وكون الدستور الجزائري ينص على أن الشعب هو مصدر السلطة ومصدر مشروعية الدولة، وأن سبب وجودها من إرادته، فإنه يمارس السلطة التشريعية من خلال برلمان يتكون من غرفتين له كامل السيادة في إعداد القوانين وفي التصويت عليها. وباسم الشعب يراقب البرلمان عمل الحكومة ويمارس الرقابة عليها، وذلك انطلاقا من وفائه لثقة الشعب الذي عليه أن يظل يتحسس تطلعاته ويعيش اهتماماته وطموحاته التي يجب أن يرعاها ويسهر عليها عبر المناقشة العامة لمخطط الوزير الأول، والمناقشة العامة لبيان السياسة العامة السنوي للحكومة، والأمر نفسه والمهمة ذاتها فيما يخص استجواب الحكومة في إحدى قضايا الساعة وتوجيه الأسئلة الشفوية منها والمكتوبة إلى أعضائها من قبل ممثلي الشعب سواء كانوا منتخبين انتخابا مباشرا في المجلس الشعبي الوطني »الغرفة السفلى« 389 عضوا، أو كانوا منتخبين انتخابا غير مباشر في مجلس الأمة »الغرفة العليا« 144 عضوا، الذين 2/3 منهم يأتون عن طريق الاقتراع. وكون المجلس الشعبي الوطني منتخب انتخابا مباشرا من الشعب حظيه الدستور بخصوصية مفادها أن يصوت على ملتمس رقابة ينصبّ على مسؤولية الحكومة، وفي حالة مصادقته على ملتمس الرقابة فإنه على الوزير الأول أن يقدم استقالة الحكومة إلى رئيس الجمهورية. واعتبارا للمدلول الشعبي للرقابة، فإن الدستور يخول للمجالس المنتخبة أن تضطلع بهذه المهمة النبيلة، إن محليا وإن وطنيا، حيث أنه يجيز لها أن تشكل لجان رقابة مؤقتة في قضايا ذات مصلحة عامة أو بواسطة اللجان الدائمة التي يخول لها أن تستدعي أي مسؤول في أي مستوى كان بما في ذلك الوزراء أعضاء الحكومة، تلكم هي الحقوق والصلاحيات التي يمنحها الشعب لممثليه إثر كل اقتراع ... ! ؟