حسب الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى في هذا الحوار الذي أدلى به ل»صوت الأحرار« فإن اللوبي التجاري موجود بقوة في الجزائر وهو نفسه اللوبي الذي سيطلق القنوات السمعية البصرية ويستحوذ على الوسائط الذكية للأنترنت ، وأنه من الصعوبة إن لم يكن مستحيلا الوقوف أمامه مادامت رؤوس الأموال ومناطق النفوذ بين يديه، إلا أن المطلوب والضروري من وجهة نظر الخبير هو الاتفاق على حد مقبول من الشروط الأخلاقية والوطنية لمنح الاعتمادات ، وتقييد الاعتمادات الممنوحة باحترام ثوابت المجتمع. *يعطي تهافت العديد من المؤسسات ورجال الأعمال لإنشاء مؤسسات إعلامية خاصة في السمعي البصري الانطباع بأن هذا السوق يمثل سوقا واعدا من الناحية الاقتصادية؛ إلى أي مدى هذا الكلام دقيق وهل سوق الإشهار فقط المعني بهذه الحركية أم أن مجال الإنتاج التلفزيوني معني بهذا الدينامية؟ **الفضاء السمعي البصري في كل العالم أصبح صناعة أي قطاعا استثماريا ، وفي الجزائر – كما هي الفضاءات التقليدية للإعلام – يحمل هذا النوع من الاستثمار صورتين : الأولى تجارية تخص الإشهار والترويج والمنافسة بين أصحاب القنوات أنفسهم والذين يملكون أصولا استثمارية في سوق السلع والخدمات وهؤلاء لازالوا مقيدين بكلفة الإشهار عبر الفضاء السمعي البصري الحكومي ومن مصلحتهم التزود بقنوات خاصة تروج لمنتوجاتهم . والصورة الثانية هي الصورة الثقافية أي صناعة رأي عام من جهة وتكوين أنماط استهلاكية خاصة تخدم منتجات محددة وخاصة في ميدان الموضة. حقيقة، توفر الجزائر سوقا مهمة للترويج التلفزيوني والإشهار عبر الوسائط الالكترونية في المستقبل القريب لسببين هما : بلوغ حجم السكان 40 مليون نسمة ، 60 في المائة منهم فئة مستهلكة للمعلومة المرئية والوسائط ، اتجاه الدخل العائلي نحو الارتفاع بسبب ضخ السيولة في كتلة الأجور وهذا يزيد من إمكانية الطلب لدى العائلات وبالتالي يدفع بشركات الإنتاج إلى المنافسة على سوق هذا وضعها . *ما تزال صيغة فتح قطاع السمعي البصري للخواص غير واضحة ومن الصيغ المطروحة والجاري الحديث عنها صيغة 51 بالمائة للدولة مقابل 49 بالمائة للخواص، من الناحية الاقتصادية والتجارية؛ هل هي ممكنة إداريا واستثماريا وهل هي مجدية اقتصاديا للخواص أم لا؟ **لا أظن أن صيغة الشراكة بالأغلبية تخدم الهدف من فتح السمعي البصري لأن ذلك يذكرنا بالشراكة الأجنبية في ميدان الاستثمار ، وليست من مصلحة الحكومة التضييق مرة أخرى على القطاع الخاص في مجال الإعلام الثقيل بعد أن جربت التضييق في مجال الاقتصاد والإنتاج . كما أن طبيعة المنتوج التلفزيوني والإذاعي لا تتحمل الشراكة في رأس المال مع الحكومة نظرا للكلفة القليلة للقنوات . ويبقى منتظرا إطلاق دفتر شروط ذي طابع معنوي وأخلاقي يحدد الثوابت الوطنية والدينية التي على الشركات الجديدة في الإعلام السمعي البصري التقيد بها ، هذا الدفتر قد يحمل شكل قانون خاص أتوقع أن تكشف عنه الحكومة قريبا . *هل التخوف من إمكانية نشوء لوبيات اقتصادية وإعلامية خاصة ؛هو تخوف مشروع ؟ اللوبي التجاري موجود بقوة في الجزائر وهو نفسه اللوبي الذي سيطلق القنوات السمعية البصرية ويستحوذ على الوسائط الذكية للأنترنت ، ولا يمكن الوقوف أمامه مادامت رؤوس الأموال ومناطق النفوذ بين يديه وإلا ما أقدمت السلطات على تحرير السمعي البصري ، ولكن المطلوب هو الاتفاق على حد مقبول من الشروط الأخلاقية والوطنية لمنح الاعتمادات ، وتقييد الاعتمادات الممنوحة باحترام ثوابت المجتمع ، وأظن بأن القواعد القانونية والتشريعية كفيلة بضبط العملية برمتها . *هل البنية الاقتصادية للجزائر وخاصة القطاع الخاص يسمح بظهور إمبراطوريات اقتصادية وإعلامية يمكنها التأثير في الساحة السياسية مستقبلا، مثلما هو الحال في دول أخرى مثل ظاهرة بيرلسكوني في ايطاليا والحريري في لبنان وميردوخ في انجلترا وساوريس في مصر.. **بكل تأكيد ، الفضاء السياسي الذي رافق مرحلة الانتقال من النظام الاشتراكي إلى نظام السوق مع بداية الثمانينات سمح بنشوء طبقة رأسمالية هي الطبقة البرجوازية الصغيرة وهي نفسها الطبقة التي تحتكر السلع الإستراتيجية والقطاعات الواعدة في البلاد ، وهي تملك من التراكم الرأسمالي ومن التحالفات غير المعلنة ما يؤهلها لقيادة السمعي البصري مستقبلا كما وقع للولبيات الصحافة من قبل. وأظن أن الفضاء الاعلامي المفتوح عالميا والعولمة البصرية التي مكنت كل العائلات الجزائرية من الارتباط مباشرة بالقنوات الأجنبية تجعل هذه العائلات في مستوى التمييز بين القنوات الجديدة على سلم الجودة ، كما أن هذه القنوات نفسها ستجد نفسها مقيدة باتجاهات الإعلام العالمي عكس الشركات الاستثمارية الخاصة التي لازالت تملك هامش مناورة أوسع للتنافسية إزاء شركات القطاع العام.