عرفت المبادرة الخيرية التي أطلقها رجال الأعمال الأتراك وسميت »مشروع التضامن الاجتماعي« وللسنة الخامسة على التوالي، نجاحا باهرا بمساهمتهم الفعالة برسم الابتسامة على وجوه العائلات المعوزة أو ذات الدخل الضعيف الذين لم يسعفهم الحظ في اقتناء أضحية العيد، وذلك بنحر 650 أضحية وتوزيعها في مناطق مختلفة من ربوع الجزائر. مناصفة بين رجال الأعمال الأتراك المقيمين بالجزائر ونظرائهم القادمين من تركيا وبالتنسيق مع بعض رؤساء البلديات المعنية بالعملية وشخصيات جزائرية تنشط في الميدان الخيري، وتحت شعار »مشروع التضامن الاجتماعي«، تم أول أيام العيد الأضحى المبارك نحر 650 رأس من الغنم و25 رأسا من البقر، وزّعت على محتاجين من ولايات الجزائروبسكرة والنعامة واستفادت من هذه المبادرة الطيبة أكثر من 3900 عائلة جزائرية. وقد حضرت »صوت الأحرار« العملية في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك بمذبح زرالدة بالعاصمة، وقاسمت رجال الأعمال الأتراك، الذين كانوا مرفوقين بعائلاتهم، المبادرة الخيرية التي لقيت استحسانا كبيرا لدى العائلات التي مستها العملية التضامنية هذه. كانت الساعة منتصف النهار عندما أغلق سباعي نصر الدين مسير وحدة زرالدة لمؤسسة تسيير المذابح والسماكة لمدينة الجزائر أبواب المذبح ليتفرغ الكل هنا لعملية الذبح وقطع اللحوم، قبل وضعها في أكياس صحية جميلة، وتوجيها إلى العائلات المعوزة التي تم تحديدها من قبل بالتنسيق مع بعض رؤساء البلديات وشخصيات عمومية جامعية ورياضية وعلمية وإعلامية مهتمة بالعمل التضامني. وكان حميد أولغان، صاحب شركة »ميدياتيك« للاتصال والخدمات والاستشارة، وزميله سركان، ومعاونيهم، سيما سفيان وسمير، في الموعد عندما ضبطوا ساعاتهم على الموعد، ليتابعوا أدق التفاصيل، بدء من استقبال الوفود إلى آخر العملية التي تتمثل في ترخيص انطلاق العربات محملة بالأكياس إلى مستحقيها. وسط تهليلات وتكبيرات والصلاة والسلام على رسول الله، بلهجة تركية أصيلة، يدخل عمال مذبح زرالدة مجموعة من الأضاحي، تحت أعين رجال الأعمال الأتراك، ومسؤولي بلدية زرالدة وبلديات أخرى معنية بالعملية، وضيوف »مشروع التضامن الاجتماعي«، حيث يقوم أحد هؤلاء ب »توكيل« الذباح لنحر الأضاحي، في حوار قصير، قبل أن يقول الأول »باسم الله. الله أكبر«، ليرد عليه الذبّاح »باسم الله. الله أكبر«، وتستمر العملية كذلك، إلى حين الانتهاء من السلخ، قبل أن يتوجه عمال المذبح إلى المكان المخصص للتقطيع، ومن ثم يقوم »جيش« المتطوعين بنقل أجزاء اللحم المقطّعة إلى شاحنة وضعت خصيصا لهذا الغرض، حيث يتم جمع تلك اللحوم في أكياس صحية جميلة، وعدها وتحديد وجهاتها. سفير تركيا بالجزائر يقف على العملية وعندما كان الكل هنا في المذبح منهمكا في أداء المهمة المنوطة به على أحسن وجه، حل سفير تركيا بالجزائر أحمد بيغالي، حيث أصر على مشاركة بني بلده والجزائريين الفرحة، حيث توجه إلى قاعة الاستقبال، ليتقاسم من المتطوعين وجبة الغذاء، في بساطة منقطعة النظير، قبل أن يتوجه إلى قاعة الذبح، أين شارك الجمع التكبيرات والتهليلات وينوي ذبح كبش وأوكل العملية للذبّاح محمد الربعي، المدعو »التيارتي«. »نأمل مشاركة أهل الخير ورجال الأعمال الجزائريين« ويقول حميد أولغان، المشرف العام على العملية والذي تابع أدق تفاصيلها أن الإعداد لهذه العملية تطلب إجراء عدة اتصالات سواء مع الجالية التركية المتواجدة بالجزائر من رجال الأعمال أو من الطلبة الأتراك الذين يتابعون دارساتهم العليا في الجامعات الجزائرية وكذا الاتصال بالجزائريين بحكم معرفتهم الجيّدة للجزائر وأوضاعها من أمثال رؤساء البلديات وشخصيات أخري فاعلة من المجتمع المدني، حيث بدأ المتطوعون في جمع الحصص وإيصالها إلى الجهات المستقبِلة في الجزائر العاصمة وبسكرة وورقلة والنعامة. وفي هذا السياق أكد حميد أولغان أن الهدف المرجو من هذه العملية هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن العائلات المعوزة تمس جميع ولايات الوطن، متمنيا »مشاركة رجال الأعمال الجزائريين وأهل الخير في هذا البلد حتى نتمكن من تحقيق هدا الهدف المنشود« على حد تعبيره . »المبادرة واجب تجاه الجزائر التي وفرت لنا شروط الاستقرار والاستثمار« وعن المبادرة قال رجال الأعمال الأتراك أن الهدف منها أساسا هو إبراز قيم التضامن والتآزر لدى المسلمين والتعريف بها لدى غير المسلمين، وكذا محاربة الفقر وغرس روح التعاون ومد جسور التآخي وخلق علاقات متينة بين شعوب وتوطيدها، مؤكدين على أن حضورهم الشخصي إلى الجزائر والإشراف على العملية دون إرسال المساعدات فقط هو التعرف على الشعب الجزائري عن قرب والاحتكاك بهم، مؤكدين على أن العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط بين الشعبين الشقيقين الجزائري والتركي عريقة وقوية على حد وصفهم. ومن جانبهم أكد المستثمرون الأتراك المقيمون بالجزائر أن »المشاركة في هذه المبادرة هو واجبا تجاه شعب شقيق ودولة وفرت لنا كل شروط الاستقرار والاستثمار«. وللإشارة فإن هذه المبادرة الخيرية انطلقت مند عام 2007 باقتراح من طرف حميد أولغان على رجال الأعمال الأتراك بالجزائر التي لقيت استحسانا كبيرا منهم وقبولهم المبادرة وقد تم التبرع في هذه العملية التي تعد الأولى من نوعها بالنسبة للجاليات الأجنبية المستقرة في الجزائر ب 400 أضحية تم توزيعها في العاصمة والمدية، ونظرا لنجاح العملية قال أولغان »قررنا أن نكرر المبادرة كل سنة، حيث استمرت المبادرة سنة 2008 ب 500 كبش وزعت في العاصمة والمدية وبومرداس، ثم في 2009 وصل عدد الأضاحي إلى 550 أضحية وزعت بالإضافة إلي الولايات السابقة في ولاية بسكرة بالتحديد، وفي سنة 2010 وصل عدد العائلات المستفيدة إلى 3600 عائلة ونحر 600 أضحية موزعة على ولايات الجزائر العاصمة، وبومرداس، وبسكرة والمدية، أما في 2011 فقفز العدد إلى 650 رأس ليرتفع بذلك عدد العائلات المستفيدة إلى 3900 عائلة. يذكر أن 30 من رجال الأعمال قدموا من تركيا إلى الجزائر يوم قبل عيد الأضحى المبارك للمشاركة في هذه العملية التضامنية، على أن يعودوا إلى بلدهم في رابع أيام العيد.