تزال المملكة المغربية متمسكة بورقة إعادة فتح الحدود مقابل إعادة تطبيع علاقاتها مع الجزائر، بل إنها ترى في هذه الخطوة »إجراء قبلي« لمناقشة باقي الملفات الخلافية الأخرى. ورغم أن وزير الخارجية للملكة لم يتحدّث عن هذا الأمر إلا أن الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية لمّح إلى أن إجراء من هذا النوع سيكون محفزا ل »الشروع في حوار جدّي«. أكدت الجزائر والمغرب على أهمية تبادل الوفود الوزارية في تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين معتبرتين أن التعاون الثنائي بين مختلف قطاعات البلدين بدأ يُعطي »نتائج ملموسة«. وجاء هذا التأكيد خلال المحادثات التي جمعت وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، مع الوزير المغربي للشؤون الخارجية والتعاون، الطيب الفاسي الفهري بالرباط على هامش الدورة الرابعة لمنتدى التعاون العربي-التركي. وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية بأن اللقاء سمح بالتطرق إلى العلاقات الثنائية على ضوء مختلف الزيارات القطاعية التي قامت بها وفود وزارية إلى كلا البلدين. وعن سيرورة الإصلاحات السياسية التي شرع في تطبيقها في البلدين تحدّث الوزيران عن ضرورة تعميق وتعزيز المسار الديمقراطي، واعتبرا أن »المراحل التي تمّ قطعها في تعزيز دولة القانون تُساهم بإرادة مشتركة في الاستجابة للمطالب المشروعة لشعوبهما وتدعيم الاستقرار في بلديهما وفي كل المنطقة«. وفي هذا السياق أورد مراد مدلسي أن الجانبين بصدد تقييم حالة التعاون الثنائي عبر لقاءات بين مختلف وزراء البلدين التي »بدأت تعطي نتائج ملموسة«، مضيفا أن تدعيم هذا التعاون »سيمكننا من الالتقاء أكثر وأخذ وقت أكثر لتبادل المعلومات حول التحديات والانشغالات الخاصة بنا والتفاهم بشكل أحسن«. كما عبر وزير الخارجية عن قناعته بالتوصل »بسرعة« إلى السبل التي تقود التطلعات وبشكل خاص العلاقات الثنائية بين الجزائر والمغرب وكذلك »هذا الطموح الذي يحدونا كمغاربيين لبناء الصرح المغاربي أو المشاركة في جميع الأحوال في بنائه«. وأشار من جهة أخرى إلى أنه ينبغي على المسؤولين المغاربة الكفّ عن استهداف الجزائر في تصريحاتهم. أما الوزير المغربي أكد أن تعزيز العلاقات المغربية-الجزائرية يندرج في إطار خارطة طريق »مقررة على أعلى مستوى«، موضحا أن البلدين »اتفقا« في هذا الإطار على الكيفية والوسائل الكفيلة بتفعيل خارطة الطريق هذه. وقد اعتبر أنه »من غير المقبول ألا تكون علاقته طبيعية مع هذا الجار مهما كانت الخلافات«، معلنا المملكة في تطبيع كامل لعلاقتها مع الجزائر، وفي تقديره فإن البلدين "تأخرتا كثيرا. نحن نعرف موقف كل من الطرفين بشأن بعض الملفات وأيضا الخلاف حول قضية الصحراء المغربية«. ودعا الفهري في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الفرنسية إلى »تعاون واسع بين البلدين«، دون أن يفوّت الفرصة من أجل التعبير عن أسفه »لاستمرار إغلاق الحدود البرية بسبب هذه الخلافات«، وتوقع أن تتجه الأمور نحو التطبيع بالقول: »إذا سارت عملية التعاون التي بدأت أخيرا في العديد من القطاعات بين المغرب والجزائر على ما يرام، فإنها ستسفر عن تطبيع كامل للعلاقات«، مشيرا إلى أن البلدين سيقرران »في مستقبل قريب جدا« الخطوة المقبلة. ومن جانبه صرّح وزير الاتصال المغربي الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، أن »تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية يمر عبر خطوات قبلية ضرورية بالنسبة للمملكة«، مضيفا خلال مؤتمر صحفي الخميس بالرباط بأنه »ليس هناك مانع للتحاور بجدية مع الجزائر لطي الصفحة والعمل سويا من أجل بناء المغرب العربي الذي هو في مصلحتنا المشتركة«. وبرأي الناصري فإنه »لا يمكن أن يكون هناك مغرب عربي بدون مساهمة إيجابية وبدون انسجام بين مساهمة المغرب والجزائر«، معتبرا أن اللقاء الذي جمع وزيري الشؤون الخارجية المغربي والجزائري بالرباط »يعكس تشبث البلدين بخلق الظروف المواتية لتطبيع العلاقات بينهما«.