نعى المؤتمر القومي العربي أحد كبار مؤسسيه وأمينه العام منذ 1995 – 2000 المجاهد الكبير، الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني الجزائري الأستاذ عبد الحميد مهري الذي توفي أول أمس. وفيما يلي نص النعي: خسرت الأمة العربية والإسلامية مجاهداً كبيراً من مجاهديها، وقائداً بارزاً من قادتها، وسياسياً حكيماً صافياً نقياً من سياسييها، هو الأمين العام السابق للمؤتمر الأستاذ عبد الحميد مهري عن ستة وثمانين عاماً. لقد أفنى عبد الحميد مهري عمره في الكفاح من أجل تحرير بلاده ونصرة قضايا أمته، فانتسب في شبابه إلى الحركة الوطنية الجزائرية »حزب الشعب«، ليصبح بعد سنوات من مؤسسي جبهة التحرير الوطني الجزائري التي أطلقت الثورة الجزائرية في 1/11/1954، وليصبح في أوائل التسعينات، زمن التحول الديمقراطي الأول، أميناً عاماً للجبهة، بعد أن شغل مناصب وزارية ودبلوماسية في حكومات الثورة، كما في حكومات الاستقلال. لقد عرفنا الراحل الكبير مؤسساً في المؤتمر القومي العربي، ومرشداً وموجهاً وحكيماً في الأزمات الصعبة، كما عرفناه قيادياً شجاعاً لا يجامل في حق، ولا يساوم في مبدأ، ولا يهادن في قضية عادلة، مستعداً لتحمل المعاناة والتضحيات والحصار في سنوات عمره الأخيرة، كما تحمّلها بكل بسالة في أيام الثورة الطويلة. كما عرفناه عقلانياً في مواقفه، رصيناً في أحاديثه، مفكراً يلهم السياسيين، وسياسياً يغني المفكرين، فقلّما خلت ندوة من مداخلة مميّزة، أو من تعقيب ذي أثر بالغ، وقلّما خلا محفل شارك فيه من بصمات فكره وتحليلاته ومواقفه. بين العرب والأمازيغ كان جسراً للتفهم والتفاهم، وبين الإسلاميين والقوميين والليبراليين كان رجل تقريب وتعزيز للتلاقي حول المشتركات، وبين أمته والعالم، كان رسالة تنضح بالحرية والعدالة والروح الإنسانية المتوثبة. لم تخسر الجزائر وحدها في غياب عبد الحميد مهري، ولم يخسر فقط المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي – الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، ومركز دراسات الوحدة العربية، وكافة الملتقيات العربية والدولية الرجل الحاضر بعقله الراجح، ورأيه الرشيد، وإنما خسرت الأمة كلها أحد مداميك نهضتها واستقلالها، وأحد رموز كرامتها، وعنفوانها.