رسمت الشبكة الأورو- متوسطية لحقوق الإنسان صورة سوداوية عن الجزائر، حيث وصفت رفع حالة الطوارئ ب »الخدعة«، وانتقدت بشدة ما أسمته بالتضييق على الحريات ومنع التظاهر، مؤكدة بأن نصوص الإصلاح المعتمدة مؤخرا تتناقض مع توجهات التغيير وتتنافى مع الانفتاح الديمقراطي، ويطرح هذا التقرير تساؤلات لكثيرة حول توقيته وحول مضمونه الذي جاء مناقضا تماما للواقع، خاصة وأن الجزائر تعيش عملية تغيير سلسة وجدية، باعتراف العديد من دول الديمقراطية العريقة في أمريكا وأوربا. انتقدت الشبكة الأورو- متوسطية لحقوق الإنسان، الخطوات التي باشرتها الجزائر في إطار مشروعها للانتقال الديمقراطي، وقالت في تقرير من 40 صفحة، نشرته أول أمس، وتناقله الموقع الاليكتروني »كل شيء عن الجزائر«، بأن رفع حالة الطوارئ في الجزائر لم يمكن من ضمان أفضل لممارسة الحقوق والحريات الأساسية، وخاصة بالنسبة للمنظمات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان. وأضافت الشبكة التي تتخذ من جنيف مقر لها، في تقريرها أن »قرار رفع حالة الطوارئ الذي اتخذته السلطات الجزائرية في 24 فيفري 2011، في أعقاب الربيع العربي ورداً على الاستياء الشعبي العميق الذي تغذيه الأزمة الاجتماعية، ليس سوى خدعة وقرار سطحي يخفي وراءه تفاقماً للقيود المفروضة على الحريات المدنية والشخصية ولانتهاكات حقوق الإنسان حيث تم إدماج معظم قوانين الطوارئ في القانون العادي«،وبرر التقرير الحكم القاسي الذي صدره بحق مسار التغيير الذي تبنته الجزائر بالحديث عما أسماه ب »الممارسات التعسفية التي وضعتها الإدارة لعرقلة نشاط الجمعيات«، وضربت الشبكة الحقوقية عدد من الأمثلة لخصتها في » منع اعتماد النقابات والمنظمات.. الحظر غير المبرر للاحتجاج والتجمع في الأماكن العامة والمضايقات التي يتعرض لها الناشطون على يد عناصر الأمن،والممارسات الإدارية التعسفية التي تعرقل عملية تأسيس الجمعيات«. وقالت الشبكة أن نصوص الإصلاح المعتمدة مؤخرا »تتناقض مع توجهات التغيير« ولا تسيير في اتجاه »الانفتاح الديمقراطي« الذي تم الإعلان عنه، وواصلت بأن »مختلف القوانين الصادرة في شهر جانفي 2012 وخاصة تلك المتعلقة بالجمعيات )...( تقيد أكثر فأكثر ممارسة الحريات من خلال فرض عوائق كبيرة على الحريات«، وهو ما جعلها تقدم جملة من التوصيات، أو بالأحرى »النصائح« للجزائر لتحسين صورة الإصلاحات التي باشرتها. ولم تكتف الشبكة الحقوقية بمواقفها المذكورة، فراحت تحرض الاتحاد الأوربي داعية إياه إلى اتخاذ مواقف حازمة ضد ما أسمته تدهور حقوق الإنسان والحريات المدنية بالجزائر وخاصة حرية التجمع، التنظيم والتظاهر. ويطرح هذا التقرير الذي رسم صورة قاتمة عن حقوق الإنسان ومشاريع الإصلاح وعملية التغيير التي تقوم بها الجزائر، تساؤلات كثيرة بخصوص توقيته وخلفياته، فهو يأتي قبيل حضور الجزائر ممثلة في وفد يقوده وزير الخارجية للمشاركة في الدورة ال 19 لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة للمرافعة على مشاريع الإصلاح السياسي التي تبنتها الجزائر، كما تزامن مع الاستعدادات الخاصة بالاستحقاق التشريعي المرتقب في ماي القادم. وبدا جليا أن هناك إرادة للإساءة إلى الإصلاحات السياسية في الجزائر، مع أن الكثير مما جاء في الأحكام القاسية التي صدرت عن الشبكة الأورو- متوسطية تتناقض كليا مع الواقع، فرفع حالة الطوارئ هو حقيقة لامستها حتى المعارضة والحركة الجمعوية، أما منع التظاهر فهو أكذوبة، فما تم في الواقع هو تأطير هذا التظاهر بالشكل الذي يجنب البلاد السقوط في الفوضى وعدم الاستقرار، خاصة وأن البلاد لا تزال تعاني من بقايا النشاط الإرهابي، وأما ما قيل عن نصوص الإصلاح، فلا شك أن تصريحات قادة العديد من الدول في أوربا فضلا عن الولاياتالمتحدة، والذين باركوا كلهم مسار الإصلاح في الجزائر ووصفوه بالجدي والكفيل بنقل البلاد إلى مرحلة تعم فيها الديمقراطية، يكفي كرد على هذه الشبكة الأورو- متوسطية التي بدت وكأنها تحلب في إناء الجهات التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة للإلحاق الجزائر بدول العربية التي أغرقت في حمام الدم.