تواصلت لليوم الرابع على التوالي عمليات الكر والفر بين مجموعات من الشباب والشرطة الدانماركية في عدد من ضواحي المدن الدانماركية، وشملت تلك العمليات حرق الإطارات والحاويات ورشق الحافلات بالحجارة،على خلفية التوتر الذي خلفته إعادة نشر الرسومات المسيئة للرسول في الصحف الدانماركية. وبعد دعوة المنظمات والجمعيات الإسلامية للهدوء في ردود الفعل على الرسوم المسيئة التي أعادت معظم الصحف الدانماركية نشرها، خرجت بعض التظاهرات المنددة بالعنصرية التي سارت بشكل هادئ. لكن ذلك لم يمنع من وقوع مصادمات بين بعض فئات الشباب المهاجرين والدانماركيين من الخروج ولساعات متأخرة من الليل، مستخدمة المفرقعات عالية الصوت وافتعال حرائق تطال الشجر والحاويات والسيارات المركونة في الضواحي، مما استدعى إحضار الشرطة. وطوال الليالي الماضية لم تتوقف سيارات الإطفاء عن إطفاء الحرائق المفتعلة في ضياحة غيليروب، التي يغلب المهاجرون على 80% من سكانها، ولم يكن الواقع أفضل حالا في ضاحية نوربرو المكتظة أيضا بالمهاجرين، إلى آرهوس حيث المقر الرئيسي لصحيفة يولاندس بوستن المثيرة للجدل بسبب نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم. ويتخوف عدد من نشطاء المهاجرين في آرهوس من تكرار ما شهدته ضواحي باريس، وتحسبا لحدوث ذلك، نشطت العديد من الجمعيات الأجنبية لتهدئة الأوضاع، وكذلك عناصر الشرطة التي تواجدت بكثافة، وبعض رجال الاستخبارات بلباس مدني الذين سعوا لمحاورة مجموعة من الشباب الغاضب. وبرر الكثير من الشباب في حديثهم لجوءهم للعنف ب"الصور المسيئة"، بينما تحدث آخرون عن "عنصرية الشرطة"، في حين أشار القائمون على بعض أندية وجمعيات إلى أن هؤلاء الشباب يشعرون بإحباط عام، وأن أزمة الرسوم المسيئة جاءت لتزيد من إحباطاتهم وتوجههم نحو التعبير العنيف عن رفضهم لواقعهم. وفي جولة بأكثر البؤر توترا قال شاب مهاجر "سنستمر في هذه التصرفات إلى أن يعترفوا بأننا مواطنون من نفس الدرجة وأن يحترموا مشاعرنا". فيما عبر باحث اجتماعي من ضاحية غيليروب عن قلقه من "استنساخ صور باريس، مما سيزيد الشقاق بين أطراف المجتمع الدانماركي". وفي الوقت الذي ربطت فيه الكثير من الصحف بين الرسوم المسيئة وأعمال العنف، ربط اختصاصيون آخرون بين مشكلة الهوية لدى هؤلاء الشباب الذين لا يخفون رغبتهم في تقليد ما جرى في ضواحي باريس، وهو ما حذر منه بعض السياسيين، الذين دعا بعضهم إلى تشكيل فوري للجان تحقيق للبحث عن الأسباب الحقيقية لتصاعد هذه الأعمال التي تقلق كل المهتمين بشؤون المهاجرين. كما طالب عضو البرلمان الدانماركي عن مدينة آرهوس بيير كلاوسن بتشكيل "لجنة تقصي الحقائق للوقوف على أسباب انتشار القلاقل في الضواحي"، منتقدا في الوقت نفسه الدعوات السياسية التي باتت تتحدث بعد نشر الرسوم عن "استحالة التسامح" مع هذه الاحتجاجات داعية في الوقت نفسه إلى تدخل قوي وبيد حديدية ضد مفتعلي الشغب، حسب وصف ساسة حزب الشعب اليميني. بعض المواطنين الدانماركيين عبروا وبصراحة عن استيائهم من استهداف الحافلات العامة، ورغم تحميلهم المسؤولية لمفتعلي أعمال الشغب أكدوا أنهم ضد الاستهزاء بالإسلام.