رغم تعدد الألوان السياسية الممثلة في الغرفة البرلمانية السفلى بوصول ما لا يقل عن 27 تشكيلة سياسية إلى مبنى زيغود يوسف ولو بعدد متباين من المقاعد إلا أن المشهد العام للعمل النيابي في العهدة السابعة ستحدده ثلاث جبهات أساسية: أغلبية مريحة لحزب جبهة التحرير الوطني ومعارضة جادة تمثلها كتلة الأفافاس في المجلس ونواب التيار الإسلامي الممثل بتكتل الجزائر الخضراء التي لم تحدد بعد الجبهة التي ستميل إليها وبقية مشتتة من النواب. لعلّ أهم ما يميز المشهد النيابي الذي يحصي 6 كتل برلمانية في العهدة التشريعية السابعة هو الأغلبية المريحة التي أحرزها الحزب العتيد ب221 مقعدا والمرشحة للارتفاع بعد التحاق ما لا يقل عن 13 نائبا من القوائم الحرة والأحزاب المجهرية بالكتلة البرلمانية للأفلان، كتلة لا تمنح الحزب العتيد الأغلبية فحسب وإنما تجعله في وضع مريح جدا عند تمرير مشاريع القوانين وحتى العضوية منها وكذا عند منح الثقة وسحبها من الحكومات الآتية، ورغم أن الأغلبية التي يتمتع بها الحزب العتيد تغنيه عن البحث عن تحالفات إلا أن قيادة الأفلان وعلى لسان الأمين العام عبد العزيز بلخادم الذي أكد أن المرحلة المقبلة تقتضي التسيير والعمل المشتركين وأن الأفلان سيلجأ إلى حلفائه التقليدين وكذا الأحزاب التي تقاسمه الرؤية والتوجه، وهو ما يقود إلى القول إن تحالف الأفلان والأرندي مرشح للاستمرارية في العهدة المقبلة في انتظار وهو ما يجعل من كتلة الأفلان التي قد تصل إلى 240 نائبا مدعمة بكتلة الأرندي الذي يحصي 70 نائبا قوة تأثير في المجلس المقبل. أما المعارضة من وجهة نظر المتتبعين للشأن الوطني فإنها ستكون مشتتة في أكثر من جبهة لعلّ أهمها جبهة الأفافاس العائد إلى البرلمان بعد عشرية كاملة وبحصة لا يستهان بها من المقاعد، 21 نائبا أي ما يسمح لحزب المعارضة العتيد بتشكيل كتلة برلمانية وتقديم مقترحات قوانين ومساءلة الحكومة، ومعلوم أن قيادة الأفافاس أكدت في أكثر من تصريح إعلامي عشية التشريعيات أنها قررت المشاركة لممارسة المعارضة من داخل المؤسسة التشريعية بدلا من المقاطعة. الجبهة الثانية في المعارضة يمثلها حزب العمال الذي تراجع عدد نوابه من 26 نائبا في العهدة المنقضية إلى 17 نائبا وهو ما يجعله بحاجة إلى دعم من نواب آخرين لتسجيل مقترحاته التشريعية فضلا عن كون هذا العدد مرشح للنقصان بحكم أن نواب حزب العمال معروف عنهم التجوال السياسي بمجرد التحاقهم بمبنى زيغود يوسف، وهو ما يقود إلى القول إن جبهة لويزة حنون ستكون الأضعف في المجلس المقبل وستقتصر معارضة حزب العمال على الكلامية ممثلة في معارضة التدخلات. الجبهة الثالثة في المعارضة هي التيار الإسلامي ممثلا في تكتل الجزائر الخضراء ب47 مقعدا، جبهة غير ثابتة وإمكانية تحولها إلى الطرف الثاني في المعادلة التشريعية وتغيير التوجه نحو الأغلبية وارد جدا ستتضح الرؤية بشأنه في الأسابيع المقبلة لأن أحد أقطاب هذا التكتل والذي يمثل مركز القوة فيه لا يمكنه البقاء على مسافة بعيدة من السلطة. أما بقية الأحزاب التي تحوز مقاعد معدودة لا تتجاوز حصة أغلبها عدد أصابع اليد الواحدة فيمثلون الشتات الذي سيكون تأثيره محدودا أو لا يكاد يذكر داخل المجلس المقبل، ومن هؤلاء من سيسعى للالتحاق بإحدى الكتل البرلمانية على غرار الأفلان أو الأرندي أو كتلة الأحرار، خاصة وأن منهم من قرّرت قيادته السياسية مقاطعة أشغال المجلس.