كشف بنك الجزائر أن الشركات الأجنبية المستثمرة في الجزائر حوّلت 2.22 مليار دولار أمريكي إلى الخارج ما بين 2001 و 2007، وذلك في إطار تحويل فوائد الشركات الأجنبية التي تنشط في الجزائر في مختلف القطاعات في مقدمتها قطاع المحروقات والخدمات التي تستحوذ على حصة الأسد في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في بلادنا، وتتزامن هذه المعطيات مع الانتقادات الشديدة التي وجهها القاضي الأول للبلاد لواقع الاستثمار وسلك بعض المستثمرين. ل.س ذكر بنك الجزائر أن الشركات الأجنبية في الجزائر حوّلت ما بين العامين 2005 و2007 ما يعادل 7.15مليار دولار، مقابل 5.6 مليارات دولار بين 2001 و2004، وذلك في إطار تحويل فوائد الشركات الأجنبية التي تنشط في الجزائر في مختلف القطاعات ومنها قطاع المحروقات والخدمات المختلفة والعقار والبناء والأشغال العامة وتجارة السيارات والأدوية والمنتجات الزراعية والأغذية. وقال بنك الجزائر في تقرير نشر أمس إن هذه الشركات حققت أرباحا بلغت 5.6 مليارات دولار عام 2006 مقابل 1.5 مليار دولار عام 2005، وهي الأرباح التي تراجعت إلى 7.4 مليارات دولار عام 2007 بعد فرض الحكومة الضريبة على الأرباح الاستثنائية على الشركات النفطية الأجنبية جرّاء تعديل قانون المحروقات، الذي دخل حيز التطبيق نهاية 2006 . وتترجم هذه الأرقام والمؤشرات بوضوح نتائج السياسة الاستثمارية المتبعة منذ أزيد من عشرية كاملة، كما تكشف عن توجهات المستثمرين الأجانب في بلادنا، بحيث تفضل التوجه إلى القطاعات المربحة، وتعزف عن قطاعات منتجة تسعى الدولة منذ أكثر من 10 سنوات لإيجاد من يضع رؤوس أمواله فيها، وتتزامن أرقام بنك الجزائر مع انتقادات لاذعة كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد وجهها قبل أسبوع في خطاب ألقاه بمناسبة الاجتماع العام للولاة والمنتخبين المحليين ضد السياسة الاستثمارية المتبعة، وانتقد بوتفليقة بشدة قطاع الاستثمار، خاصة المستثمرين الخواص سلوك المستثمرين الأجانب الذين قال أنهم استعملوا التسهيلات الممنوحة من طرف الحكومة لتحويل مبالغ ضخمة إلى الخارج. وسارعت الحكومة، بعدها إلى تعيين خبراء لإجراء مسح دقيق للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي سجلت على مستوى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار في الجزائر بهدف إعادة النظر في التسهيلات والامتيازات الممنوحة في إطار الاستثمار. وفي وقت تشهد الجزائر منذ بداية العقد الحالي طفرة في الاستثمارات الأجنبية و العربية التي تصدرت القائمة في بلد يعرف تحولاً اقتصادياً نشطاً بالتوازي مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط شنّ الرئيس بوتفليقة حرباً كلامية ضد السياسة الاستثمارية التي اتبعتها حكومته، منتقداً أداء السلطات المختصة بالاستثمار الأجنبي؛ حيث لم تحقق الطفرة المرجوة من برنامجه الانتخابي خلال العهدتين الماضيتين. واعترف بوتفليقة في خطاب غير معهود، أمام المنتخبين وإطارات الدولة، بإخفاق السياسات الاستثمارية التبعة خلال ما يقارب عشرية، حيث قال"لقد سلكنا طريقاً وكنا نحسب أنه يوصلنا إلى الجنة والآن لا بد من مراجعة جذرية لأشياء كثيرة بعدما تأكدنا أن هذا الطريق لا يقودنا إلى الجنة"، وتحدث الرئيس في خطابه عن "مؤسسات خاصة طفيلية"، من دون أن يذكرها بالاسم، وأضاف: "هل من المعقول أن نمنح نفس الامتيازات لمستثمرين أحدهما يأتي بمليون دولار وآخر بخمسة ملايين دولار؟"، كما شن هجوما على مستثمر أجنبي لم يذكره بالاسم، قال إنه "استثمر 700 مليون دولار، وبعد سنتين من النشاط ينقل ملياري دولار من رؤوس الأموال إلى الخارج، فهل نسمي هذا استثمارا؟ إنه في الحقيقة عثرة تتكسر عليها أنوفنا" وقالت مصادر إعلامية إن بوتفليقة كان يقصد متعاملا أجنبيا في الهاتف النقال. واقترن واقع الاستثمار في بلادنا بمشاريع ضخمة أطلقتها الجزائر ضمن خطط تنموية تستهدف إنعاشا اقتصاديا يسهم في حل المشكلة الاجتماعية, ومن أبرز مظاهرها البطالة ومشكلة السكن، وسعى الرئيس بوتفليقة على مدى عهدته الأولى والثانية لاستقطاب وتنويع الاستثمارات الأجنبية والعربية، حيث فتحت الأبواب أمام الاستثمارات العربية مدعومة بالعلاقات الطيبة للرئيس بوتفليقة مع دول الخليج خاصة قطر والإمارات العربية والسعودية والكويت يشير الخبراء الاقتصاديون إلى الإمكانيات الواعدة للجزائر للاستثمار في مجالات متعددة من بينها الطاقة الصناعات المختلفة ، في ظل توفر عوامل تساعد على نجاح الاستثمار ونموه في بلادنا من بينها توفر القدرات البشرية والطاقة الشمسية التي تتوقع الدراسات أن تصبح الجزائر معها أول دولة مصدرة للطاقة الشمسية إلى أوروبا،كما تظهر الدراسات أن الجزائر مرشحة لاحتلال المركز الأول ضمن قائمة منتجي الغاز في العالم بعد خمس أو عشر سنوات من الآن، كما أن السوق الجزائرية تتمتع بموقع إستراتيجي قريب من أوروبا وتطل على غرب أفريقيا في الوقت ذاته.