لم تهضم عدة صحف جزائرية ناطقة باللغة الفرنسية دعوة السيد عبد العزيز بلخادم أمين عام جبهة التحرير خلال أشغال الجامعة الصيفية إلى التدريس باللغة العربية في مختلف مستويات الجامعة الجزائرية وفي مختلف تخصصاتها، معتبرا الولاء اللغوي للأجنبي سيتحول بدون شك إلى ولاء سياسي. تفاجأت هذه الصحف لأنها منذ مدة طويلة لم تسمع مثل الكلام في الخطاب السياسي الجزائري، وبعد أن ظلت لسنوات طوال تحمّل اللغة العربية مستوى تراجع الآداء الجامعي وتراجع مكانة الجامعة الجزائرية في العالم. منذ سنوات طوال ظل فريق سياسي في الجزائر يدعو إلى التخلي تماما عن اللغة العربية كلغة تدريس في الجامعة، والتدريس باللغة " الفرنسية " رغم أن لغة العولمة ولغة العلم والتكنولوجيا هي اللغة الإنجليزية وليس اللغة الفرنسية. ويعتقدون أن سبب مصائبنا كلها هي اللغة العربية. وهذا الطرح أثبتت التجارب الدولية الناجحة خطأه، فالكوريون تقدموا بلغتهم، والصينيون تقدموا بلغتهم، وكذلك فعل اليابانيون وغيرهم، فكيف يمكن للجزائريين أن يتخلفوا بلغة ظلت محاصرة ولم تطبق لا في الإدارة ولا في الجامعة ؟ إن التجربة الماليزية في التنمية البشرية جديرة بالدراسة، فالتعليم في ماليزيا يتم بلغتها الأم رغم أنها ليست من لغات الأممالمتحدة ، إلى جانب اللغة الإنجليزية، وها هي ماليزيا تحتل المرتبة العاشرة في سلم الإقتصاد العالمي، ولها جامعات ضمن العشرين جامعة الأولى في العالم. فكيف نجحت لغة ماليزيا في الوصول بماليزيا إلى هذه المرتبة، وتعجز اللغة العربية بكل أرصدتها الإيديولوجية والجغرافية والبشرية، في الرقي بالعرب إلى مصاف الدول المتقدمة ؟ إن اللغة العربية باعتبارها عنوان الهوية الوطنية ما تزال " مستعمرة " ولم تتحرر ، وما زالت محاصرة ولم يتم فك إسرها، في إطار مشروع يستهدف " الهوية الوطنية " لتحل محلها الهوية الأورو- متوسطية، وبالتالي لا يمكن أن نجزم بفشلها وهي لم تطيق أصلا.. نعطيها الفرصة أولا، ثم نحكم بعد ذلك. والمفارقة أنه في الوقت الذي تحاصر العربية في عقر دارها، أصبحت في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ضمن أكثر عشر لغات تدريسا في الكليات والجامعات الأمريكية، ومع الدعم الحكومي لتدريسها، زاد الإقبال عليها في أوساط الأمريكيين. وهناك اليوم كثير من الدول غير العربية توفد طلبتها إلى جامعات عربية بهدف تعلم اللغة العربية أولا، وبعض العلوم المرتبطة بها، مقابل توجها آخر في الوطن العربي " تدريس حتى العلوم الإنسانية بلغات أجنبية ".. فمن هو المتخلف .. اللغة أم أهلها. ؟ [email protected]