إيهود أولمرت يريد في ساعات الوقت الضائع لزمن حكومته المقالة، تأجيل القرارات الصعبة المتعلقة بمستقبل مدينة القدس، وجعلها خارج أي اتفاق يتم التوصل إليه هذا العام مع السلطة الفلسطينية بحجة إيجاد الأجواء الممكنة لبلوغ "هدف التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين قبل نهاية عهد الرئيس جورج بوش". وتكشف إسرائيل باقتراح أولمرت المرفوض شكلا وتفصيلا عن جعل القدس بهويتها العربية الإسلامية منطقة محرمة وملفا مغلقا في أية مفاوضات ثنائية من شأنها إقامة دولة فلسطينية مستقلة أقرتها اتفاقيات أوسلو ووضعت مساراتها في خارطة طريق لم ينفتح بعد. وتوقيت إطلاق الاقتراح جاء دقيقا وهو يتزامن مع انتهاء زيارة حصدت ثمار فشلها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى "إسرائيل" والأراضي الفلسطينية بعد تدوين عجزها عن تحقيق نجاح أو تقارب يذكر في دفع المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي نحو الوصول إلى اتفاق يعترف ولو مبدئيا بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. والإدارة الأمريكية ما زالت تصطدم بالحواجز والموانع الإسرائيلية التي لا يستطيع جورج بوش زحزحتها في ظل سياسته الداعمة لسياسة حكومة إيهود أولمرت على حساب الحق العربي المشروع في إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.. وتجد كوندوليزا رايس نفسها متجاوبة مع الطرح الإسرائيلي القائل بصعوبة التوصل إلى اتفاق حول قضية القدس الحساسة مع نهاية هذا العام، والقابلة ضمنا بوضع صيغة مستقبلية حولها في اتفاق فلسطيني-إسرائيلي. وانتقادات كوندوليزا رايس الشديدة لخطط الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة واستمرار وجود مئات الحواجز ونقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تهدئ الخاطر العربي ولن تكون بديلا عن إلغاء ملف القدس في أية مفاوضات ثنائية تريدها إسرائيل عرجاء. كوندوليزا رايس ألغت أصلا ملف القدس في زيارتها السادسة إلى فلسطين، وتباهت بتحقيق ما وصفته ب "التقدم المرجو فيما يتعلق بإزالة الحواجز وتسهيل حركة الفلسطينيين "دون أن تخفي قلقها الخاص اتجاه البؤر الاستيطانية المنتشرة في الأراضي الفلسطينية "وهي غير قانونية حتى بموجب القوانين الإسرائيلية". وحساسية ملف القدس في اعتبارات حكومة اولمرت لم تلغ أو تؤجل على الأقل منح تراخيص لإنشاء 40 ألف وحدة سكنية جديدة في القدسالمحتلة،.. والموافقة على بناء 1300 وحدة سكنية لصالح مستوطنين يهود في القدسالشرقية على مدى الأعوام العشرة المقبلة. وإيهود اولمرت المقال، لم يدرك بعد إن السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس لا تمتلك سلطة إلغاء القدس في أي اتفاق ثنائي غير عادل أو متكافئ، فلا دولة فلسطينية مستقلة دون القدس المعنى والتاريخ والانتماء العربي والإسلامي .