قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن مسوّدة تقرير حكومي أميركي -لم تنشر بعد- انتقدت الخطة الأميركية لإعادة بناء العراق ووصفت عملية إعادة الإعمار التي تقدر تكلفتها بمائة مليار دولار بأنها فاشلة وأرجع التقرير سبب هذا الفشل إلى عدم تحمس مخططي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لفكرة إعادة إعمار بلد أجنبي وللصراع البيروقراطي الداخلي وتجاهل العناصر الأساسية للمجتمع العراقي وموجات العنف هناك، وأضافت الصحيفة أن الوزارة نشرت تقارير مبالغا فيها عن إحراز تقدم للتستر على فشل عملية إعادة البناء فور أن بدأت هذه العملية في التباطؤ. ونقل على سبيل المثال عن وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول قوله إنه خلال الأشهر التالية لغزو العراق عام 2003 استمر البنتاغون في تلفيق زيادة غير حقيقية في أعداد قوات الأمن العراقية. وقالت الصحيفة إن كلا من القائد السابق للقوات البرية الأميركية في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز والحاكم المدني للعراق في تلك الفترة بول بريمر أيدا رأي باول، وأشارت الصحيفة إلى أنه من بين النتائج التي توصل إليها التقرير في مسودته أنه خلال نحو خمس سنوات بعد أكبر مشروع إعمار خارجي للحكومة الأميركية منذ خطة مارشال عقب الحرب العالمية الثانية، ما زالت هذه الحكومة لا تملك السياسات والقدرة الفنية أو الهيكل التنظيمي اللازم لمشروع يقترب حتى من حجم هذا المشروع. ووجد التقرير أن جهود إعادة الإعمار لم تفعل شيئا يذكر أكثر من إصلاح ما دمر خلال الغزو الأميركي وما تلا ذلك من عمليات نهب، وكشف أن واشنطن أنفقت نحو 117 مليار دولار على جهود إعمار العراق حتى منتصف عام 2008، من بينها خمسون مليار دولار جمعت من دافعي الضرائب الأميركيين. وقال إن ما وصفه بالمناخ الفوضوي والمسموم ساد عملية إعادة الإعمار. فعندما تأخر مكتب الإدارة والموازنة بتقديم عشرين مليار دولار في شكل أموال جديدة لإعادة البناء في أوت عام 2003، تدخل جمهوري عضو في جماعة ضغط تعمل لحساب سلطة الاحتلال الأميركي لدى هذا المكتب وناشده الإسراع بتقديم هذه الأموال. وقال هذا الجمهوري وهو توم كورولوغوس إن تأخير الحصول على أموالنا سيكون كارثة سياسية بالنسبة للرئيس (بوش) وانتخابه سيتعلق إلى حد كبير على إظهار إحراز تقدم في العراق وبدون التمويل هذا العام سيتوقف التقدم. وتوقع التقرير أن تركز إدارة الرئيس القادم باراك أوباما على تنفيذ المشاريع الصغيرة الحجم وعلى الإصلاح السياسي والاقتصادي. لكن هذه البرامج لا تعالج الخلل الذي أشار إليه التقرير والذي عزا فشل جهود الإعمار إلى عدم وجود وكالة بمفردها في الحكومة الأميركية تملك المسؤولية الأساسية عن هذه المهمة، وخلص التقرير إلى أن الحكومة الأميركية لم تطور جهازا قابلا للمحاسبة تشريعيا أو إطارا لتخطيط وإعداد وتنفيذ عمليات طارئة تأخذ بالاعتبار الربط بين العمل الدبلوماسي والتنموي والعسكري. وأعد تقرير "الدروس الصعبة.. تجربة إعادة بناء العراق" مكتب المفتش العام الخاص بإعادة بناء العراق برئاسة ستيورات بوين جي آر وهو محام جمهوري يزور العراق كثيرا ويحتفظ بهيئة موظفين من المهندسين ومراجعي الحسابات هناك، واعتمد التقرير على نحو خمسمائة مقابلة وأكثر من ستمائة عملية فحص حسابات وتفتيش وتحريات ذكرها مكتب بوين لسنوات.