اختارت حركة النهضة مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة لأسباب أعلنتها في البيان الختامي لمجلسها الشوري متحججة بما أسمته الأجواء السياسية غير المشجعة للمشاركة، وتوجيه اهتمامها في هذه المرحلة للبناء الداخلي وتحقيق الانتشار بعد ما يقارب عشرية من التشرذم، وأوضح أمين عام النهضة أن الاستحقاقات الرئاسية ليست أولوية بالنسبة للحركة، عكس هيكلة الحزب فيما ذهبت العديد من القراءات إلى أن قرار مقاطعة النهضة ينم عن فشل مشروع تقديم مرشح مشترك مع الإصلاح. لجأت حركة النهضة في تبريرها لأسباب ودوافع قرارها بمقاطعة الرئاسيات المقبلة إلى تحميل السلطة مسؤولية هذا الخيار، وهو ما بدى واضحا في البيان الصادر عن مجلسها الشوري قبل أيام الذي أكدت فيه أن سبب المقاطعة يعود إلى"الأجواء السياسية غير المشجعة على المشاركة وغياب ثقافة التداول وغلق المجال الإعلامي والسياسي وتراجع الحريات العامة، وغياب الحوار، وإقصاء الآراء الجادة، وتهميش دور الأحزاب في القضايا المصيرية"، وعن هذه المبررات وخلفية قرار المقاطعة أبدى أمين عام الحركة فاتح ربيعي بها في اتصال هاتفي تمسكه بدافع الأجواء السياسية غير المشجعة للمشاركة كما جدد الحديث عن خيار الالتفات أكثر إلى شؤون الحزب الداخلية والتركيز على بناء وترتيب بيتها الداخلي، حيث قال ربيعي "أن لمّ الشمل هو أفضل السبل لخدمة المشروع الإسلامي ومفيد للجزائر وللساحة السياسية، وهو المشروع الذي تعمل حركة النهضة من أجل تحقيقه في الوقت الراهن". وتخفي دوافع التي تقدمت بها النهضة والممثلة بخمسة مقاعد في البرلمان لتفسير مقاطعتها للرئاسية لجوئها إلى تعليق فشلها على مشجب السلطة التي يبدو أنها لم تجد سواها لإخفاء عجزها عن توفير مرشحا لها وضعفها الداخلي وهو ما دفع ربيعي إلى التأكيد على "أن النهضة عازمة على تسخير كل جهودها في المرحلة القادمة للبناء الداخلي للحزب لاستكمال مبادرة تشتغل عليها منذ سنتين مضت ستظهر نتائجها في القريب العاجل، حيث نهدف إلى جمع شتات النهضة التاريخية من خلال لمّ الشمل بين كل أبنائها وقيادييها". وسبق وأن صرح ربيعي قبل أيام أن قرار المقاطعة جاء بعد تفكير مطول، استعادت فيه قيادة الحزب تجربتها في رئاسيات 1999، التي وقفت فيها إلى جانب الرئيس بوتفليقة، إيمانا منها كما قال، في توسيع القاعدة الجماهيرية للوافد الجديد إلى السلطة، بغرض تمكينه من حل المشاكل العويصة التي كانت تعاني منها البلاد في ذلك الوقت، مشيرا بالقول" أن حزبه كان يتمنى أن يستمع لوجهات نظره فيما يتعلق بتعديل الدستور، غير أننا لم نجد آذانا صاغية" و هو ما يوحي أن النهضة وجدت في المقاطعة عقابا للسلطة التي يبدوا أنها كانت تنتظر أن تنال منها جزاء وشكورا. ويشار إلى أن حركة النهضة كانت من المساندين للرئيس بوتفليقة خلال الانتخابات الرئاسية التي فاز بها عامي 1999 و2004