أحزاب ومنظمات تدين بشدة لائحة البرلمان الأوروبي الداعية إلى الإفراج عن مواطن جزائري متابع قضائيا    قرارات رئاسية لفائدة الطلبة    الجزائر تحتضن ورشة عمل إقليمية    السيد رخروخ يشرف على إطلاق المقطع الأوسط من مشروع الخط المنجمي الشرقي للسكة الحديدية بوشقوف -وادي الكبريت    طاقة ومناجم: السيد عرقاب يتباحث بدار السلام مع نظيره التنزاني حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية    هذا جديد الصندوق الوطني للتقاعد..    الجزائر وموريتانيا تتباحثان فرص الاستثمار    من 29 يناير إلى 1 فبراير.. صالون دولي للشكولاطة والقهوة بوهران    صنعوا مشاهد ملحمية : النازحون يعودون إلى شمال قطاع غزة مشيا على الأقدام    الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين: "دور ريادي في دعم الثورة التحريرية"    المغرب: وضع لا يختلف عن انتفاضة "الخبز والكرامة" في ثمانينات القرن الماضي    شباب بلوزداد يرتقي للمركز الثالث    بعد ترميم العديد من محتوياته..تدشين المتحف الوطني العمومي لشرشال    خلال حفل تكريم 500 حافظ وحافظة لكتاب الله:مأمون القاسميّ يدعو لتقوية حصانة المجتمع الجزائري ومناعته بالقرآن الكريم    اعتبارا من 10 فيفري القادم.. معرض وطني للكتاب بوهران    هل باتت ندرة الأدوية من الماضي؟    الجزائر-الاتحاد الأوروبي : مراجعة الاتفاق لبناء شراكة متوازنة ومستدامة    استقبل سفير مملكة بلجيكا لدى الجزائر ..بوغالي يستنكر تدخل الاتحاد الأوروبي في شؤون الجزائر    البلدان التي تعرف أزمات:تنصيب "خلايا أزمة" لخدمة الجالية الوطنية    وزير الخارجية التونسي:حريصون على تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الجزائر    اختراق الضاحية /الطبعة ال54 للتحدي الوطني "احمد كلوش": مشاركة منتظرة ل1300 عداء و عداءة في الفاتح فبراير المقبل بالشل    كأس الجزائر: تقديم موعد مباراة شباب بلوزداد-مولودية الجزائر الي 16 فبراير المقبل    إشادة واسعة بقرار رئيس الجمهورية بشأن تحمل الدولة الزيادات المقررة في تكاليف الحج    المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي يثمن قرارات اجتماع مجلس الوزراء المتعلقة بالقطاع    توقيع اتفاقية بين الصيدلية المركزية للمستشفيات وكلية الصيدلة بجامعة علوم الصحة    السيد قوجيل يتسلم تقريري فوج العمل المكلف بالنظر في مشروعي قانوني الأحزاب والجمعيات    صناعة صيدلانية: تدشين وحدة إنتاج الأدوية المضادة للسرطان بالجزائر العاصمة    رياح قوية على عدة ولايات من الوطن ابتداء من يوم الثلاثاء    الانطلاق الرسمي من سطيف للمرحلة الثانية لعملية الإحصاء الاقتصادي للمنتوج الوطني    أمن العاصمة يوقف شبكة تزور وثائق تأشيرات السفر    كرة القدم: اختتام التربص ال3 من التكوين الخاص للحصول على شهادة "كاف أ"    المناطق الشمالية ستعرف سلسلة من الاضطرابات الجوية    وفاة شخصان في حادث غرق قارب صيد في مستغانم    فلسطين: آلاف النازحين يبدؤون بالعودة إلى شمال قطاع غزة    الرئاسة الفلسطينية تعلن رفض أية مشاريع لتهجير سكان غزة    حجز أسلحة نارية بسطيف    أساطير مُنتظرون في القرعة    اتّفاقية بين سوناطراك والجمارك    التحوّل الإيجابي للجزائر يزعج "صانع القرار" الفرنسي    نحو اقتناء معدات طبية ب500 مليار    ندوة فكرية حول ذكرى الإسراء والمعراج    الكيان الصهيوني يمعن بانتهاك سيادة لبنان    عبد القادر عمراني يخلف إيريك شايل    الكتابة عن تاريخنا أفضل رد على المشككين    ضغوط جزائرية تلغي حفلا للراحل الشاب حسني في المغرب    بن سبعيني يرد على منتقديه ويوجه رسالة قوية    زكري: لست مدربا دفاعيا وهدفنا هو البقاء    "محطة فوكة 2" التحلية تدخل مرحلة التدفق التجريبي    معلم بمدخل كل بلدية    اجتماع تنسيقي بالديوان الوطني للحجّ والعمرة    أحكام خاصة بالمسنين    تكريم 500 حافظ وحافظة للقرآن الكريم    الجزائر تشارك في صالون القاهرة    4 اتفاقيات تعزّز علاقات الجمارك مع الشركاء    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفة جادّة ويتدحرجوا تحت القانون
نشر في صوت الأحرار يوم 11 - 02 - 2009

إلتمس من "جلالة الملك" أن يتكرّم عليه بمنزل من أملاك الدولة بعد أن مضى على تقلّده الوزارة عامين كاملين ومازال يعيش في بيت مؤجر.. أثنى عليه الملك خيرا ووعده بالنظر في حاجته.. وعندما صار الوزير خارج القصر كان الملك ينادي على كبير وزرائه ويصيح في وجهه: كيف اخترق هذا الرجل النظيف العفيف صفوفكم؟
إنها مجرد طرفة يتداولها المواطنون في إحدى الدول الملكية العربية، لكنها كغيرها من الطٌرف السياسية تعكس نظرة قطاع واسع من الشعوب العربية إلى أغلب الذين يمثلون دور السلطات التنفيذية الحاكمة وحتى الذين يأكلون على موائد تلك السلطات ويشكّلون حاشيتها التي تتقوى بها في الملمّات وترفع بها عقيرتها في المهرجانات وتدفع بها لتجميل صورتها أثناء الأزمات.
أسوق تلك الطرفة مع كل تداعياتها وظلالها في عالمنا العربي بعد أن تابعنا تلك "الأزمة" التي ألمّت بالرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما في أيامه الأولى بعد "الطامات" التي وقع فيها بعض المسؤولين الكبار الذين كانوا ضمن الأسماء المرشحة لتولي مناصب سامية في الإدارة الأمريكية الجديدة.
من بين أولئك الذين وقعوا في تلك الطامات توم داشل الزعيم السابق للأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي الذي وقع عليه اختيار الرئيس أوباما ليقود نظام الرعاية الصحية، حيث انسحب الرجل بعد أن ألقت مشكلة الضرائب بظلالها عليه، فقد تخلّف في وقت سابق عن دفع مبلغ 128 ألف دولار مستحقة للخزانة العامة.
ومن بينهم أيضا نانسي كليفر التي كانت مساعدة لوزير الخزانة في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون والتي اختارها أوباما للإشراف على إصلاح الميزانية، حيث سحبت هي أيضا قبولها للترشح بسبب التقاعس عن دفع الضرائب وإن كان المبلغ زهيدا، نسبيا، لم يتجاوز 946.69 دولارا. ومنهم أيضا تيموثي غايتنر وزير الخزانة الذي لم يسلم أيضا من "بعبع الضرائب" وإن استطاع تجاوز الأمر، لقد كان مدانا للدولة بمبلغ 34 ألف دولار، حين كان موظفا لدى صندوق النقد الدولي.
إنها باختصار شديد ثقافة الاعتراف بالخطأ وعدم التمادي فيه، وهي درجة عالية من المسؤولية وصل إليها القوم في أمريكا والغرب عموما، حتى وإن اختلفنا إلى آخر الزمن مع سياسات البيت الأبيض وعواصم دول حلف شمال الأطلسي والمؤسسات الدولية التي يسيطرون عليها ويحققون بها مصالحهم على حسابنا وبمباركة وتصفيق من ممثلي حكوماتنا في كثير من الأحيان.
استقالة، أو تنازل عن الترشيح، قبل تسلّم المنصب أساسا وإقرار صريح بعدم الأهلية كما عبّر عن ذلك أحد الثلاثة الذي سبق ذكرهم وهو توم داشل، فقد قال للصحافة بعد إثارتها لقضية تهرّبه من الضرائب: "هذا المنصب يتطلب قائدا يستطيع العمل بصدق تام مع الكونغرس ومع الشعب الأمريكي، وأنا لست ذلك القائد في الظرف الحالي، ولا أريد أن أجلب متاعب لإدارة الرئيس أوباما".. وأدرك الرئيس الجديد الموقف جيدا ولم يكابر أو يحاجج وقَبِل انسحاب الرجل "بحزن وأسف"، رغم وصفه له ب "الأكفأ لتقلد المنصب"..
وأضاف مستدركا الأمر في حوار خاص مع شبكة "سي أن أن" الإخبارية أنه لا يريد "توجيه رسالة إلى الشعب الأمريكي مفادها أن هناك معيارين في التعامل مع الناس واحد للأقوياء وآخر للناس العاديين".. يحدث كل ذلك مع أن توم داشل، محلّ الجدل، قد سارع لاستدراك أمر الضرائب ودفع 128 ألف دولار، إضافة إلى 12 ألف دولار أخرى كغرامة مستحقة عليه.
هكذا هو الحال في بلاد العم سام.. أما في أغلب بلادنا العربية فالغياب شبه التام لثقافة الاعتذار هو سيد الموقف، لتزدهر في المقابل عقلية التبرير والدفاع عن الأخطاء والمثالب بل وتحويلها إلى إنجازات يجب على الأجيال أن تتغنى بها، والنتيجة المنطقية جدا هي تغوّل الفساد واستئساده على الجميع وبلوغه، في بعض الدول، درجة عالية من التنسيق وحتى التنظيم المحكم.
إن بعض المسؤولين في بلادنا العربية لا يتهرّبون من الضرائب فحسب، فهم لا يفكرون في دفعها أصلا، بل يستولون على أموال الضرائب بكافة الطرق والأشكال وشتى أصناف الحيل التي تبدأ بتهريب الأموال إلى الخارج عبر صفقات وشركات استيراد وهمية تُدخل الخردة لتحوّل بها الأموال، ولا تنتهي عبر مشاريع واهية تأكل من الأموال أضعاف الكلفة الحقيقية وعبر قروض ضخمة لا ترد لألف سبب وسبب. ومع ذلك يُمدح أمثال هؤلاء المسؤولين وينالون الأوسمة والنياشين وتُسرد باسمهم قوائم طويلة من الإنجازات.
ما أحوجنا جميعا إلى وقفة جادة ضد الفساد وتحوّل حقيقي نحو روح المبادرة والقيام بواجب المساءلة والمتابعة كلٌ حسب موقعه.. وقفة تلتحم فيها النخب الواعية مع قطاعات الشعب الذي يكتوي بنار الفساد والفاسدين، ولن نلبث بعد ذلك أن نرى أنفسنا وقد صرنا في مصاف غيرنا من الشعوب الواعية التي تمتلك فعلا زمام أمورها.. حيث يصبح المسؤول مهما علا شأنه يتدحرج تحت القانون كلما عثرت قدماه، ولن يفكر إطلاقا أن يكون فوق القانون فهو مُحاسب على ما يقبض وما يصرف وما يدّخر، ويعرف الخاص والعام أمواله وعقاراته قبل المسؤولية وبعدها، وإن تقاعد تُعرف أيضا امتيازاته ومخصصاته وهل تتناسب مع حال البلاد والعباد أم لا؟... يُناقشُ كل ذلك بحرية وشفافية ومسؤولية في البرلمان والصحافة ومن ثم يتداوله الناس في المقاهي والمجالس والأسواق والبيوت لتتضح لهم الصورة ويحكموا بعد ذلك بحزم على البرامج والشخصيات وهم يدلون بأصواتهم في صناديق الاقتراع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.