انخفضت نسبة إستهلاك المواطنين لمنتوج السردين خلال هذه الفترة إلى مستويات دنيا، بسبب الارتفاع المستمر لأسعار هذه المادة في أسواق العاصمة والتي بلغت في البعض منها سقف 300دج، هذا الوضع وقف حاجزا أمام المواطن الجزائري الذي يستهلك هذا المنتوج بكثرة، حيث طالب بفرض رقابة صارمة على هذا المجال الذي يتحكم فيه الوسطاء حسب ما أكد بعض التجار• وعرفت أسعار السمك بصفة عامة والسردين بصفة خاصة في الفترة الأخيرة، إرتفاعا قياسيا، حيث بلغ مستويات عالية في بعض أسواق العاصمة، حيث وصل سعر هذا الأخير إلى250دج وهذا حسب النوعية والحجم• وفي جولة قادتنا إلى بعض تلك الأسواق، ظهر جليا عزوف المواطنين عن إقتناء هذه المادة، التي كانت في وقت غير بعيد تشكل الطبق الرئيسي للمواطن البسيط، خاصة في فصل الصيف عندما ينخفض ثمنها، لكن الملاحظ أن حمى الارتفاع التي أصابتها لم تعد مقتصرة على فصل دون آخر وإنما طيلة فصول السنة• ويعود السبب حسب بعض الباعة الذين إلتقينا بهم بسوق "كلوزال" بالعاصمة، أن وجود وسطاء ينشطون في مجال تجارة السردين هو الذي أثر على سعره، حيث أكدوا أنهم عندما يقصدون المسمكة صباحا لإقتناءه يجدونه قد بيع إلى هؤلاء الذين يقومون بدورهم ببيعه إلى التجار وأصحاب المسمكات بأسعار مرتفعة، مما يؤدي إلى تضارب كبير في أسعار هذا المنتوج، فيما أشارآخر إلى أن غياب الرقابة في هذا المجال زاد من تأزم الوضع وتسبب في الزيادة الرهيبة في سعر الأسماك• ومن جهة أخرى كشف بعض الباعة على مستوى سوق "باش جراح" إلى أن نقص العرض وإرتفاع الطلب ناهيك عن المضاربة التي أصبحت سائدة في الأسواق، بالإضافة إلى الوسطاء الذين احتكروا تجارة السمك، كلها عناصر ساهمت في رفع أسعاره عند البيع بالتجزئة، حيث قدر ثمنه ب200دج للكيلوغرام الواحد• وأكد من تحدثنا إليهم أن الأسعار تعرف إرتفاعا متواصلا، خاصة مع حلول فصل الشتاء، حيث تنخفض نسبة العرض إلى النصف وهذا لتجنب نزول الصيادين إلى البحر بسبب رداءة الأحوال الجوية وصعوبة الصيد، حيث كلما قل العرض وزاد الطلب ترتفع الأسعار ومن جهة أخرى وعن الكميات التي يتم إقتنائها من طرف الباعة، قال أحدهم أنه أصبح يشتري نصف الكمية التي تعود على شرائها والمتمثلة في أربع صناديق عوضا عن ثمانية، حيث قدر سعرالصندوق الواحد عند بائعي الجملة 4000دج وهذا بسبب غلاء هذه الأخيرة وكذا لدراية هؤلاء بأن ميزانية المواطن الجزائري لا تتحمل هذه التكاليف، إضافة إلى الخوف من كساد هذا المنتوج• ومن خلال هذه الجولة تبين جليا عزوف المواطنين عن إقتناء السردين، حيث تقربنا من بعضهم للإستفسار عن رأيهم حول هذه الحمى التي مست منذ مدة السمك، الذي سجل أرقاما قياسية في بعض البلديات، حيث قدر ببن عكنون ب300دج وفي باب الواد نهاية الأسبوع الماضي 450دج، فيما إستثنيت بلدية بلوزداد وبومعطي التي بلغ السعر 100دج، لكن رغم ذلك يبقى مرتفعا مقارنة مع القدرة الشرائية للمواطن وفي هذا السياق عبر أحد المواطنين بسخرية عن هذا الوضع قائلا: "لو كنا لا نملك بحرا فكيف سيكون مصيرنا؟"، حيث أبدى إندهاشه من هذا الارتفاع المتواصل قائلا أن السردين الذي كان يشتريه ب50دج بات اليوم ب200دج وهو مبلغ يفضل إقتنائه خبزا وحليبا لأبنائه، فيما تساءل عن هذه الحمى التي أصابت الباعة الذين زادوا في أسعار كل شيء حتى السمك، رغم أن الجزائر تملك ساحلا بحريا غنيا بجميع أنواع الأسماك• فيما أرجع مواطن آخر السبب إلى رضوخ المواطن لمثل هذه الزيادات العشوائية للأسعار وإقبال البعض منهم على إقتنائه رغم سعره الملتهب، حيث طالب بالعزوف عن شراء هذا المنتوج ليحاسب التجار أنفسهم ويقللون من الجشع الذي أصابهم، هذا المواطن الذي أكد أنه لم يشتر السردين منذ مدة طويلة أعرب عن أمنيته في أن يخطي آخرون خطوته حتى يقفون في وجه هذه الممارسات التي لا تضع في الإعتبار قدرة المواطن الشرائية• وفي نفس السياق، تدخل آخر ليقول على الجزائريين إحتراف الصيد حتى يستطيعوا إستهلاك السردين، مضيفا أنه ينتظر إلى آخر النهار عندما يخفض الباعة ثمنه من أجل تصريفه كي يشتريه، رغم الخطورة التي يشكلها على صحته كونه مادة سريعة التلف•