التزمت الجزائر بموقفها الداعم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره من باب وفائها لمبادئ الشرعية الدولية ومن منطلق كونها بلدا مجاورا لطرفي النزاع، وهو الموقف الذي عبّر عنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بوضوح، كما قدّمت في المقابل ضمانات للصحراويين بأنها ستبقى إلى جانبهم وستواصل مساندة سلطان الحق. لم يفوّت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذكرى الثالثة والثلاثين لإعلان تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، ليؤكد مرة أخرى تمسك الجزائر أكثر من أي وقت مضى ب "حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره"، مشيرا مجددا إلى أن القضية تتعلق بتصفية استعمار قبل أن يرسم الحدود التي تراها الجزائر مناسبة للوصول إلى حل سياسي بين طرفي النزاع مباشرة. وحملت الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية إلى الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز ضمانات وتطمينات أبلغه من خلالها بأن الجزائر "تبقى متمسكة بالتطبيق التام لمنهاج المنظمة الأممية الذي تحتكم إليه البلدان والشعوب المستعمرة وستواصل، مثلما فعلت على الدوام، ترقية فضائل الحوار ومساندة سلطان الحق"، واضعا كامل ثقته في تعيين المبعوث الجديد للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس لأن يساعد في "تحقيق تقدم من أجل التوصل إلى حل سياسي يتيح للشعب الصحراوي تقرير مصيره". وفي شكل ردّ ضمني وقويّ على الأطراف التي تحاول الزج بالجزائر كطرف في النزاع بين المغرب والبوليساريو وتحميلها مسؤولية تعثر المفاوضات، لم يتوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في التأكيد بأن هذا الموقف الذي التزمت به بلادنا يأتي من منطلق كونها "بلدا مجاورا لطرفي النزاع"، وعلى أساس هذا المبدأ ذهب رئيس الجمهورية أبعد من ذلك لدى قوله بأن "الجزائر ستبقى وفية لمسعى المجموعة الدولية التي دأبت بشكل لافت على الدعوة إلى حل قائم على تقرير مصير الشعب الصحراوي سعيا لاستكمال عملية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية تصفية نهائية". إلى ذلك اعتبرت الجزائر، على لسان رئيس الجمهورية، ذكرى تأسيس الجمهورية الصحراوية التي صادفت 27 فبراير 1976 بمثابة "محطة فارقة في تاريخها وتقدما هاما قدرته حق قدره بلدان عديدة اعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ورافقتها بالتوافق مع الشرعية الدولية على الدرب المؤدي إلى تعبير الشعب الصحراوي عن إرادته بمطلق سيادته". ومن موقف الملاحظ لمسار المفاوضات التي بدأت قبل عامين بين جبهة البوليساريو والمغرب، جاء في برقية بوتفليقة أيضا تعبير عن اغتباطه وارتياحه البالغ بالتزام منظمة الأممالمتحدة الثابتة بمسؤوليتها تجاه الصحراء الغربية بتنفيذ اللائحتين الأمميتين رقم 1754 و178 الصادرتين في 2007، إلى جانب اللائحة رقم 1813 الصادرة عن مجلس الأمن في 2008، وهي اللوائح التي قال عنها رئيس الجمهورية إنها "تحدد تحديدا جليا الإطار والشكل اللذين ينبغي أن تتم المفاوضات وفقهما". وتتزامن برقية الرئيس بوتفليقة بعد أيام من محادثات أجراها مع المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء الغربية الذي أنهى الأربعاء أول زيارة له إلى المنطقة دامت أسبوعا واحدا، وكان كريستوفر روس قد أجرى مطلع الأسبوع المنقضي محادثات صريحة وعميقة في مخيمات اللاجئين بتندوف مع الأمين العام لجبهة البوليساريو محمد عبد العزيز، حيث نقل مسؤول صحراوي حضر المحادثات أن "البوليساريو جددت التأكيد على تمسكها بجهود الأممالمتحدة لرفع الاستعمار عن الصحراء الغربية"، ورغم إدراكه لصعوبة المهمة التي كلّف بها غير أن المبعوث الأممي صرح من الجزائر أن كل أطراف النزاع لديهم "إرادة صادقة" لاستكمال المفاوضات حول مستقبل الصحراء الغربية.