صدرت مؤخرا النتائج الرئيسية الخاصة بالإحصاء الوطني الخامس من نوعه بالجزائر المستقلة، الذي جرى كما هو معلوم في شهر أفريل من السنة المنصرمة 2008. وقد حمل هذا التقرير جملة من النتائج لم تتطرق لها الإحصائيات في طبعاتها السابقة، نذكر منها نسبة الأمية بين الريف والمدينة، نسبة الربط بالشبكة العنكبوتية الدولية، نسبة امتلاك المجتمع الجزائري للحواسيب، وهي مؤشرات تحدد إلى حد بعيد مستوى التقدم الاجتماعي. الإحصاء الأخير لم يخرج عن المألوف من حيث نتائجه الرئيسية، حيث عرف المجتمع الجزائري نموا ديمغرافيا معقولا بلغ 1،6 بالمائة خلال العشر سنوات الأخيرة، وهو ما يعادل أزيد من 4 ملايين جزائري إضافي ما بين إحصاء 1998 والإحصاء الأخير الذي جرى سنة 2008، حيث بلغ عدد السكان حوالي 34 مليون شخص مع زيادة معتبرة لسكان المدن بلغت 85 في المائة، وتراجع مهم أيضا لسكان المناطق ذات المساكن المشتتة، مما يبين نسبة النزوح العالية من البادية نحو الدن الثانوية والرئيسية. كما أظهرت النتائج النهائية زيادة معتبرة في فئة العمر الثالث، التي بلغت 2,5 مليون شخص (أي الأشخاص الذين بلغ سنهم 60 سنة فأكثر)، وهذه النسبة مرشحة لأن تأخذ أبعادا كبيرة خلال العشر سنوات القادمة، حيث يتوقع خبراء الديمغرافية في الجزائر أن يصل عدد هذه الفئة المسنة إلى حدود 7ملايين شخص بحلول سنة 2030، الأمر الذي سيفرز قيما اجتماعية جديدة ونفقات ضخمة على هذه الفئة التي تزداد هشاشة من الناحية الصحية، حيث يتوقع المختصون أن تبلغ هذه النفقات المليارات من الدولارات، فضلا عن المخاطر الأخرى التي تترتب عن ظاهرة الشيخوخة الاجتماعية، التي ستفرز مظاهر غريبة وعجيبة. لكن الظاهرة المؤلمة فعلا عندنا بالجزائر وعند الأمم والشعوب التي تعطي الأهمية للعلم والمعرفة، هي ظاهرة الأمية التي ما تزال تضرب 22 في المائة من المجتمع، وهو ما يمثل بالأرقام المطلقة أكثر من 6 ملايين جزائري لا يحسنون القراءة ولا الكتابة، بل أن الأمية في بعض الولايات قاربت 40 في المائة، وهو أمر بالغ الخطورة على بلد يطمح إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية محترمة. ولو أضفنا إلى ذلك نسبة الجزائريين الذين لا يمتلكون حاسوبا أو لا يرتبطون بالشبكة العنكبوتية الدولية للاتصالات أو(الأميون الجدد)، تبدو الصورة أكثر قتامه، إذ أن نسبة امتلاك الحواسيب لا تتعدى 12 في المائة ونسبة الارتباط ب: الأنتيرنت لا تتجاوز هي الأخرى نسبة 3 في المائة. ومع أن هذه الأرقام تخفي فوارق جهوية صارخة في معظم المؤشرات، إلا أن هناك مؤشرات جد إيجابية تحققت خلال العشر سنوات الأخيرة في مجال ربط المساكن بالكهرباء والغاز والماء الشروب وقنوات صرف المياه. ونذكر في هذا المقام أن الإحصاء الوطني للسكن والسكان، سيجري من الآن فصاعدا كل خمس سنوات بدل عشر سنوات، وهذا من أجل توفير المعلومة السكانية والاجتماعية والصحية للمؤسسات المهتمة بالمسألة السكانية في بلادنا، ومن أجل كذلك تقييم القرارات السياسية المطبقة وإجراء التقييمات اللازمة على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة.