على وجه التحديد أي موقف مصري نصدق بخصوص إيران، فقبل أيام فقط كان رئيس القيادة المركزية للجيش الأميركي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الجنرال ديفيد بتراوس أعلن صراحة في جلسة استماع أمام الكونغرس أن أمريكا تساعد دولا عربية على مواجهة التهديدات الأمنية التي تحيق بها، وبحسب بتراوس هناك تهديدان أساسيان، الأول هو القاعدة والثاني هو إيران، واليوم تؤكد القاهرة أن القدرات النووية الإسرائيلية تمثل التهديد الأول والأكبر لأمن المنطقة، و أن السياسات الغربية القائمة على الضغط على إيران للتخلي عن برنامجها النووي محكومة بالفشل بسبب تجاهلها لقدرات إسرائيل النووية. ما يجعلنا نميل إلى تصديق بتراوس أكثر من الناطق الرسمي باسم الخارجية المصرية، الذي أدلى بالتصريحات المذكورة، هو أن الأول كان يتحدث في جلسة استماع أمام الكونغرس الأمريكي ولا مجال هناك إلا لتقديم الحقيقة، في حين أن الثاني كان يتحدث مع محرري الشؤون الدبلوماسية في الصحف المصرية، وهو ما يعني أن موقف القاهرة موجه للاستهلاك الإعلامي المحلي، وقد يكون محاولة للإجابة على الأسئلة التي أثارتها تصريحات بتراوس أمام الكونغرس. المشكلة هنا هي أن العرب يتعاملون مع إيران عبر الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا يعني أنهم تحولوا إلى أدوات لتنفيذ السياسة الأمريكية، وأمريكا حليف وثيق لإسرائيل ولا يمكن أن ننتظر منها ضغطا، أما الملف النووي الإسرائيلي فهو من المحظورات، لا أحد يناقش هذه القضية في الأممالمتحدة أو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا حتى على مستوى الحكومات ووسائل الإعلام في الغرب. عندما نشعر بالخطر يجب أن نتحرك لمواجهته، وكل المؤشرات تقول الآن إن العرب يشعرون بالخطر الإيراني ولا يلقون بالا للخطر الإسرائيلي، وهم يتحالفون مع أمريكا، وبشكل من الأشكال مع إسرائيل، لمواجهة الخطر الإيراني حتى تصبح إسرائيل القوة النووية الوحيدة في المنطقة، والغريب أن العرب يسعون إلى هذا الوضع بكل ما أوتوا من قوة.