مرّر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، المترشح الحر للاستحقاقات الرئاسية لأفريل المقبل، من خلال خطابه الذي ألقاه في ولاية البليدة، أمس، رسائل ضمنية، تحدى من خلالها كل من انتقد إنجازاته في العهدتين السابقتين، بما في ذلك تعديله للدستور، محاولا استمالة شريحة المجاهدين وذوي الحقوق كقوة معنوية• وحاول الرئيس الذي اختار اليوم الوطني للشهيد كتاريخ لبدء حملته الانتخابية، تبرير تعديله للدستور في شطره الخاص بالمقومات التاريخية مع ضرب عرض الحائط بكل الانتقادات، التي وجهت لهذا الخيار، قائلا "أعتقد في هذا السياق، وبصرف النظر عمن يتقولون بغير إدراك أو رؤية، أو غيرهم ممن تقودهم نوازع وأغراض يعرف الشعب الجزائري محركاتها ومصباتها، أن دسترة العلم الوطني، والنشيد الوطني، والعناية بتدريس التاريخ الوطني، باتت من الأولويات الملحة، لحفظ أركان مهمة من الهوية الوطنية، والأمانة التي تركها لنا الشهداء، وهي أن تبقى الجزائر حرة، سيدة، مستقلة وموحدة، لا ذائبة في الغير ولا مبتورة عن امتدادها الأصيل"• كما ذكّر بحتمية تعديل البند الخاص بمكانة المرأة في الدستور، وأهمية تبوئها مرتبة أعلى، حيث اعتبر أن "منح مكانة للمرأة الجزائرية في التعديل الدستوري، تشجيع لها على اقتحام الميادين الأخرى وفتح مستقبل حافل"• لا يمكن للمشككين والجاحدين أن ينكروا أن الجزائر تتقدم وتحدى الرئيس كل من تسوّل له نفسه نكران تقدم الجزائر بفضل ما تم تحقيقه في العهدتين السابقتين، حيث عدّد الرئيس منجزاته في مجال الصحة والتعليم والمنشآت القاعدية، وقال "لا يمكن للمشككين والجاحدين أن ينكروا أن الجزائر تتقدم وتتطور، بنسب مطردة وفي مختلف المجالات وبكيفية تجعلها بمنأى عن النكوص والانكفاء• مفيد أن يصبح لدينا ربع السكان في مقاعد الدراسة بأطوارها المختلفة، وأن تقتطع الدولة النسبة الأعلى من الميزانية لكي توفر لكل جزائري يافع حقه وفرصته في التعلم"• وأبدى رضاه على المنجزات المحققة في عهده في الإطار، واستيفائه لحق هذه الشريحة من خلال العناية بالتاريخ والتكفل بالإطار المعيشي، وتحسين الظروف الاجتماعية للمجاهدين وذوي الحقوق، التي وصفها "بالمكثفة والسريعة"، ونوعية الخدمات والتقنيات الحديثة في مجال صرف المنح، ومعالجة ودراسة الملفات والطعون• بوتفليقة يدغدغ مشاعر المجاهدين وذوي الحقوق ودغدغ المترشح للرئاسيات أحاسيس شريحة المجاهدين وذوي الحقوق بالإشادة بذكرى الشهيد والمكانة التي يوليها لهذه الشريحة، حيث تكلم مطولا عن الذكرى، وما حمله برنامجه لشريحة المجاهدين وذوي الحقوق خلال توليه مقالد الحكم• "يوم الشهيد في الجزائر هو عيد الفداء، عيد الخلاص من الظلم والعدوان، والاستعباد بالدم والموت"• وقال "حرصنا على تعبئة الموارد الموجهة لصون مكانة الشهيد، عبر ذويه في سلم القيم، من خلال العناية بتحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية، وتوسيع نطاق الرعاية الصحية، والنفسية للمستحقين من المجاهدين وذوي حقوق الشهداء"• وأضاف "إن العناية بالتاريخ والبحوث العلمية شهدت حركة غير مسبوقة، منذ بضع سنوات، في التوجه الذي لا بد منه لتوفر البيئة المناسبة لتشكيل هذا الوعي"• وإني أشعر بالارتياح إزاء ما ألاحظه من اهتمام متزايد بالإنتاج والبحث، واستغلال الوسائل والوسائط المختلفة المطبعية، والإعلامية والسمعية والبصرية من الإنتاج وتدوين التاريخ وتقديمه بطريقة مدروسة"• وأضاف "إن ما حققناه من إثراء للمكتبة التاريخية، وما أسسناه من ورشات للبحث العلمي التاريخي، وما حققناه من مجالات جديدة في ميدان التوظيف الفني والسينمائي والوثائقي، وفي السعي لاستغلال الفضاءات المناسبة، لإقامة معالم تاريخية والمنظومة كلها، تصب في المجرى الذي أوليه كل عنايتي، وهي التمكين وتوطيد أركان المدرسة الجزائرية للتاريخ"• فرنسا ارتكبت جرائم في حق الجزائريين وجدد الرئيس استنكاره لما اقترفته فرنسا من جرائم ووصفها بالعدوان الوحشي• وقال "لقد تميز هذا التاريخ بمحطات تاريخية مؤلمة، وبمحن شديدة تمثلت في بلوغ العدوان الاستعماري قمة وحشيته يوم قام بإعدام مجموعات كبيرة من المجاهدين أمام إخوانهم الجزائريين، ويوم تنفيذ فرنسا لواحدة من أبشع التجارب النووية السطحية في ناحية رفان بتاريخ 13 فيفري 1960، ويوم أن قررت في مثل هذا الشهر إنشاء المناطق المحرمة وإقامة الأسلاك الشائكة المكهربة وزرع ملايين الألغام المضادة للأفراد التي ما زال جيشنا يعكف على إزالتها إلى اليوم، دون أن ننسى الجريمة المقترفة على ساقية سيدي يوسف يوم الثامن فيفري 1958 وغير ذلك من وجوه وأنماط ضريبة المعاناة التي بلغ بعضها أوجه في هذا الشهر• وتوزع على الباقي من يوميات الثورة التحريرية المباركة"• بوتفليقة راض ومتفائل وأنهى بوتفليقة خطابه بالرضى والتفاؤل على الصعيد الاقتصادي، حيث قال: "إن الوطن برمته يعيش مؤشرات اقتصادية واعدة، ويعرف تحولات إيجابية واقعية يلمسها الجميع"• أما رضاه فخص منجزات وزراء القطاعات المختلفة التي دافع عنها رغم الانتقادات التي قال بشأنها "وباستثناء بعض الأصوات التي يحلو لها احتراف مهنة التغريد خارج السرب، فإنه لابد من الإشادة بجهود جميع الكفاءات الوطنية المخلصة، التي استطاعت أن تحول القطاعات العديدة في مجال الاجتماعي والمنشآت الكبرى، والمياه والطاقة، وغيرها"• ولم ينس الرئيس فضل المصالحة الوطنية على المجتمع، حيث ختم بها وبفضلها في إعادة السلم، وقال "وإذا كنا قد وفقنا في إعادة العقول إلى رؤيتها وهدوئها، ورسم اتجاهاتها ووفرنا ما يلزم لكي تستيعد التنمية الحقيقية أنفاسها والجزائر اليوم في كامل ربوعها تعيش نسائم الواقع الجديد وتلتمس الثمار"•