انطلقت أول أمس عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية بالنسبة للجالية الجزائرية المقيمة عبر مختلف دول العالم، التي ستنتهي يوم الاقتراع المقرر الخميس المقبل 9 أفريل داخل التراب الوطني، وتزامنت بداية هذا الاستحقاق الوطني الهام مع خروج بعض دعاة المقاطعة من مواقعها في محاولة منها للتشويش على الرئاسيات، ومحاولة لفت انتباه الرأي العام المحلي والدولي بتصرفات تعبر من مدى انحطاط ديمقراطيتها من جهة، وإعادة بعث ظهورها من جهة أخرى• تنتهي اليوم الحملة الانتخابية لرابع رئاسيات تعددية تعرفها الجزائر، في وقت تترقب الطبقة السياسية مستوى تحرك عملية الاقتراع وسط الجالية في المهجر، بعد التحرك الكبير للمرشحين في مختلف الاتجاهات والولايات لشرح برامجهم واستقطاب أكبر عدد ممكن من المواطنين للرفع من نسبة المشاركة، والوقوف في وجه الذين يدعون للمقاطعة لفتح الأبواب لأعداء الجزائر للتأويل والطعن في مصداقية الرئيس المقبل• ووصف متتبعو هذا الحدث الهام الحملة الانتخابية بالناجحة، رغم النقائص والتجاوزات التي عرفتها، وأن المرشحين أظهروا نضجا سياسيا من خلال تأقلمهم مع مختلف الأحداث والعراقيل، واستقطبوا مواطنين للتجمعات واللقاءات الجوارية• كما أجمع الملاحظون على نجاح التجمعات واللقاءات التي تم تنشيطها عبر ولايات محسوبة على حزبي الأفافاس والأرسيدي، رغم أن الواقع أثبت عكس ذلك، إلا أن وجود المرشحين لرئاسيات 9 أفريل في تلك المناطق واستقطابهم للمواطنين في قاعات ممتلئة كسر احتكار فكرة بقيت لمدة تسكن عقول زعماء فقدوا الكثير من لمعانهم وبريقهم السياسي والفكري• وذهب المهتمون إلى أن المرشح المستقل، بوتفليقة، عرف كيف يتعامل مع الذين يهللون للمقاطعة من خلال الحضور الهائل للمواطنين للتجمعات المنظمة، ما أربك بعض الأحزاب المنسية التي تدعي الديمقراطية، ودفعت زعماءها للقيام بتصرفات أوحت للرأي العام بأن التحرك كان رد فعل شرطي، كما يقال، يعبر عن إفلاس سياسي• فقد خرج في اليومين الماضيين بعض مناضلي حزب جبهة القوى الاشتراكية، يتقدمهم الأمين العام كريم طابو، في مدينة تيزي وزو تعبيرا عن رفضهم المشاركة في الانتخابات الرئاسية ليوم الخميس المقبل، بعد التجمع الناجح الذي أقامه المرشحون، خاصة المرشح عبد العزيز بوتفليقة، ما أربك دعاة المقاطعة وسارعوا إلى تنظيم تجمع لهم للرد على الفشل الذي عرفته دعوتهم بعد غياب عن المنطقة لعدة سنوات، ما جعل المتتبعين يشيرون إلى التخوف الكبير الذي يسكن الافافاس من الهجرة الجماعية لمناضليه وفقدانه للقواعد التي كان يراهن عليها• وفي سياق متصل، ومع ما تعيشه الأحزاب الديمقراطية المقاطعة من ارتباك وتخوف جراء الاستجابة الكبيرة لمختلف شرائح المجتمع لتجمعات المرشحين، والطفرة ''الشعبية'' التي حققها المرشح المستقل في عقر قواعدها، جعلت زعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يتصرف بطريقة وصفها المتتبعون بالسلوك السياسي المهلوس، بعد أن استبدل الراية الوطنية ب ''طرشونة سوداء'' تعبيرا عن رفضه للانتخابات، وأن هذا السلوك تخوف من ضياع الحزب واختفائه من الساحة السياسية، بعدما فقد الكثير من الإطارات، خاصة بعد رجوعه عن قرار تجميد عمله السياسي منذ يوم 15جانفي إلى غاية 9 أفريل• وأضاف تصريح، كريم طابو، السكرتير الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية، الذي جاء تنديدا بتصرف سعيد سعدي، ليؤكد ارتباك دعاة المقاطعة والاختلاف الكبير الذي تعرفه، والتفوق السياسي والميداني الذي حققه المرشحون وخاصة مرشح السلطة عبد العزيز بوتفليقة، واعتبر تصرف الأرسيدي تشويها لصورتهم أمام المواطن الجزائري، وأنه عميل للنظام، لينقلب السحر على الساحر.